شهدت المنطقة العربية أحداثا جمة لم يكن يتوقعها المحللون والسياسيون كما لم يكن يتوقعها من هم على رأس السلطة السياسية في البلاد ، حيث هبت الجماهير في وجه الحكام رافضة الظلم والاستبداد، مطالبين بالعدالة الاجتماعية والسياسية ، رافعة شعار اسقاط النظام، وهذا هو الحدث السياسي الاهم، وهو اسقاط الانظمة بقوة الجماهير ذلك الحدث الفريد في التاريخ العربي الحديث .
لكن كما يقال أن الشيطان دائما يكمن في التفاصيل ، فبعد فشل الانظمة في اخماد الثورة الجماهيرية التي أدت إلى سقوطها لم تتمكن القوى الثورية أيضا من ايصال هذه الثورة إلى بر الأمان حتى الان . وبات الأمر وكأنه صراع على السلطة وضاعت أهداف الثورة التي طالما حلم الثائرون بها بين خلافات السلطة التي لم تستقر بعد .
فالثورات العربية التي حدثت لا يمكن النظر اليها على إنها هبّات شعبية داخلية صرفة، دون أن يكون لها أبعاداً دولية وإقليمية، حيث أن معظم الدول النامية ومنها الدول العربية تتأثر بما يحدث من تفاعلات في إطار البنيان الدولي والإقليمي. واشتعال الثورات بهذه الطريقة المتواترة وانتقالها السريع من دولة لأخرى ، إنما يدل على أن هناك فاعلين دوليين لهم اليد الطولي فيها على أساس أنها صراع الأقوياء، استخدمت فيه قوى اقليمية وداخلية كما في حالتي تونس ومصر ، وأحيانا أخرى تدخلت القوى الكبرى تدخلا مباشرا كما في حالة ليبيا على سبيل المثال .
كما أن رغبة النظام الدولي في تذويب الأمة العربية في إطار نظام اقليمي يحوي في داخله دولا غير عربية أعطت قدراً من الفاعلية لدول الاقليم مثل تركيا وايران واسرائيل في شؤون دول الثورات العربية التي أضعفتها تبعيتها للنظام الغربي منذ عقود، ثم الصراع الداخلي المفتعل مؤخراً في كل دولة على حدة .
لم يكن التغيير السياسي مألوفاً في الدول العربية من حيث تغيير الأنظمة، على الرغم من أنه ظاهرة عامة ودائمة تشهدها الأنظمة السياسية بشكل عام، إلا أنه في الحالة العربية يعتبر حدث غير عادي ، ولذلك شهدت دول الثورات العربية اضطرابات كبيرة أدت الى عدم الاستقرار في تلك الدول .
وأخيرا السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو: إلى أين ستذهب سفينة الثورة في ظل الخلاف الحاد بين قبطانها ، وقد دفعت الشعوب من لحمها دماً حتى تضع هذه السفينة على مسارها الصحيح ؟!.
الكاتب / حازم محمد زعرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت