هذا المساء ذهب بمرافقة ابنه المصاب ،والذي قد أصيب إصابة طفيفة في باطن قدمه إثر مشاركته في أحد مباريات كرة القدم عاريا القدم.. حيث توجها، إلى أحد المستشفيات في المدينة ،وذلك بعد أن كادت أوجاع الإصابة أن تطوح بابنة والذي ، فقد القدرة على تحمل الأوجاع ،ولم يعد يتحمل الضغط الخفيف أو تلامس قدماه الأرض ،وعندما يضطر للمشي يسير بالضغط على مقدمة أصابع قدميه ، كم كان جسورا ..صابرا على تحمل الألم ،رغم انه لم يذق طعم النوم أو الغفوة الكاملة،وذلك منذ يوم الإصابة.. المهم في المستشفى كان المشهد حقا مثير فحدث ولا حرج ..،حيث كانت تعج بالمرضى بصورة غير طبيعية، لم يشعر الأب أنه في مستشفى بل في سوق الخضار أوسوق السمك ،أو مدرسة في بداية العام الدراسي الجديد وكأن الأطباء يحولون المرضى هربا من المسئولية الى غيرهم وكأن المرضى طلابا قد ضلت صفوفها !! ،ولما وصل الأب إلى احد الأطباء ليعرض عليه ابنه نظر الطبيب إلى مكان الإصابة و بكل عبقرية وكأنه أبقراط أوابن سينا قائلا :يبدو في جسم غريب تحت قطعة الجلد المتحجرة الصغيرة والشبه مستديرة ،والتي لم تتجاوز بقعتها مليمترات، حيث قال ذاك الطبيب والذي شخص وحلل وقرر بسرعة فاقت السرعة الزويلية: إن ابنك يحتاج إلى مراجعة قسم العظام ،وهذا القسم ليس موجود بالمستشفى بل في مكان آخر كان يبعد عن المكان ببضعة كيلو مترات ،وعلى أن يكون في اليوم التالي لأن الوقت كان متأخرا ،حقيقة قد اندهش ذاك الأب والذي يدرك تماما رغم عدم صلة عملة بالطب أساسا أن الأمر يحتاج إلى جراحة صغيرة جدا لا تتجاوز بضع دقائق ،لكن الطبيب قد ضخم الأمر وكأن الجرح يحتاج إلى غرفة عمليات وتخدير وتعقيم ،والأمر ليس كذلك ..حقيقة هو يشفق على الأطباء لفقدان غالبيتهم الثقة بنفسه ،فهم بشر يتأثرون بابتكارات أقرانهم ذوي الخبرة ،والذين أساءوا لمهنة الطب ،عقدة الأطباء اليوم فاقت عقدة أوديب اوإلكترا !! .. فمنهم من قام بخلع أحد الأسنان السليمة وترك التى تحتاج إلى خلع ،ومنهم من قام بعمل جراحة لتركيب بلاتين في عظام ساق القدم اليسرى ،مع أن الناحية المقرر إجراء العملية بها هي الساق اليمنى ،رغم أن صور الأشعة تبين ذلك بكل وضوح !!،ومنهم من شخص لمريض بعلاج ضروري لمرض السكري، وبعد عام اكتشف المريض انه ليس مريضا بالسكري ،ولا بالشاي أوالحلبة !!، فكم من صحيح دخل إلى المشفى وقد خرج بعاهة مستديمة.. أحبائي لا تتعجبوا لما يحدث أمام وخلف وفوق وتحت الكواليس في دُنّى المستشقيات ،وليس المستشفيات..!! ،المهم أن الأب وابنه قد غادرا المستشفى بلا جدوى لأي علاج وكأن شيئا لم يحدث،وتلك هي الحالة الطبيعية القائمة والمائلة والمنبطحة هي حالة أشبه ما تكون بالولادة الطبيعية لكن في عصور ما قبل الميلاد ،وليس في عالمنا المعاصر !! ،قرر الأب أن يتجرأ هذه المرة ،ولأول مرة فيقوم بمزاولة مهنة الطب رغم أن مهنته أبدا لم تكن لها أي علاقة بالطب ،ضاربا بترخيص مزاولة المهنة عرض ،وطول وارتفاع الحائط !! عزم على إجراء جراحة عاجلة لابنه مقتنعا بمقولة "جحا أولى بلحم ثوره "..فالأمر عنده لا يحتاج إلى دراسات وبحوث ،وصور أشعة أوفيش أوشيش ،ولا يحتاج كذلك لدراسة سبع سنوات بكلية الطب مغتربا في بلاد الغرب اوالشرق ،والتي باتت تخرج لنا اليوم أطباء من عجائب الدنيا الألف ،وليس السبع ..وبعدما تزاحمت تلك العجائب في أيامنا في بلاد العُرب أوطاني !!،فقام على عجالة فور خروجه حامدا الله على السلامة ،على أنهما أي هو وابنه خرجا جميعا بكامل أعضائهم فلا تبديل ولا تنقيص !!،حيث توجه الى الصيدلية التي كانت على مقربة عدة أمتارمن المشفى ليجهز أدوات العملية المعقدة في نظر المعقدين في الأرض ..!! فقام بشراء مشرط طبي ويود، وشاش، ومضاد حيوي ،ومسكن للألآم ،ولما وصل البيت قال لابنه عليك أن تصبر يابني قليلا وتتحمل ،ثم سارع بإجراء الجراحة العاجلة في احد غرف البيت ،والتي كانت بمثابة غرفة عمليات حيث تبين بعد فتح مكان الجرح ، أن هناك فتات صغيرة من الخشب كانت قد تسللت الى داخل الجلد فاكتست بطبقة رقيقة منه وما أكثر المتسللين في أزماننا ،فقام بكشطها وضمد الجرح المتقيح ،وربط الشاش، ثم ضغط على مكان الجرح سائلا ابنه :هل تشعر بألم الآن فقال الابن : لا أبدا يا أبي وكأنه سحر ..الحمد لله سأنام اليوم !!وما هي إلا دقائق وإلا استطاع الابن السير على قدميه بصورة طبيعية ،ابتسم الأب ،وطار فرحا وكأنه قد اكتشف حقيقة اختفاء السفن بمثلث برموذا ،أواكتشف عنصرا مشعا جديدا ،أوعلاجا فعالا للغباء !!،قائلا :مساكين انتم أيها المرضى ،الى متى ستصبحون حقول تجارب لمن هم معدومي التجارب في بلادنا،خاصة بعد رحيل الفئران !!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت