إسرائيل غير راضية عن نتنياهو ..

بقلم: مازن صافي


لفت انتباهي خبر نشرته اليوم صحيفة ” هآرتس ” الإسرائيلية الذي يبين استطلاعا للرأي يوضح مدى شعبية ومدى رضا الجمهور الإسرائيلى عن القيادات السياسية فى إسرائيل ، وقد كانت النتائج مفاجئه جدا حيث جاء رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في المرتبة الخامسة الذي انخفضت شعبيته من 53% الى 48% ، فيما حصل وزير الأمن المنصرف أيهود براك على 50%، الذي ازدادت شعبيته بسبب اعتزاله الحياة السياسية وجاء في المرتبة الرابعة .
كما أظهرت النتائج أن الرئيس الإسرائيلي “شيمعون بيريز” قد تربع على عرش الرضا الجمهوري بحصوله على أعلى أصوات الجمهور الإسرائيلية كأفضل شخصية سياسية وهي المرتبة الأولى من بين تلك الشخصيات التي وصل عددها إلى 15 شخصية .
هذا الاستطلاع أعادني الى استطلاع تمت في 1996، وقبل الاستطلاع من المهم ان نذكر أن الرصاصات التي أصابت قلب اسحاق رابين كانت تشير الى معادلة مختلفة أشارت الى ان اتفاق اوسلو وبنود الحل النهائي وبما يخص القدس قد اعتبر في اسرائيل انه تجاوز للحدود ، وبالتالي فقد استهدفت الرصاصات المشروع السياسي الذي قاده رابين ومنذ ان سقط مضرجا بدمائه سار المركب الإسرائيلي بدون ربان وتم التنصل من بنود الاتفاقيات وبدلا من الذهاب للحل والسلام تم التوجه الى التحريض ضد أي سياسة سياسية تجاه الفلسطينيين وهذا ما قاده بنيامين نتنياهوو منذ ذلك الوقت .. وجاء شمعون بيريز الذي حل مكان رابين كرئيس للحكومة وتحمل مسؤولية وقف تنفيذ بعض التعهدات التي حانت مواعيد استحقاقاتها في عهده .. وبدأت السياسة الاسرائيلية تنحني منحى آخر .
في ذلك التاريخ اظهرت نتائج الانتخابات في اسرائيل أن الشارع الاسرائيلي منقسم على نفسه بين اليمين واليسار وفاز نتنياهوو بـ50.4% ونتيجة لذلك اختار بيريز طريق العدوان على لبنان ومجزرة قانا .. ومنذ ذلك التاريخ دخلت العملية السلمية في مأزق الجمود وصولا الى الهاوية وكانت الأصوات الإسرائيلية تتأثر ارتفاعا وانخفاضا بمستوى الاقتراب من أي سلام او حلول تجاه السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ..
وبعد انتفاضة النفق الذي تسبب بها نتنياهوو وسقط خلالها عشرات الشهداء ومئات الجرحى الفلسطينيين فضلا عن 16 قتيلا اسرائيلا اضطر وبضغط من الولايات المتحدة لتوقيع بروتوكول الخليل لكنه في الشهر التالي للاتفاق وافق على بدء البناء في جبل أبو غنيم والمساس بالقدس وتعطيل العملية السلمية ، وكان الجمهور الإسرائيلي متوافق معه حيث ايده 72% وبالتالي كان الاستيطان هو مؤشر القبول والرفض تجاه أي شخصية إسرائيلية أو موقف سياسي ..؟

وتأزم الوضع في إسرائيل وأصبحت في صورة حرجة أمام العالم ، وخرج نتياهوو من اللعبة السياسية ليدخلها أيهود باراك الذي اعتبر أن تحقيق السلام هو عامل هام ومع الحفاظ على أمن إسرائيل ورفع اللاءات الثلاثة ومنها لا لعودة اللاجئين ولا لتقسيم القدس ، ولا للعودة الى حدود 1967م ،و اعتبر انه أفضل من نتنياهو لكنه سرعان ما أظهر انه ذاهب الى الحرب المفتوحة على الجبهة الفلسطينية وفي داخل السلطة الوطنية الفلسطينية ، ولم يسجل على نفسه خلال العام والنصف من حكمه انه حل قضية واحدة من القضايا العالقة ، وغادر رئاسة الحكومة مهزوما على يد اريئيل شارون في انتخابات فبراير 2001 حيث تسبب بزيارته الى الأقصى الى غضب فلسطيني تحول الى انتفاضة عارمة ، ومع ذلك فاز في الانتخابات وحصل على الأصوات التي تدلل على أن المجتمع الإسرائيلي يميل الى بقاء الاحتلال واستمراره والتمدد الاستيطاني وممارسة العنجهية الاحتلالية ضد الشعب الفلسطيني .
فهل نقرأ نتائج الاستطلاع على انه مؤشر نحو تصعيد إسرائيلي جديد ، واستمرار الاستيطان وتمدده واستباق أي مؤشرات نحو حل إقليمي كما أشار له الرئيس الأمريكي أوباما في زيارته للمنطقة الأسبوع الماضي ..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت