للإعلام بكافة أشكاله دور مهم في تغيير السلوك الإنساني وذلك بتغيير الثقافات والمعرفة والقيم عن طريق المناقشة والإقناع و ضمن برامجه المختلفة ، حيث تساعد المعرفة إلى تغيير المواقف التي تؤدى بدورها إلى تغييرات سلوكية ، ومع ذلك فيجب أن نضع في اعتبارنا أن المعرفة لا تؤدى دوماً لتغييرات في الموقف ولا أن تغييراً في السلوك يعقبه بالضرورة تغييراً في الموقف ، وهذا لا ينفي دور الإعلام فيما يتعلق بالوقاية من استخدام وتعاطي المخدرات ، وتهدف التوعية الإعلامية أساساً إلى خلق مشاركة الأفراد والجماعات والمجتمع في برامج الوقاية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد كل المجتمعات .
التدابير الإعلامية :
بما أن الإعلام أصبح الرسالة الأسرع لنشر المعلومة ومع اتساع شريحة المطلعين إعلامياً وفي كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة وكذلك مواقع الإنترنت الأسرع رواجاً فإن تقديم معلومات عن الاستعمال غير المشروع للمخدرات وبخاصة عن مخاطر مثل هذا الاستعمال وهو النمط الأكثر شيوعاً في برنامج الوقاية ويتميز ذلك بشقين :
1-نهج الترويع أو التخويف :
وهذا الشق يشرح الآثار الضارة للمخدرات وعواقب استعمالها سواءاً العقاب الديني الذي حرم استعمال المخدرات بكافة أنواعها أو العقاب الدنيوي والقانوني الذي يُجرم استخدام المخدرات أو تعاطيها أو الإتجار بها وبالتالي تتحقق النتيجة بحتمية اتخاذ قرار بعدم تجربتها ، أما من يستعملون هذه المخدرات فعلاً فإن ذلك قد يساعد بشكل أساسي على تحطيم معنوياتهم والتفكير بأهمية الإقلاع عن تعاطي المخدرات .
2-النهج الواقعي :
تؤدي المعرفة الدقيقة والمتوازية بآثار المخدرات والعواقب الاجتماعية والشخصية لاستعمالها إلى اتخاذ قرار إما بعدم استعمال المخدرات أو رفض الأنواع الأشد خطراً من هذه المخدرات ، وكذلك يتيح الفهم الأفضل لطبيعة الاستعمال غير المشروع للمخدرات ، إلى حدوث استجابة أكثر رشداً تجاه المشكلة .
الجمهور المستهدف لكلا النهجين :
إن الجمهور المستهدف قد يشمل أي مجموعة في المجتمع وهم ( طلاب المدارس والجامعات بكافة المراحل - الآباء والمعلمون – رجال الشرطة – الأخصائيين الاجتماعيين ) .
نوعية البرامج :
من المهم استخدام برامج تطرح الموضوع بشكل مباشر على الجمهور المستهدف حتى يتم استيعابها بشكل يضمن التأثير الفعال والإيجابي ومن الممكن أن يتضمن الإعلام برامج مثل :-
* الوضع القانوني للمخدرات وطبيعة ومدى الاستعمال غير المشروع للمخدرات .
* الآثار المدمرة من جراء استخدام المخدرات ( اجتماعياً – اقتصادياً ) .
* المشاكل البدنية والنفسية والصحية لمتعاطي المخدرات .
تنفيذ البرامج الإعلامية :
يتحدد تنفيذ البرامج الإعلامية بما يلي :
* خصائص الجمهور المستهدف .
* الدرجة التي يمكن بها الوصول للجمهور المستهدف والتأثير فيه .
* محتويات البرامج الإعلامية .
ويمكن تنفيذ برامج الإعلام باستخدام الوسائل التالية :
* اللقاءات المباشرة التي تأخذ شكل مناقشات أو عمل مجموعات من الأشخاص المحتكين بمستعملي المخدرات بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني ذات الطابع النفسي والإجتماعي .
* المواد المطبوعة التي يمكن أن توزع على الجمهور المستهدف ، والتي تركز على الحقائق الأساسية عن استعمال المخدرات والوسائل التي يمكن بها الاستفادة من الخدمات .
* الإذاعات والتلفزيون والصحف ومواقع الإنترنت التي تلعب أدواراً واقعية ومسئولة .
* الأفلام والمقالات المطبوعة وحملات الملصقات ، والتي يمكن أن تبث رسائل إعلامية بسيطة وقصيرة .
* الأسرة والمسجد والمدرسة والجامعة في عملية الإرشاد والتوجيه والتنبيه بمخاطر المخدرات وأهمية العمل على الخلاص منها .
بعض آثار البرامج الإعلامية :
* في حين أن نهج الترويع قد يكون مؤثرا مع من يفتقرون إلى المعرفة أو الخبرة بالمخدرات ، فإنه يمكن أيضاً أن يكون غير ذي جدوى مع آخرين.
* الدقة أمر أساسي ومهم في أي برنامج إرشادي إعلامي حيث أن الرسالة بأكملها يمكن أن ترفض إذا نشأ اعتقاد بأن جزءا منها غير دقيق ، وهناك خطر أن بعض الأفراد سوف يستمرون في استخدام المخدر تحدياً وسيجدون أن مستعطي المخدرات أشخاص جذابون .
* الاتصال الشخصي يسمح بمشاركة أكبر ، لكن المجموعات يجب أن تبقى صغيرة بدرجة تكفل المشاركة النشيطة ، وتضمن الألفة والعلاقة الإيجابية فيما بين المجموعة نفسها .
* المواد المطبوعة يمكن أن تصل إلى جمهور أكبر وتتيح وقتاً أكبر لفهم محتواها واستيعابه ، ومع ذلك فإنه ما لم يدرك الجمهور أن هناك حاجة للمعلومات ، فإنه من المرجح أنها لن تقرأ .
* وسائل الإعلام الجماهيري التي تستطيع أن تصل لجمهور أكبر وأن كانت قدرتها محدودة في معالجة القضايا المعقدة هي عناصر مساعدة نافعة للبرامج الأخرى .
الضوابط التي يجب مراعاتها عند مناقشة مشكلة المخدرات :
* يجب أن تسير السياسة الإعلامية بسرعة منتظمة متأنية فيما يعرف بسياسة النفس الطويل ، ولا يجوز تصور أن مشكلة الإدمان هي مشكلة هذه الأيام من تاريخنا المعاصر ، و إنما هي مشكلة العصور وأن استمرارها على مدى الأجيال قائم و جائز فقد تختلف الأساليب والأنواع التي يتعاطاها المدمن حسب مقتضيات كل عصر ، و لكن شذوذ وانحرافات الشباب هو شيء قائم في كل البلدان والمجتمعات .
* يجب ألا تكون الحملة الإعلامية مكثفة في فترة زمنية محددة ثم سرعان ما تنطفئ آثارها وتختفي تماما لأن ذلك قد يشكك في جديتها وقيمتها و قد يبعث على الرجوع للإدمان بشكل أكثر وأعمق .
* أن تكون مقننة ومستندة إلى الأسلوب العلمي السليم .
* أن تبحث المادة الإعلامية جيداً بواسطة المتخصصين قبل وصولها إلى الجمهور وأن يمنع كل من هو غير متخصص في التدخل الإعلامي الذي قد يسيء أكثر مما ينفع .
* أن تكون طريقة العرض الإعلامي على شكل واقع ملموس أكثر من عرضها بطريقة النصائح والمحاضرات النظرية البحتة ، وذلك معناه عرض الموضوع في شكل تمثيليات تمس الواقع أو بتقديم نماذج بطريقة غير مباشرة .
* أن تصنف الوسائل الإعلامية تبعاً للفئات الموجهة إليهم ، فهناك فرق بين الإعلام الموجه للمتعاطي عن الإعلام الموجه للتجار أو الموجه إلى الشباب الذين نخشى عليهم من الانحراف .
* أن يركز الإعلام على عرض الأضرار ثم يلحق بها مباشرة البديل أو السلوك السليم الذي يحل محل الانحراف.
* أن يركز الإعلام على ما يجب أن يفعله الشباب من إيجابيات وما هي مجالات العمل و ممارسة الأنشطة و الهوايات لمواجهة الفراغ و مشاكله التي تؤدي به إلى الضياع و الانحراف .
* أن تتوافر الثقة الكاملة بين القائمين على الإعلام وبين قطاعات الشباب وأن تكون الصراحة والصدق والأسلوب المباشر هو الهدف الرئيسي للإعلام.
* أن نفتح المجالات الإعلامية أمام الشباب للمشاركة وإبداء الرأي والحوار وكذلك أن يكون ضمن فريق العمل الإعلامي مجموعة من الشباب .
* أن تتحد كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الأسلوب والخطة والهدف لضمان أوسع مشاركة إعلامية مطلوبة .
&&&&&&&&&
إعـداد الإعلامي
رمـزي صادق شاهيـن
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت