"الكتلة الإسلامية.. لها ولمن خارجها أقول"

بقلم: محمد القيق


ربما يقرأ البعض عودة الكتلة الإسلامية للعمل في جامعات الضفة الغربية من الباب السياسي وله الحق في ذلك، غير أن عودة العمل والنشاطات لها تتضمن كلمات سر كبيرة ومهمة في الساحة الفلسطينية وعلى كافة الأصعدة، حيث أن إطارا يحمل فكرا إسلاميا يغيب عن ساحة جامعات تحتضن طلبة وطالبات كان له أثر سلبي كبير على المستوى الفردي للطلبة والمستوى الجماعي للوعي العام للمجتمع بما فيه الطلبة.
ولعل أهم مكونات العمل الفكري الذي تحمله الكتلة الإسلامية المشروع الدعوي ونشر الوعي الإسلامي بين الطلبة والطالبات الأمر الذي يعود بالنفع على المجتمع بشكل عام من خلال الأخلاق الحميدة ونبذ السلوك السيء الذي تروج له بعض الجهات ووسائل الإعلام لتحل مكانها ثقافة وأخلاق تربى عليها المواطنون.
كما أن من هذه الفوائد ما يعود على أبناء الكتلة الإسلامية أنفسهم حيث أن الكتلة عبارة عن قيادة وعناصر ومناصرين فتعزيز تواجدها وتواصلها ومشاريعها يقوي الفكر الدعوي لدى هذه الشرائح وهذا المطلوب بشكل مهم لأن العلاقة مع الله عز وجل هي أسمى العلاقات التي من خلالها يتم نيل المراحل التالية، وهذا السلوك وتهذيبه ومراجعته ونقده ذاتيا في أروقة الكتلة ليس خطأ أو كبيرة بل هو واجب من ينخرط في العمل الدعوي مضمونا لا شكلا لأن المسلم دائم المحاسبة لنفسه، ومن خلال هذا السلوك سيكون هناك تأثير مباشر على فئات أخرى في الحرم الجامعي وهم الطلبة والفصائل، وهذا يسمو بالفصائل الأخرى ويوسع العلاقات الطيبة ويهمش الجوانب السلبية في العلاقات ما يعطي نموذجا يحتذى من قبل الطلبة حينما يكون أبناء الكتلة مترجمين لفكرهم ودعوتهم واقعا أمام الطلبة في النشاطات والسلوك والحياة اليومية لأن الإسلام منهاج حياة.
وعلى صعيد المجتمع يتعزز الفكر الطيب والإيجابي في نفوس الطلبة ما يعود بالفائدة على أسرهم وإخوانهم وأخواتهم، وهذا واجب الكتلة ليس منة منها لأنها تحمل الأمانة الدعوية ويجب أن تصل لكل الطلبة من باب "دعاة وليس قضاة"، فيصبح العمل الماجن منبوذا بعد أن تسلل تشجيعه للمواطنين بفعل التضليل الإعلامي الممنهج والممارس على المواطنين.
ولعل الجانب المهم أيضا هو القضية الفلسطينية التي تحولت فيها الأنظار نحو التجاذبات بتعمد أو بقصر نظر، وفي التجاذبات يضيع عمل العاملين ويعلو صوت الغوغائيين، وبعودة الكتلة سيكون هناك ترسيخ معادلة إعطاء الحجم المناسب لكل فئة، وهذا تعزيز للمقاومة التي حاول البعض تحويلها إلى ورود تنثر في الضفة على جيبات الاحتلال بحجة المقاومة السلمية وألغوا من قاموسهم المقاومة الشعبية التي تضم الحجارة والحارقات والمقلاع والسلاح والعبوات واقتحام المستوطنات والسكاكين والأحزمة الناسفة، لا لشيء إلا للحفاظ على مكتسبات شخصية، فعودة الكتلة الإسلامية للعمل تعزز روح المقاومة وتكشف زيف العابثين الذين فشلوا في أن يقزموا القضية إلى معادلة انقسام وتقاسم ومشاكل داخلية وغيرها.
أحترم كثيرا صندوق الاقتراع رغم أنه غير مصان في أجواء ترهيبية في الضفة الغربية، غير أن التذمر والشكوى لغير الله مذلة، فلتمضِ الكتلة الإسلامية على صعد ثلاث: علاقة روحانية وتجسيد لنموذج الطالب الداعية في عمله وعلمه وأخلاقه وعلاقاته وعلى صعيد خدمة الطلبة والابتعاد كثيرا عن الشعارات لأن حرب الشعارات يفوز فيها الغوغائيون؛ وصعيد ثالث أن أعيدوا للجامعات هيبة الدم الذي نزف في قلب الكيان الصهيوني وأن جددوا البيعة لأسرى وشهداء كانوا بينكم وأعدوا لعدوكم وأذنابه ما استطعتم، ولعل نشاطاتكم قوة ودعوتكم قوة وأخلاقكم قوة وعملكم بهدوء قوة وقربكم من الله عزة وطريق منارة، فلتنفضوا غبار أيام خلت ولتتوقف رغم جراحها معادلة الظروف السياسية خارج الجامعات ولتمضوا في مهمة تعرفونها جيدا، فها هو ميدانكم وها هو عام كامل أمامكم قبل انتخابات جديدة قد توصلكم إلى رأس التمثيل الطلابي إذا طبق ما ذكر سابقا، وقد تبقيكم ضيوفا غرباء على عمل نقابي كنتم فرسانه إذا تناقلتم ما ذكر وتجاهلتم مضمونه.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت