نتائج هامة لزيارة الرئيس الأمريكي ولكن؟

بقلم: أكرم أبو عمرو


منذ عقود قال ممثل سوري في احد أعماله : إذا أردت أن تعرف ماذا في البرازيل يجب عليك أن تعرف ماذا في ايطاليا ، نذكر هذه العبارة ونتأمل ما يجري في منطقتنا،لأنه ربما ما يدور ودار في بلادنا هو إرهاصات لما سيجري حولنا، حيث لم تكن خيبة الأمل الفلسطيني لنتائج زيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما غير متوقعة لكثير من الفلسطينيين، لأننا لم نر من نتائج السياسة الأمريكية بصفة عامة منذ قيام دولة إسرائيل على أرضنا ، ما يتناغم مع مأساتنا ونكبتنا التي مر عليها أكثر من ستة عقود ، وعلى العكس أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وعبر إداراتها المتعددة عبر السنين عن تأيدها المطلق لإسرائيل، حتى ظننا أن إسرائيل هي الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة ، والغريب أن معظم القادة الأمريكيين يكونون في حالة تعصب وتأييد أعمى لإسرائيل، وذلك أثناء فترة ولاياتهم ، ولكن بعد مغادرة هذه المناصب تتغير هذه المواقف لتنتقل إلى التأييد أو على الأقل بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ولكن متى بعد ابتعادهم عن مركز اتخاذا القرار ، نفهم ذلك والسبب يعرفه القاصي والداني ، انه اللوبي الصهيوني الذي يتغلغل في مناحي الحياة الأمريكية خاصة الاقتصاد والإعلام وما لهذا اللوبي من تأثير ضخم على السياسة الأمريكية بدئا من الانتخابات الأمريكية إلى لحظة اتخاذ القرار ، لذلك كانت خيبة آمالنا في الزيارة التي قلل كثير من الفلسطينيين من أهميتها .
وهنا وعلى الرغم من قلة أهمية الزيارة فلسطينيا ، لان الرئيس الأمريكي أعلن صراحة وبكل قوة تأييده المطلق لإسرائيل ، كاسلافة من الرؤساء الأمريكيين ، وان كان قد أيد رؤية الرئيس بوش التي لم تتحقق حتى الآن بضرورة الحل على أساس الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ، فإننا نرى أن هذه الزيارة جاءت في ظرف استثنائي تمر بها منطقتنا ، هذا الظرف يتجاوز قضيتنا في أجندة النشاط السياسي الأمريكي في منطقتنا في هذه الأيام ، انه الملف النووي الإيراني ، والملف السوري ، وبالضرورة أن يلتحق بهما حركة حماس وحزب الله في لبنان .
وقبل أن نتعرض لهذه الملفات وعلاقتها بزيارة الرئيس الأمريكي لا بد من أن نوضح جملة من الأمور حدثت وبشكل مفاجي ء ولم نكن نتوقعها ، وان كان قد تم التمهيد والإعداد لها منذ فترة لأنها لا يمكن أن تأتي فجا ووليد اللحظة الأول ، هو الإعلان عن المصالحة التركية الإسرائيلية، التي وصلت مرحلة من التشنج خاصة من الجانب التركي ، وهي أشبه بمن سكب كوبا من الماء البارد جدا على رأسي كل من اردوغان ونتنياهو لكي يحدث لهم نوعا من الإفاقة السياسية القائمة على المصالح المشتركة ، ترى لماذا هذه المصالحة بهذا الشكل المفاجئ ، ثم إقحام رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة في هذه المصالحة، ونحن هنا لا نستطيع أن نقول لتركيا إلا شكرا ، ولكن ماذا بعد .
الأمر الثاني هو تحويل الولايات المتحدة أموال المساعدات التي كانت مجمدة بقيمة 500 مليون دولار إلى السلطة الوطنية الفلسطينية ، وإعلان الاتحاد الأوروبي عن نيته تحويل 1200 مليون دولار خلال العام الحالي ، حسب قول وزير الخارجية الفلسطيني.
الأمر الثالث ، دعوة أمير قطر بعقد مؤتمر قمة عربي مصغر لبحث المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة .
الأمر الرابع ، ما اقترحه الأمير القطري من إنشاء صندوق لدعم القدس بقيمة مليار دولار ، وأعلن عن استعداده لدفع 250 مليون دولار في هذا الصندوق .
وقبل أن يقول احدهم ألا تعجبك هذه المساعدات ، أقول تعجبني والله ، وهذا ما كنا نتمناه دائما ، وشي جميل ولكن السؤال من قبل تم اعتماد 500 مليون دولا في مؤتمر سرت بليبيا ، لم يدفع فيه دولار لماذا ، من قبل أقرت القمم العربية السابقة وآخرها قمة بغداد العام الماضي بتوفير شبكة آمان عربية للسلطة قيمتها 100 مليون دولار شهريا ، لم يدفع إلا القليل لماذا ، ولماذا تركت أمريكا إسرائيل تعربد على الفلسطينيين بحجز أموال الضرائب ـ لدرجة أن رواتب الموظفين لم تدفع بالكامل طوال الفترة الماضية ، لماذا ترك العرب الفلسطينيون مع انقسامهم وكانت القمم تعقد ، فلم يتم التطرق إلى المصالحة بهذا الطرح ، أسئلة كثير نبحث عن إجابات لها ونربطها مع ما يجري اليوم .
اعتقد أن الإدارة الأمريكية قد بدا لها إن الأمور قد نضجت لإنهاء الملف النووي الإيراني ، والملف السوري ، ولكي تنهي هذه الملفات لا بد من أيدي عربية داعمة ماليا ولوجستيا، لان كلا البلدين ما هو في قلب الأمة العربية جغرافيا والآخر جارها ليس بعيد عنها، ولكي تنفذ الولايات المتحدة خططها المرسومة وبالتأكيد بإشراك كل من إسرائيل وتركيا في ذلك قامت بهذه الخطوات التي رأيناها ، وهي أولا بترطيب الأجواء بين كل من تركيا وإسرائيل وعودة المياه إلى مجاريها ، وثانيا عدم فتح المجال للعرب للاعتراض أو القول بان أمريكا تريد إنهاء الملف السوري والإيراني بينما الملف الفلسطيني وتعقيداته ما زالت لا تلقي له بالا، الأمر الذي قد يعمل على تأجيج الرأي العام العربي لدى الشعوب العربية وربما تتشكل بعض العوائق إثناء تنفيذها لمخططاتها، لذلك لا بد من القيام بعمل ما على الأقل يسكت الألسنة وربما تطبيق المثل القائل اطعم الفم تستحي العين ، وكان الفلسطينيون أزمتهم أزمة مال فقط ، هذا من جهة من جهة أخرى رفع التحفظ على تحقيق المصالحة الفلسطينية ، وبالتالي تكون الأجواء العربية مهيأة للبدء في تنفيذ هذه المخططات ، ولعل أول بوادر هذه المخططات ما قامت به جامعة الدول العربية من السماح لوفد المعارضة السورية من احتلال مقعد سوريا في الجامعة العربية والقمة العربية ، هذا يعني وكما يشير المحللون بان باب الحل السلمي قد أغلق في انتظار الحل العسكري ، الذي لا يعرف نتائجه إلا الله مع انه من المؤكد أنه لا يأتي إلا بخراب وتدمير سوريا وربما تفتيت الأراضي السورية والشعب السوري ، هذا من جهة من جهة أخرى توجيه ضربة ربما إسرائيلية بدعم أمريكي لإيران لإجهاض برنامجها النووي ، ولإحداث خلل في ميزان القوى في المنطقة طبعا لصالح إسرائيل ، ومن ثم وحسب رؤيتهم ينكشف الغطاء عن حركة حماس في فلسطين وحزب الله الذي من المحتمل جره في الصراع في سوريا لانهاكة والقضاء عليه أما حركة حماس فإن الطائرات الحربية الإسرائيلية تمزق سماء قطاع غزة ليل نهار وما قطاع غزة ببعيد عن العسكريين الاسرائيلين والجيش الإسرائيلي ، وفي النهاية نرحب بكل يد تمد إلى شعبنا المحاصر ، شعبنا الصابر الصامد ، ولكن لا تذبحونا ،
مجرد رؤية نراها وربما ليست بعيدة ، نأمل من قياداتنا الفلسطينية على اختلاف ألوانها وأطيافها التمتع بالإرادة الصادقة لتحقيق المصالحة وعودة اللحمة الوطنية ، وهي السبيل للحفاظ على ذاتنا في وسط ما سنتعرض له من رياح عاصفة من حولنا .


أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين

27/3/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت