في ظل غياب الاهتمام المباشر بقضية الأسرى الفلسطينيين الأبطال من قبل دعاة حقوق الإنسان ,وفي ظل غياب الدور العربي للمطالبة بالإفراج عن أسرى الحرية فان إسرائيل تتلاعب بأرواح أسرانا وتنفذ إعدامات بطيئة بحقهم لذلك حان وقت الاستيقاظ من غفوتنا والانتفاض وعدم التوقف عن الاحتجاجات بكافة أشكالها حتى يتم الإفراج عن جميع الأسرى وتحرير أرضنا الفلسطينية , اليوم أفاقت فلسطين علي جريمة بشعة بحق الأسرى حيث استشهد احد أبطال الحركة الأسيرة الشهيد ميسرة ابو حمدية ابو اسنينه 64 عاماً ، واعتقل في سجون الاحتلال في أيار من العام 2002 وأصدر الاحتلال عليه حكما بالسجن 25 سنة ومن ثم رفع الحكم إلى المؤبد مدى الحياة، وكان يعمل في جهاز الأمن الفلسطيني وفي مكتب منظمة التحرير في الأردن ، بعد إبعاده إلى الأردن عام 1970م ، التحق في صفوف الثورة الفلسطينية وكان من مناضلي القطاع الغربي في لبنان ، ويعتبر الشهيد من ابرز قيادات الحركة الأسيرة و كان يتمتع بعقلية فذة و شهد له بالتدين والالتزام بالعبادات، ولدية عقلية استراتيجيه مميزة .
عاد أبو طارق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1998م ، والتحق بصفوف جهاز الأمن الوقائي وعمل قائدا وعاشقاً لوطنه ودينه
وكان مثالا للوحدة الوطنية وتجميع الأسرى أثناء أسره ، حيث عمل ابو طارق خلال اعتقاله على تقريب وجهات النظر بين أسرى حماس وفتح ، لا بل كان يعمل على إعداد مشروع مصالحة بين فتح وحماس من داخل السجون والمعتقلات ولكن قوات الاحتلال ارتكبت جريمة بشعة وخطيرة مع سبق الإصرار بحق الأسير ميسرة بسبب الإهمال الطبي والتلكؤ بالإفراج عنه مما أدى إلي فقدانه الوعي عدة مرات وسقط أرضا وأصيب بجروح، ولم يستطع الكلام بسبب تفشي مرض السرطان في الغدد والحنجرة.وخلال الشهرين الأخيرين ومنذ اكتشاف السرطان لديه طرأ تدهور متسارع وكبير على وضعه الصحي، مما هدد حياته، وأصبح مؤخرا بين الحياة والموت، عانى من انتفاخ في الغدد الليمفاوية، وهبوط حاد في الوزن، وعدم القدرة على النطق وأوجاع في كافة أنحاء الجسد، خصوصا الأضلاع والعضلات وعدم استطاعته النوم ليلا ونهارا من شدة الألم.انه لشيء خطير ما تتعرض له الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال أمام صمت دولي متعمد ومريب وما زلنا أمام خطر شديد يحدق بالأسرى المضربين عن الطعام، وما زال هناك عشرات الحالات التي تعاني من أمراض مزمنة وبحاجة إلى العلاج، ويتحتم على العالم التحرك العاجل والفوري على ضوء تدهور حالتهم الصحية.
إن استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية وصمة عار على جبين الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع الدولي حيث استشهد و كان قبله بقليل المناضل الأسير عرفات جرادات ,و هذا يعتبر بمثابة ناقوس خطر يدق أبواب الحركة الأسيرة بشكل عام وأبواب زنازين الأسرى المضربين عن الطعام منذ أشهر, ناقوس خطر يدق زنازين الأسير المناضل سامر العيساوي و الأسير طارق قعدان وجعفر عزالدين وغيرهم من أبطال أسرى الحرية , ولعل قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية من القضايا الرئيسة في الصراع العربي الإسرائيلي وقضية من الثوابت التي لا يمكن أن تقفز عنها أي حلول سلمية بالمستقبل . وحسب الشواهد والتاريخ الفلسطيني, فقد دخل سجون الاحتلال الجاثم علي ارض فلسطين أكثر من مليون فلسطيني ، حكموا باحكام مختلفة تتفاوت بين المؤبد و العشر مؤبدان و اقلهم سنة أو سنتين ، وهناك من الآسرى من قضى نحبه في الزنازين وغرف التحقيق كما حدث اليوم مع ميسرة أبو حمدية ، وغيره من ينتظر. وتبقى مسألة الاهتمام بقضية الأسرى الفلسطينيين خلف القضبان الصهيونية مسالة مريبة على المستوي الدولي تضع أمامها مائة علامة استفهام لدعاة الإنسانية ومن يدعون ويتشدقون بحقوق الإنسان ، فمن العجيب الغريب أن تنادي الدول المركزية بحقوق الإنسان وحريته وهي تشاهد وتري الآلاف خلف القضبان وحرمانهم من حريتهم ومن ابسط الحقوق الإنسانية و في نفس الوقت تمارس هذه الدول سياسة ازدواجية المعاير. فعلي سبيل المثال لا الحصر الجندي "شاليط" قام العالم كله ولم يقعد لآجلة وأصبح اسم "شاليط" أشهر جندي في المعمورة حتى ما يسمى مجلس الأمن نادي بالإفراج عنه أما الآلاف من أبطال فلسطين أسمائهم لم يعرفها العالم , لكنها محفورة ومنقوشة بالذهب في التاريخ المعاصر وذاكرة كل فلسطيني.
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا. تَبْدِيلاً }الأحزاب23
د.هشام صدقي ابو يونس
كاتب وباحث في الاقتصا د والفكر السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت