تحقق جوال ارباح احتكارية عالية جدا(بلغت التوزيعات النقدية لإرباح شركة الاتصالات عام 2011 ما يقارب من 53 مليون دينار اردني) بسبب عدم وجود بدائل او انخفاض المرونة التقاطعية عليها والحماية من المنافسة بسبب عائق الدخول القانوني. وكمحاولة لزيادة الارباح تقوم جوال بطرح اكبر عدد ممكن من الشرائح في السوق وان كان ذلك على حساب السعة التقنية التي تمتلكها الشركة مما يقود لسوء الخدمة هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى تسعى الشركة لزيادة حصتها من السوق والوصول للاحتكار الطبيعي Natural Monopoly وذلك بزيادة تكلفة استخدام المستهلكين للبدائل المستقبلية المحتملة من خلال تمليك اكبر عدد ممكن من الشرائح لأكبر عدد ممكن من المستهلكين. ويرافق ذلك استراتيجية الاعلان المفرطةCreation of advertising over capacity والتي تعد جانب من تشويه تخصيص الموارد الاقتصادية في حال الاحتكار والذي من الاولى تخصيص هذه النفقات الباهظة لأوجه التنمية البشرية او المسئولية الاجتماعية مما سيعطي انعكاس افضل على جاذبية الشركة خصوصا في الظروف الصعبة التي يمر بها ابناء شعبنا.
ولا شك ان هناك الكثير من الوفورات السلبية Externalities سواء تلك الناجمة عن وجود الاحتكار وسوء امثلة الموارد الاقتصادية وتشوه الاستهلاك Negative consumption externalities والاستهلاك غير الرشيد كاستخدام بيع السلع المرافقة Under product tying وأسعار الخدمة المرتفعة وغير المراقبة او تلك الناجمة عن زيادة التكاليف بسبب سوء الخدمة والأداء وعدم توفير الخدمات المجتمعية كالانصياع للجهات السيادية بتوفير المعلومات الضرورية والخدمات التقنية اللازمة لتوفير الامن العام مما يقلل الرفاه ويزيد من التكلفة الاجتماعية. والتي يجب ان يرافقها رسوم تصاعدية خاصة اعلى من اجل مواجهة التشوه والوفورات الخارجية السالبة. بل من العجيب ان شركة جوال تتعامل وتتلاعب مع موضوع الانقسام وكأنها جهة سيادية او مؤسسة قومية لها الحق في اتخاذ موقف سياسي بعيدا عن دورها كشركة خدمية خاصة، وأنا اتساءل ماذا لو ان الاحتلال عاد لقطاع غزة فهل سترفض التعامل معه في بعض الجوانب ؟؟؟ بل من الطبيعي عادة في القطاع الخاص ان يتعامل مع السلطة السائدة مع الفارق العميق في المقارنة.
فخدمات جوال يجب ان تعامل على انها حالة وسيطة بين السلع العامة والسلع الخاصة وهي ما يعرف اقتصاديا بـ Club Goods والتي طورها جيمس بوكانان عام 1965 وهو الحائز على نوبل في الاقتصاد عام 1986. وتتضمن النظرة الاقتصادية لهذه السلع على انها قابلة للاستبعاد Excludable وغير تنافسية Non-Rival إلا بعد حد معين وهو الذي تجاوزته جوال، فهي سلع يتم مشاركتها بين الناس بشكل اكبر من السلع الخاصة وبشكل اقل من السلع العامة.
وخلاصة القول بان خدمات جوال لا بد من مواجهة احتكارها بالضغط الشعبي المستمر على الشركة من خلال كافة المؤسسات المجتمعية للتخفيف من ممارساتها الاحتكارية وعلى الجهات الرسمية لإنهاء الاحتكار. والرقابة الحكومية المستمرة على جودة الخدمة بما يتوافق والمعايير الدولية وشفافية التعامل مع الجمهور وهو ما تفتقده شركة جوال. بالإضافة لضرورة كسر الاحتكار التام وإتاحة مجال اوسع امام المنافسة.
لذلك فالترتيبات التى تؤدي للحجم الامثل للمشاركة في الاستهلاك والتكاليف (An Economic theory of Clubs) خصوصا عبر التدخل الحكومي لمواجهة فشل السوق في هذا الجانب مما يؤدي لتعظيم منفعة كافة المستهلكين المشاركين في استهلاك السلعة (الخدمة). فالممارسة الحكومية يجب ألا تكون محابية للاحتكار الذي يراكم رأسماله على حساب دخول ورفاه ومدخرات المواطنين. وكذلك العمل على ايجاد تشريعات جديدة تستعيض عن الضعف القانوني - الذي رافق الاتفاقات الموقعة وامتيازات الترخيص في بيئة من انعدام الشفافية عام 1996 – مما سيؤدي الى نمو قطاع الاتصالات وتسهيل تحريره وزيادة انتاجيته.
د. محمود محمد صبرة
استاذ الاقتصاد المساعد بجامعة الازهر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت