مفارقات هامة بين بيان القمة العربية وبيان قمة البريكس

بقلم: أكرم أبو عمرو


لعل هذا الأسبوع كان حافلا سياسيا على الصعيد العربي والصعيد العالمي ، حيث عقت قمتين ، قمة عربية تمثل دولا تحتل مركزا متوسطا في العالم أو بالأحرى تحتل قلب العالم ، وعدد سكان يزيد عن 365 مليون نسمة ، وموارد للطاقة هي الأهم في هذا العالم ، ومنافذ بحرية وخطوط مواصلات تربط الشرق بالغرب ، مطعمة بحضارة عريقة ، وقمة أخرى عقد في جنوب إفريقيا تسمى قمة مجموعة البر يكس ، وهي مجموعة من خمس دول فقط حتى الآن إلا أنها تشغل نحو 40% من مساحة دول العالم ، وتضم أكثر من نصف سكان العالم .
مجموعة ومجموعة كلاهما انشيء من اجل الوحدة ليس بالمفهوم الجغرافي ، بل بمفهوم العمل والتنمية والعدل والسلام ، ونبذ التفرد والهيمنة .
عندما تنظر وتتأمل فيما صدر عن القمتين من بيانات وقرارات، تجعل المرء المتابع لشئوننا العربية يصاب بالغثيان ، والحسرة والألم تتسلسل اليى جسمه مما سمع وقرأ .
قمة رأت في نفسها وفي إمكاناتها وتاريخها ، وأهدافها وطموحاتها ما تستطيع أن تقول للولايات المتحدة الأمريكية بجبروتها لا ، لا لسياسة القطب الواحد ، لا لاستغلال الشعوب ، لا للحروب المنتشرة هنا وهناك ، تحت مسميات زائفة ومضلله باتت مكشوفة الأهداف والنوايا ، بدعة ابتدعتها أمريكا أسمتها محاربة الإرهاب ، لكي تعكس المفاهيم والوقائع ، فمن تغتصب أرضه ، ويقتل ويشرد في المنافي ، وعندما يحمل السلاح لمقاومة غاصبيه واسترداد حقوقه يصبح إرهابي وجب ملاحقته واجتثاثه لأنه خطر على الإنسانية ، وخطر على السلام العالمي ، أما من يغتصب الأرض وينتهك العرض وينهب الموارد ، فهو ضحية الإرهاب وجب مساندته ودعمه حتى يعيش هانئا آمنا .
قمة تدعو إلى السلام والتنمية والتحرر قمة لم يجمع أصحابها إلا لغة التعاون لا تجمعهم لغة ولا تاريخ ولا جغرافيا سوى أنهم من أبناء هذا العالم .
أما قمتنا العربية فهي قمة الانبطاح ، قمة السيد الأمريكي الذي لا يخالف ، قمة المصالح الفئوية والإقليمية لا قمة مصالح الشعوب العربية بل إن الشعوب العربية لم تكن على أجندة هذه القمة، قمة شغلها الشاغل من يكون الزعيم ، من يكون بيده التأثير والقرار والمصير ، قمة لا تعمل على التوحيد بل تعمل على التفتيت والتنفير ، قمة خرجت عن كل أدبياتها مستغلة ما تشهده الأمة من حالة للفوضى ساهم البعض فيها ، حتى يتمكن من اللعب هنا وهناك ،
في الوقت الذي كرست فيه القمة العربية حالة الدم النازف في سوريا بقراراتها الأخيرة ، فإن القمة الأخرى دعت بكل قوة إلى نبذ العنف في سوريا واعتماد لغة الحوار كحل وحيد لحل الأزمة السورية ، في الوقت الذي تفتح القمة الباب على مصراعيه لتدفق الأجانب إلى سوريا تحت غطاء الدعم للمعارضة ، فإن القمة الأخرى تقول اتركوا سوريا للسوريين هم كفيلون بحل مشكلتهم ، عندما تتجاهل القمة ما يتعرض الفلسطينيون ، وتتجاهل الاستيطان والحصار والاحتلال إلا في بياناتها التي تكررها منذ أمد بعيد بدون أي إجراء عملي لمساندة الفلسطينيين حتى أن الدعم المالي الذي يتم اقرارة في قمم العرب لم يجد طريقة إلى فلسطين وتبقى القرارات حبيسة الأدراج ، ندعو البر يكس إلى عدم شرعية الاستيطان، وتدعم وتؤيد الشعب الفلسطيني في حقه بدولة مستقلة ذات سيادة .
أمور كثيرة تجدها وبعجالة بين هذه وتلك ، ولكن عزاؤنا هو أننا على يقين أن العالم سيتغير بل أن عجلة التغيير قد بدأت ، وليت دولنا العربية تسرع وتلحق بالركب من أجل عزتها وكرامتها ، من اجل إنسانها وإمكاناتها ، ولننظر من هي دول البر يكس ، إنها مجموعة من الدول كنا عما قريب نسميها دولا نامية ، اليوم أصبحت دولا عملاقة لها اقتصادها القوي ، وكلمتها التي لا تستطيع معها أمريكا أن تقف ضدها لسبب بسيط أنها استغنت عن أمريكا ودولاراتها ، دول عرفت إمكاناتها فصممت على استغلالها أحسن استغلال ، ولم ترسل أموالها إلى خارج بلادها ، ولم تستثمر أموالها إلا بما يخدم شعوبها فكيف كانت الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا بالأمس ، وكيف اصبجت اليوم .
نتمنى أن تنهض الجامعة العربية من سباتها ، وتعيد قراء ميثاقها وأهدافها ، حتى تكون سندا للعرب في هذه الظروف الحالكة ، وباليتها تلحق بركب البر يكس على الأقل كمجموعة عربية لها من الإمكانات والموارد والقوة ما يؤهلها الانضمام إليه ، من أن تسخر قواها لتفتيت الأمة وشرذمتها ، وبدلا من إن تكون أداة طيعة في يد من لا يريدون للعرب خيرا ويتربصون بهم الدوائر .


أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين

29/3/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت