قرار السيد رجب طيب أردوغان – رئيس الوزراء التركي – بزيارة قطاع غزة في ذكرى اقتحام القوات الاسرائيلية للسفينة التركية مرمرة وارتكابهم جريمة قتل عدد من المواطنين الاتراك هو حق للسيد أردوغان ويرى فيها مصلحة تركية وشخصية في الدرجة الأولى فهو يرى قدومه الى أرض غزة في هذه الذكرى نوعا من استرداد بعضا من الكرامة التركية وثأرا للدماء التركية التي سقطت وتحقيقا لهدف المواطنين الأتراك الذين قضوا نحبهم من أجل الوصول الى أرض غزة ، وهو يحقق لهم ما أرادوه من خلال زيارته الى إزة ، وهذا حق له وستعطيه قوة وحضور أكثر بين أبناء شعبه وأمته .
لماذا يريد البعض من القادة العرب وغير العرب المتعاطفين مع قضيتنا ان يكونوا في تفكيرهم فلسطينيين أكثر من القيادة الفلسطينية ؟ لماذا مطلوب من الأصدقاء في العالم أن يتعاملوا مع الانقسام الفلسطيني بشكل أكثر مما يتعامل معه المنقسمون أنفسهم ؟ إذا كان هؤلاء ينظرون بعيون الشك لكل زيارة يقوم بها أي مسئول الى قطاع غزة فالأصل أن يعلنوا موقفا واحدا صارما وحاسما بمقاطعة كل من يزور قطاع غزة قبل إنهاء الانقسام ، ولكن العجيب الغريب أن هؤلاء يشتمون وينكرون على كل من يزور قطاع غزة ثم وبعد انتهاء الزيارة لا يخجلون من زيارتهم والعناق معهم وكأن شيئا لم يحدث ، لماذا هذا التناقض والتخبط في تحديد العلاقات مع الاصدقاء والمتعاطفين معنا في هذا العالم ؟ .
رئيس وزراء تركيا ليس الأول الذي سيقوم بزيارة قطاع غزة ولن يكون بالتأكيد الأخير وهو قادم وعلنا موقفه المسبق الواضح والصريح أنه مع إنهاء الانقسام الفلسطيني وهو بذل ومستعد أن يبذل جهودا مضافة مع طرفي الانقسام للضغط من أجل تحقيق الوفاق الفلسطيني ومعروف دور تركيا في هذا الجانب وقد استضافت عدة مرات لقاءات مع مختلف الفصائل الفلسطينية وتحاول لعب دورا مهما في أكثر من ملف من الملفات الفلسطينية ومنها ملف المفاوضات وتذليل العقبات وتخفيف الضغوط على السلطة الفلسطينية وتخفيف حدة معارضة استئناف المفاوضات من الطرف الفلسطيني أيضا .
ومن الواضح أن الدور التركي في المرحلة القادمة سيتعاظم من خلال دورها في الملفات الساخنة في المنطقة وخاصة الملف السوري والفلسطيني والعراقي وكذلك مواجهة المد الإيراني دون صدام ولكن من خلال طرح البديل المقبول لشعوب المنطقة وتركيا لديها الكثير لتقدمه لشعوب المنطقة بحكم التاريخ والجغرافيا والقرب الفكري والحضاري .
ومن المفارقة أن يؤكد رئيس الوزراء التركي على زيارته لقطاع غزة خلال استقباله في اسطنبول للرئيس الفلسطيني محمود عباس وهي إشارة الى ذكاء وحكمة وقوة قراره وهذا إشارة واضحة وصريحة لإزالة أي لبس أو غموض فهو يجمع المتناقضين في آن واحد ويؤكد أن دوره نحو وحدة الشعب الفلسطيني وليس تعزيز انقسامه أو ميوله تجاه طرف على حساب طرف آخر ولكنه يحقق عدة مصالح فى آن واحد وعلى كل عاقل يحترم عقله وموضوعيته عليه أن يرحب بالجهد الذي يقوم به رئيس الوزراء التركي فهو قريب من كل الأطراف دون استثناء ويصلح أن يكون الوسيط المقبول لكل الأطراف دون استثناء ، أشد المتخاصمين يلتقون عنده وستشهد العاصمة التركية قريبا حركة سياسية نشطة بين وفود فلسطينية من كافة الاتجاهات ووفود إسرائيلية لتقارب الافكار مع وفود أمريكية داعمة ووفود أوروبية ستحافظ على لعب دورها ووفود عربية لتقول " نحن هنا "، لذلك وبدون مكابرة مفضوحة يجب أن نقول " أهلا وسهلا بالضيف الكبير على أرض غزة " .
ونتمنى له التوفيق والنجاح في مهماته الصعبة المقبلة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت