الجاذبية الفقرية إلى متى .. ؟!!

بقلم: حامد أبوعمرة


بداية ما أضحكني اليوم ،وشر البلية ما يُضحك ،هو قراءة مانشت بالخط العريض مفاده المستشارة تهاني الجبالي لـ «الشرق الأوسط» : القضاء المصري يرفض دخول «بيت الطاعة» ... ويبقى السؤال هل مجرد الرفض لدخول بيت الطاعة من قبل القضاء هو نهاية المطاف ،أم أن القلق الحقيقي هو أن ينتقل قانون الخلع الخاص بالعلاقات الزوجية فيطبق عنوة ليصبح مادة رئيسية تضاف إلى مواد القضاء الجديد !!
ولكن قبل أي شيء .. هل أن الأجواء السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر الحضارة ..مصر الكنانة اليوم مهيأة حقا؟!!.. رغم عدم الاستقرار وضياع الأمن والأمان ، ورغم انقراض رغيف الخبز وسلب سنابل القمح،كما يسلب السولار !! ، ورغم تفشي ثورة الجياع كالطاعون في حنايا المجتمع المصري ..،هل بعد كل تلك التغييرات المتجه بصورة دراماتيكية سريعة نحو الحضيض ،على ضفاف النهر العظيم ،وبعيدا عن انحراف البوصلة عن أهداف الثورة الحقيقية .. هل أن كل تلك الأجواء الغير ملائمة اليوم هل باتت فقط تنقصها طفرة نوعية تحريضية بمثابة صب الزيت على النار ، للإطاحة بالقضاء المصري ،والسلطة القضائية،واللعب بملفاتها، رغم شهادة العالم بأسره بنزاهتها ، ورقيها !! أني أتساءل وكلي ريبة وقلق ، لِما غالبا تحاول الأنظمة التي تطيح بنظام الحكم السابق لها ما تكاد إلا، وتشهر سيفها للانقضاض على قبة القضاء أو الدستور،وإحداث حالة من التغيير في بنوده بعيدا عن القانونية أوالشرعية بحيث تتناسب مع أيدلوجياتهم ولفرض غطاء قانوني يحميهم ،أخاف أن يكون الهدف هو تفريغ رجال القضاء،والذين لهم مكانتهم العظمى في تاريخ القضاء كلٌ باسمه وصفته للنيل منهم،فما أشبه الليلة بالبارحة مقارنة بما حدث بمذبحة القلعة، أو مذبحة المماليك تلك الواقعة الشهيرة في التاريخ المصري التي دبرها محمد علي باشا للتخلص من أعدائه المماليك!!،أوأن يكون الهدف خلق حالة من الفراغ السياسي ليحل مكانهم آخرين أصحاب الموالاة والذيول والانبطاح والتسليم !! .. أما يكفي ما حل بالسلطة التنفيذية من مهانة ،وإذلال ،وكسر شوكة هيبة رجال الأمن حتى فشلت في إدارة البلاد،وبسط الأمن فأصبح اليوم يفر رجال الشرطة من اللصوص ،والبلطجية تخوفا من مواجهتهم !!،ويفر القاضي بعد الحكم من المجرمين رغم أنهم بقفص الاتهام.. ويفر أئمة المساجد من السفهاء !!..طالما أن الأمر الغالب والسائد اليوم هو الخلطة السحرية العجيبة المسماة: بالشعب يريد إسقاط أو رحيل أو القصاص أو.....الخ ،أما يكفي ماحل بالبرلمان ،أو السلطة التشريعية من تشتيت ،وانهيار وإفراغ؟!! ..حقيقة كنت أتمنى إحداث حالة من التغييرات على حجم رغيف الخبز المقموع ، واتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة والضرب بأيدي من حديد لكل الخارجين عن القانون ..وإجراءات دقيقة لبسط نفوذ الأمن ،وإحكام السيطرة وعلى أن تكون هناك قوانين تحميهم ،وعلى أن يدرك الجميع أنه ليست هناك حريات مطلقة ،بل لابد لها من حدود وقيود ،وكنت أتمنى وضع خطة عاجلة ،وبرنامج زمني لمحاربة الفقر والبطالة ودفع عجلة التلاحم الحزبي والشعبي ووضع حد للفتنة الطائفية ..لكن لا جديد تحت الشمس بل.. كل الجديد هو مزيدا من السقوط تحت الأرض ،والانتظار طويلا.. لكن المشكلة أن نيوتن عندما اكتشف الجاذبية الأرضية كان بسبب سقوط التفاحة من الشجرة التي كان يجلس حولها ،وأما الجاذبية الفقرية اكتشفها الفقراء ،والمقموعين والمصادرة حرياتهم وحقوقهم بسبب سقوط القباقيب السلطوية وزخات الرصاص وتصدير الأزمات فوق رؤوسهم !! لقد نسى نيوتن أن يوضع لنا قانونا جديدا يُعرف بالجاذبية العلوية ،لانتشال الفقراء والمساكين والإفلات من الجاذبية الفقرية والتعالي بهم ولو قليلا إلى الأعلى فهل يستطيع الشرفاء والمحبين لأوطانهم من كل شرائح المجتمع تحقيق ذاك القانون الجديد ؟!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت