والله إني متألم جداً علي وضع هذا الوطن ويشهد الله إني حريص علي مصلحته وسمعته فلذلك إنني المس حالة هيجان في الشارع لم اشهدها من قبل ، ولا اخفي على من يريد أن يسمعني ان السيل قد يكون بلغ الزبى، وان كلام الناس معظمه اصبح لدرجة انه يتسبب بسجنهم لو تمت الملاحقة القضائية، وارتفع خطاب العامة فوق خطاب المسؤولين بدرجات، ومعظم الناس الآن بعُرف القانون مدانون بالجرائم السياسية، فلا يكفون عن شتم المسؤولين بأشد الألفاظ، واتهامهم بأنهم ضيعوا البلد بسبب انقسامهم ومناكفاتهم الغير مبررة وإنهم سبب البلاء ، ويجب التخلص منهم، وقد فقدت الناس ثقتها بهم، ولا يصدقون احداً منهم، ويعتقدون إن الكل يكذب، وباتوا يظنون إن الأيام القادمة ستكون "أيام "ضَنكًا " لا محالة، إلا القلة المنتفعة طبعاً وان المستقبل مظلم وحالك السواد سواءً هناك كهرباء او لم تكن ولا من أمل . هذا هو شعور الناس اليوم لأنهم اصبحو لايثقون بالوعود والحوارات واللقاءات والمصالحة، ولا يمكن أن تتم انتخابات أصلا كما يدعون ، ولا يريدون ان يسمعوا تبريراً، والله ان الشتائم لا تكاد تفارق أفواههم شباباً وشيباً في كل مكان، في الحارات في الشارع حتي الراكبين في سيارة الاجرة ولا يخفون توقعاتهم بأنة لايمكن أن تتم مصالحة واتفاق بين الأطراف المتخاصمة ، والناس مصابة بحالة احباط لم أشعرها "طوال حياتي"، ويتطاولون على المسؤولين بلا خوف ولا تردد، وإذا حذرهم احد يردون بالقول خليهم "يقطعوا هالراس"، ولو سمع المسؤولين كلام الناس الصريح لما كفاهم كل القضاء في المحاكم للتعامل مع هذه الأوضاع، ولامتلأت السجون بالناس،ولم يبقي إلا المسؤولين في الشارع فقط . فالشارع يتسيس بسبب الانقسام بشكل متسارع، ولا أقول ذلك تهويلاً ولا شائعة حاشى لله ، بل لتتفتح الآذان جيداً، وليسمع لما يقوله الذاهبون والعائدون في كل الامكنة علناً وبلا خوف ولا وجل، فالوضع في الشارع خطير لمن القى السمع وهو شهيد، والمشاعر تتبدل بشكل جذري، فهنالك بطالة متزايدة وديون علي اولياء الأمور فالطلاب في مدارسهم وجامعاتهم يذوقون الأمرين لتدبير رسوم الساعات، ويقطتعون من قوتهم لتوفير اجرة الطريق، والطلاب لايجدون إلا القليل من المصروف، والآباء يشعرون بلأسى من وضع ابنائهم الصعب وانحنت قاماتهم من كثرة همومهم ، واصبحو يشعرون بالخوف من سوء المنقلب، وانقطع الخير من نفوس الناس ، وايام قاسية تتكالب على إنسان هذا الوطن الذي فقد صبره. فلا تكفيهم رواتبهم، والتي تمثل كافة احتياجاتهم ، ومستلزماتهم العائلية وعلاقاتهم الاجتماعية . وماذا لو تفهمنا اوضاع الناس، وادركنا الذي يعانونه، وحاولنا حل مشاكلنا مع بعض ونبذ الانقسام والجلوس في وطن واحد دون أن تفرقة الجغرافيا . وتعود اللحُمة الاجتماعية وروابطها من جديد ويعود الجار يجلس مع جاره والقريب مع قريبه وتعود المصاهرة الاجتماعية بين كافة اطياف النسيج الاجتماعي. فأنصح بإعادة قراءة حالة وضع الشارع بعد الانقسام والنتائج التي آلت إلية بسبب هذه الاوضاع وان تكون هذه القراءة من خبراء في الرأي العام، وليس من المنافقين.
فلابد من الحفاظ على روح الوحدة الوطنية ودعمها باعتبارها من الثوابت الوطنية. ويجب الابتعاد عن كل ما من شأنه بث الفتنة،حيث إن الوحدة الوطنية مكسب من المكتسبات الحضارية التي لا يمكن التفريط فيها ، ولابد علي المتحاورين والحريصين علي مصلحة الوطن والمواطن أن يقدموا مراجعة شاملة ودراسة معمقة لرأي الناس وإعادة التقييم الداخلي للخروج من المأزق المصطنع الذي وصلت إليه قضيتنا من خلال الانقسام والتشرذم وهنا يجب على الجميع ان يتحمل مسؤولياته دون طرف بعينة بإنهاء هذا الانقسام . فعلينا الجلوس معاً والتحاور والاتفاق على قاسم مشترك يجمعنا ومتابعة الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في الوطن والشتات ومعالجة كافة الأوضاع وإنهاء حالة الانقسام .
د.هشام صدقي ابويونس
كاتب وباحث في الاقتصاد والفكر السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت