البدء كذبة نيسان ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة


وهل تحتاج بحيرة حياتنا الجافة ،والراكدة من المصداقية ،والانسجام في كافة المناحي إلى تعبئتها بأكاذيب ،وخدع حتى نزينها ،وقد تشوهت خلقيا بسياسات ساقطة ،وما أكثر السقوط في بلاد العُرب أوطاني ..سقوط الثورات ،وسقوط القمم صوب القيعان ، وسقوط ورقة التوت ، و الزيتون ،والنخيل ،إذا لم تسقط الخلافة الإسلامية من قبل فحسب ،ولم يسقط كذلك فستان أليسا كما يقولون، بل صرنا عرايا في زمن الانحلال، والضياع !!
حقيقة الأمر أن أشد ما يزعجني هو ،أننا في كل عام ،وفي أول يوم من شهر نيسان ،وما أدراك ما نيسان ؟!! ،ذاك اليوم الذي نسمع فيه الأعاجيب ،والأساطير ،وكيف لا وقد أجزنا فيه الكذب وصرحنا به علانية جهارا نهارا ، لتنضم قوافلنا إلى الذين يكذبون طوال العمر، والذين لم يغير ذاك اليوم فيهم شيئا ،وكأن الأمر بالنسبة لنا مباح بكل بساطة !!،فاحتفلنا به أكثر من مناسباتنا الوطنية والقومية وقد جعلناه يوما فاق قدسية يوم الأسير، ويوم التحرريات والاستقلاليات في بلداننا العربية.. بل فاق يوم الكذب احتفالنا بيوم الأرض ،وما أصعب أن نترك الحقائق ،دون صدى ،ودون رعاية فنتشبث بالأباطيل ،ولو تساءلنا لما يحتفل العالم بأسره فيما عدا الشعبين الأسباني والألماني.. لعلمنا أن هذا اليوم مقدس في إسبانيا دينياً أما في ألمانيا فهو يوافق يوم ميلاد "بسمارك" الزعيم الألماني المعروف.
أعداؤنا نصبوا الشباك كعادتهم لاصطيادنا كأسماك ضلت الطريق ،أو كالجراد ،وكم من أناس في عالمنا العربي وهم كثر، قد سقطوا في مكائد تلك الشباك ..خدعونا فقالوا لنا : كونوا صادقين طوال العام وأنّى شئتم ..كونوا ملتزمين دينيا وأخلاقيا وإنسانيا ،و لكن لا تنسوا أيها الأحباب أن تكذبوا في أول نيسان ..!! ولن أتطرق ولا يعنيني التناول إلى أصل هذه الكذبة المُنتشرة في غالبية دول العالم بإختلاف ألوانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم ،ولكن الذي يثيرني دائما هو النتيجة الكارثية والموجعة ، لتلك الكذبة التي قاموا بتنقيتها وتصفيتها وتغليفها بالطرائف والفكاهات والقصص المثيرة والدعاية والأمر مفتوح على كافة الشرائح البشرية إعلاميون وساسة ومثقفين وبسطاء حتى نتمكن من تجرعها جميعا كالماء والهواء ،وحتى يسهل رواجها فلا نفكر في عواقبها ،ولو فكرنا، ولو للحظة لعلمنا أن كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر!!،كم من جرائم قتل ارتكبت بفعل تلك الكذبة..!! وكم من حالات طلاق تمت تحت شعار ذات الكذبة .. ولأن أعداؤنا يعلمون أن الكذب يخالف عقيدتنا وأن ديننا الإسلامي ينهانا عن الوقوع في دروب الكذب ،وأن هناك آيات كثيرة ورد ذكرها في القران العظيم ،وعلى أثر الكذب سواء بمطالعتهم لكتاب الله ومن هذه الآيات قوله سبحانه و تعالى: " وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [ النحل : 116 ] .
" إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى "[ طه : 48 ] .
" فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ "[ المؤمنون : 48 ] .
" وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ" [ الحج : 57 ] .
"بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا" [ الفرقان : 11 ] .
"فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون "[ الشعراء : 6 ] .
" قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ" [ الشعراء : 12 ] .
" فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا" [ الفرقان : 36 ] .
" وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ" القصص 34
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ [ العنكبوت : 68 ]
وكما أن هناك أحاديث للزجر تناولت أضرار الكذب وعواقبه ،ومن تلك الأحاديث أكتفي باستنادي بما أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، ومايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، ومايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا"

إذا علينا جميعا كعرب ،وكمسلمين أن نتيقن الدسائس ،والفتن وأن نضع نصب أعينا قول الله سبحانه : (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت