يسقط المناضل تلو المناضل ، ويستمر الشعب الفلسطيني في النضال والعالم المتحضر غائب عما يتعرض له اسرى الحرية البواسل في سجون الاحتلال الصهيوني العنصري ، لم يكن ميسرة ابو حمدية اخر شهداء الحركة الأسيرة الفلسطينية ، ولم يغب شهرا على اغتيال الشهيد عرفات جرادات ، غادرنا ميسرة نتيجة عدم الافراج عنه ونتيجة الاهمال الطبي.
لقد سئم الشعب الفلسطيني حالة الانتظار ، لان المفردات السياسية لم تعد تفعل شيئ ، فتنطلق شرارة الانتفاضة ، وتنطلق شعلة الثورة ، لاننا سئمنا انتظار المجتمع الدولي الذي لم يجلب للشعب الفلسطيني واسراه سوى الكوارث ، ولنسخر نضالنا في خدمة فلسطين والشعب كما يجب أن تكون عليه الأمور ، وأن خشبة النجاة الوحيدة هي كيف نتخلص من هذا الاحتلال الجاثم على صدور شعبنا وارضنا هذه الأسئلة المشروعة والكثيرة كانت تدور في ذهن كل ابناء الشعب الفلسطيني ، الأجيال تمتلئ غضب ، وبين هذا وذاك نقول اتت اللحظة التاريخية من اجل انتفاضة ثالثه هذا باختصار حقيقة ما يجرى ولا جدوى من محاولة لوم على من يقف خلف ذلك، فهذا المسار هو منتج فلسطيني بامتياز ، فلم يعد مقبول انتظار المفاوضات لانها لم تعد تنفع بشيئ سوى بزيادة الاستيطان ونهب الارض ، وان الانتفاضة اذا اشتعلت لم تجلب الفوضى والخراب بل ستعطي نتائج مثمره .
ان استشهاد الاسير ميسرة الذي صمد امام جبروت المرض كشف الوجه القبيح للكيان الصهيوني ولصمت المؤسسات الدولية وتواطؤها امام ما يتعرض له الاسرى .
أن استشهاد الاسير المناضل ميسرة يمثل جريمة جديدة تضاف الى سلسلة الجرائم الطويلة والكثيرة، التي ارتكبتها حكومات الاحتلال المتعاقبة ممثلة بادارة مصلحة سجونها، ضد الاسرى الفلسطينيين البواسل القابعين في اقبية وزنازين معتقلاتها. وما عملية الاسستشهاد الا شكل من اشكال الارهاب الممارس ضد المدنيين وسجناء الحرية ، وهذا يتطلب من مجلس حقوق الانسان والمؤسسات الدولية موقفا واضحا من الممارسات اللاانسانية، التي تتناقض وتتنافى مع معايير ومبادئ حقوق الانسان.
من هنا نرى اهمية استنهاض القوى الحية واحرار العالم الى ضرورة تفعيل تحركاتها ودعمها للحركة الاسيرة المناضلة وكشف جرائم الاحتلال الذي تجاوزت كل القيم والمثل الانسانية ، فلا يجوز ان تغض النظر عن هذا الرصيد المشرف للانسانية جمعاء .
من هنا نؤكد على اهمية تكثيف الجهد الجماعي للقوى السياسية والشعبية في الخارج والأسرى في داخل السجون وتطوير الخطة الإستراتيجية بمقارعة الاحتلال الصهيوني حتى تقطف الحركة الأسيرة ثمار نضالها .
ان أسرانا الأبطال الذين ضحوا بالغالِي والنفيس هم العنوان الأكبر والأبرز في صراعنا ومعركتنا الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي وقد حققوا صمود أسطوري في سجون الاحتلال وقد أمضوا عشرات السنين في اقبية وزنازين الاحتلال الغاشم .
ان عهود العبودية والعنصرية تبقى وصمة عار وخزي في جبين منتهكي حقوق الانسان وعلى راسهم الصهيونية ، ونحن تعلمنا ان ايمان اسرى الحرية لا يتزعزع وان الامل في قلوبهم بحتمية النصر والتحرير مهما طال الزمن .
وامام ما تقدم فأن المطلوب هو تشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق المحايد في ملابسات شهداء الحركة الاسيرة، وسيظل الشهيد ميسرة رمزا وعنوانا للصمود والبطولة والشموخ والعزة والتحرير والانعتاق والحرية.
ان قضية الأسرى بحاجة لإسناد حقيقي على أكمل وجه ولا حاجة للنفاق في القول والإنتقاد خاصة إن كان المنتقد غائبا أو عنصر موسمي حيث أن العمل الوطني والإنتصار للأسرى ولأرواح شهداء الحركة الأسيرة في سجون الإحتلال الإسرائيلي ولصرخات وأوجاع وأنات أمهات وآباء وأطفال وزوجات الأسرى يتطلب روحا ونفسا طويلا ذو نكهة وطنية أصيلة خالية من شر النفاثات في العقد أو من استصراخ فيه حق يراد به باطل .
أن الأسرى بحاجة لأقلام صادقة وعلى كل المستويات لتنبش في الصخر وترسم الوجع بحبر حقيقي ، فمتى نستطيع أن ننهض من كبواتنا وغفواتنا وننفض الغبار عن فكرنا لنكتب جملة مفيدة تبعث فينا أملا نحو مستقبل مزدهر لاسرانا .
ختاما : لا بد من القول انه بالرغم المرارة والألم لا يزال يحدونا الأمل في أحرار العالم أن تكون قضية الأسرى محور اهتمامهم، ، وهذه فرصة للعمل الجاد لتحقيق اختراق في هذه القضية، ونقلها من الساحة المحلية إلى العربية والدولية، لكي نشكل جبهة ضغط على الاحتلال، للإفراج عنهم، أو على الأقل تطبيق المواثيق الدولية المتعلقة بحقوقهم.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت