الكثير منا إن اضطر للنوم خارج منزله، تجده تلك الليله يجافيه النوم بحجة تغير عليه فراشه او حتى وسادته التي اعتاد عليها ، والبعض عندما يسافر ويسكن في ترحاله وسفره بالفنادق يجده يتحدث بأنه وجد صعوبة بالنوم واحتاج وقتاً ليعتاد ذلك . كيف إذاً اخوتنا وأشقائنا الذين فروا بأرواحيهم وشرفهم من الطاغية بشار ونظامه وشبيحته ، الذين عاثوا فساداً وقتلاً وتنكيلاً وهتك لأعراض حرائر سورياً ، ولجئوا اليوم لأخوانهم وأشقائهم في الأردن رغماً عنهم .
كثيرون هم الذين يتململون من الوجود السوري في الأردن، ولكن الغالبية الساحقة والصامته ترحب وتتقاسم رغيف الخبز مع اخوتهم من المهجرين ، وأستغرب جداً من البعض الذين يكتبون بالصحف والمواقع الألكترونية عن أن الأردن تضرر من هذا التواجد المتزايد للمهجرين. ولفت انتباهي لأحد العناوين التي تحدثت عن هذا الموضوع ( مخيم النازحين الأردنين ) بحجة ان المدن الحدودية كالرمثا والمفرق هم أكثر من يعاني من أزمة التهجير القسري لأخواننا وأشقائنا السورين ، وتناست الزميلة التي كتبت الموضوع أن الأردن منذ القدم ثلثي وارداته من المنتجات السورية وخصوصاً هاتين المحافظتين وانا أقسم بأن ابن الرمثا والمفرق لغاية فترة قريبة حتى الفاكهة واللحوم كان يشتريها من سوريا والمنتجات السورية رخيصة الثمن مقارنة بمثيلاتها في الأردن بحيث ابن عمان والكرك والطفيلة وباقي المدن بإستثناء المدن الحدودية المحاذية لسوريا يشترون كيلو اللحم بعشرة وأحد عشر دينار للكيلو بينما المدن الحدودية والتي لا تأكل إلا من منتجات سوريا الأقل سعراً والأكثر جودة .
حرام هذه الاسقاطات وهذا التململ أيضاً لا ننسى أن ثلثين الشعب الأردني أيضاً تهجر ونزج رغماً من فلسطين نتيجة التنكيل والقتل من قبل العدو الصهيوني .
أزمتنا أزمة أخلاقية لا أزمة مالية ، أزمة في قيمنا وأخلافنا وديننا ، التي خضعت جميعاً ليس لسلم القيم بل لسلة العملات ، فلنتقي الله بأنفسنا أولا ، ولنتذكر أن حياض الثورات كل واردها، وأن الثورات التي حدثت في بعض الدول العربية ضد الظلم والطغيان لسنا بعيدين عنها ، في ظل التخبط الرسمي الذي أوصل الأردن لحافة الهاوية ، ولنتذكر أن أزمتنا الاقتصادية هي من قبل التواجد لأشقائنا المهجرين، من اللحظة التي بيعت بها كل مقدرات الوطن ورهن مواطنيه للبنك الدولي ، منذ أن أصبح الفساد والفاسدين يتحكمون في قوت المواطن الأردني ، منذ أن أصبح المواطن أجيراً يدفع الضرائب تلو الضرائب وكلها تذهب لجيوب الفاسدين، والذين نعرفهم كلنا وما زالوا هم من يضعون السيف على رقابنا .
فيا شعبي العزيز ، يا أيها النشامى ، فلنكن نشامى في كل شيء وليس فقط في الرياضة لنتميز بمواقفنا الشعبية النبيلة المنطلقة من ديننا الاسلامي دين التعاطف والتسامح دين المهاجرين والأنصار ، الدين الذي نزل على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، ولا ننسى ايضاً القيم التي علمها سيدنا عيسى المسيح لاتباعه ومناصريه، السلام والحب والتعاطف .
ولنتذكر كما أسلفت سابقاً أن كأس الليالي والأيام ليست حكراً على أحد بعينه والأيام تخفي أنيابها وكل شارب من تلك الكأس ، سوريا تمر بأزمة ومصير الشعب الذي طالب بحريته أن ينتصر فالظلم عبر التاريخ دائماً مندحر ، وسوريا منذ القدم هي بلدنا الثاني والشقيق .
سوريا التي درس معظم أبنائنا في جامعاتها ،سوريا التي كنا نذهب اليها للسياحة ونعود محملين بخيراتها زهيدة الثمن ،سوريا الأخوال والأعمام ،والأصدقاء ، وحتى الرفاق ، سوريا الثقافة والفن والجمال والطبيعة
وأخيراً فليكن شعارنا : قلوبنا مرحى لكم أنتم بين أهليكم ورزقنا ورزقكم على الله وليس على الدول المانحة ، ولنتذكر ان سوريا هي توأم الروح والأقرب لقلوبنا ووجداننا ،وموقفنا هذا واجب أخلاقي وديني وليس فيه مهتة أو منة ...!!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت