ايها اليسار انتظر حتى تصفع باسم الفضيلة

بقلم: نافذ غنيم


بت من المتشككين بوجود يسار فلسطيني حقيقي، شيء يفقد الإنسان توازنه، وربما قناعاته .. ماذا يعني أن هناك انهيار شامل لقيم المجتمع، وانتهاك فاضح لحقوق الإنسان وللحريات، وفقر مدقع واستغلال للسلطة والنفوذ، وفساد متعدد الوجوه والأنماط، يمتد على طول الوطن وعرضه، وانقسام مذل ومهين، وقوى اليسار غير قادرة على فعل شيء جاد يواجه هذا الانحدار، هناك آلاف المواقف والإجراءات والقرارات المخزية التي تأخذ بالمجتمع نحو الهاوية، وتلقي بالمواطنين في مذلة الانكفاء على الذات والإحباط وفقدان الثقة بكل ما يدور، وما يزيد الطين بله أن هذا التدهور يغلف عندنا بطابع ديني، وعندما ترتفع وتيرة الاحتجاج يتفننون اختلاق الحجج والمبررات والاستدراكات، اقلها الادعاء بان الإجراء لم يكن بقرار رسمي، أو أن هذه المسلكيات تندرج في إطار الاجتهادات الفردية، وأحيانا يُشهر في وجه المعارضين كرت إثارة الفتن لإضعاف حكومة المقاومة !!! قرار يتبعه قرار، وإجراء يدعمه أخر، كلها تسير تدريجيا باتجاه قولبة المجتمع وصولا لنمط معين ولون واحد، وأخر إبداعاتهم " الفضيلة "، هذه العصا التي بات يلوح بها في كل الاتجاهات . (( مع فناعتي بان هناك ظواهر تحتاج لعلاج وتقويم، لكن السؤال، على أي أساس، ووفق أي أساليب، وهل المعالجة تذهب للقشور أم للأسس التي تولد عديد السلبيات؟؟ )) .
أمام هذا الواقع وما يأخذونا إليه، ما قيمة اليسار وكذلك القوى الديمقراطية الفلسطينية، إذا ما واصلت تكتيف الأيادي، واكتفت بظاهرة المعارضة الصوتية بطابعها الموسمي، وما مبررات وجودها اجتماعيا إن تقاعصت عن المواجهة بجراءة، متحملة بذلك تبعات موقفها الذي يحتاج لتضحية قد يغلو ثمنها، صحيح أن هناك من يرفع صوته ضد بعض من هذه الممارسات، لكن هذا غير كافي، مطلوب فعل شعبي ميداني حتى ولو بداء محدودا، يجب أن تكون الرسالة قوية لكل من يريد أن يُفصل مجتمعنا على مقاسه، وكيفما يتفق مع مصالحه ورؤيته، لكل الذين يسعون لإحكام السيطرة عليه بالقوة ببعديها المعنوي والمادي .
ما يكاد يفقدني الأمل بيسارنا الفلسطيني، أن حالة العجز التي يعانيها، ومحدودية تأثيره على الساحة الفلسطينية، لم تدفعه للتقدم خطوات ملموسة باتجاه فعل مشترك يوحد قواه ويجمع نشاطه المشتت، برغم تباين الجدية بين قواه من اجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي . لا اعرف لماذا بعض اليسار يحجم عن التقدم بخطوات ثابتة وسريعة نحو وحدته ؟ .. ربما يكون البعض قد تحول إلى قوة عظمى ونحن لا ندري!! أو أن البعض يمتلك مفاتيح تحرير الوطن ويخشى أن يقاسمه الآخرين نشوة الانتصار ومكاسب ذلك !! كل المعطيات ومتطلبات الواقع الموضوعي، والمصلحة السياسية والاجتماعية لشعبنا، وكافة تفاصيل الحياة اليومية تؤكد ضرورة انجاز هذا الاستحقاق، وأقول جازما بان من يعطل ذلك - أي كان - يخون الرسالة والهدف النبيل الذي يحققه اليسار حال انجاز وحدته، اقل ما يقال أن تعطيل هذا المسار يندرج في إطار حسابات فئوية وشخصية فاسدة، وهي لا تقل بمضمونها المخزي عن ما ينتفع به الآخرين جراء حالة الانقسام واستغلال البعض لنفوذه . وهنا أضيف، انه من المهين أن بعضا من "اليسار" يقبل على نفسه التماهي مع بعض ما تفرضه قوى الإسلام السياسي على المستوى الاجتماعي، أو يستطيب لهم السير في ركب ما هو قائم من اجل الحفاظ على علاقة طيبة مع السلطان!!
لا اعرف ربما بتنا كيسار نستحق ما يفعله او سيفعله الآخرين بنا، وتلك "الفضيلة" التي تتسرب من بين أصابعنا لتصيب كل أشياؤنا في المستقبل القريب، ربما سنفوز بكرابيج "فضيلتهم" لتُلهب وتدمى ظهورنا، أو لنساق كالعاجزين إلى حبال المشانق، حينها قد يصحوا البعض ليدرك معنى ودلالات وحدة اليسار ودوره الذي يجب أن يكون فاعلا ومؤثرا اليوم قبل غد .
اقتراح/ أمام واقع فشل اليسار الفلسطيني في السير بخطى متدرجة نحو وحدته، لماذا لا نتخذ قرار تاريخي جريء وحاسم يقضي بالذهاب دفعة واحدة لتشكيل حزب اليسار الموحد، بحيث يجرى حل كافة البنى التنظيمية لتنصهر كلها في هذا الحزب الموحد، وذلك وفق آلية متفق عليها تفضي إلى تحقيق ذلك بعيدا عن العنجهيات الفئوية والشخصية ؟
غزة – 4/5/2013م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت