للإنقسام وجوه كثيرة

بقلم: هنادي صادق


عادت أحاديث المصالحة تتصدر عنوانين الأخبار وانتقل الحديث إلى الشارع وانقسم الناس كالعادة ما بين متشائم ومتشائل ، ولقد طفا مع هذه الأخبار على السطح جدل عقيم وعلى طريقة البيضة قبل أم الدجاجة ، والتي يبدو فيها أن عرابين الانقسام وناعقي الخراب والدمار يستشعرون بخطورة هذه المصالحة على مصالحهم ومكاسبهم ، ولقد قال أحد الحكماء قديمًا «لا يمكنك أبدًا أن تقنع شخصًا بأمر يتعارض مع مصالحه ، مهما كان هذا الأمر صحيحًا أو عادلًا ».
والحقيقة أن هذه المقولة تثبت صحتها كُلما إختبرت فلا قادة الإنقسام ولا ممن لهم مصالح وطموحات وأحلام وحتى أوهام ترتبط بوجوده سيقتنعون أبداً بأنهم على خطأ ، ولا حتى مع إيمانهم في قرارة أنفسهم بأن هذا الأمر مدمر على القضية الفلسطينية ويوازي النكبة الأولى في أثاره ومفاعيله ، ما دام هذا الإنقسام يتفق مع مصالحهم ونزعات أنفسهم وأهوائهم ويرضي غرورهم وشهوتهم للسلطة والسلطان وما دام بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً .
ومع إنطلاق مارثون المصالحة من جديد يستشعر الإنقساميون الخوف على مصالحهم مما قد يدفعهم إلى فعل كل ما من شأنه تعكير الأجواء وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات تحت حجج وذرائع ومسميات مختلفة وربما يعمدون لقمع المبدعين وربما يلجأون للتعذيب أو عمليات التصفية والتفجير بما فيها من قتل للنفس التي حرم الله سبحانه وتعالى قتلها إلا بالحق .
سيفعل الإنقساميون ذلك وربما أكثر لأن مصالحهم إرتبطت بوجود الإنقسام وبقاؤه وفي سبيل ذلك سيلبسون الباطل ثوب الحق لتبرير كلمة «إلا بالحق»، التى وردت فى الآية الكريمة، وهم في ذلك ماهرون لا يشق لهم غبار ويعرفون على أية دفة يسيرون لأنهم بالباطل مخدوعين و للشيطان معاونين ، ولأن قول الحق وفعله سيعرضهم لخسارة مكاسبهم وضياع مصالحهم وسيساعدهم في ذلك جيش من المنتفعين وقطاع الطرق ممن أثروا على حساب هذا الشعب الصامد والصابر .
أمام هذه الحقائق يصبح لزاماً على كل وطني غيور على وطنه ودينه وعرضه النزول إلى الشارع وتعبئته لتحشيد الطاقات والضغط من أجل إنهاء الإنقسام والتصدي لكل دعاة الفرقة والإنقسام من أصحاب السلطة والسلطان .
وذلك مصداقاً لقوله تعالى " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان "
ومع التسليم بأن للإنقسام وجوه كثيرة ، فإن للمصالحة وجوه كثيرة أيضاً ليس أقلها إحساس الناس بجدية الأطراف في التوجه نحو هذه المصالحة بشكل حقيقي ، كما أن أسهلها مع الواثق بنفسه وعمله هو العودة إلى الشعب ليقول كلمة الفصل ..... فالشعب مصدر كل سلطة والراصد الأمين لكل مفسدة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت