إن المبادرة العربية القائمة على تبادل الأراضي والتي تبنتها قطر مجددا في هذا الطرح القديم الجديد الذي سيواجه بعدم مبالاة من الاسرائيليين خاصة بعد الاحداث والانقسامات التي ضربت الوطن العربي وتهلهل الوضع السياسي والاقتصادي للدول العربية وعدم وجود مراكز ثقل حقيقية في المنطقة ، فالعرب قبل أن يفاوضوا او يتنازلوا او يقايضوا لن تلقي مبادرتهم استجابة إسرائيلية لها لانهم ينطلقون في سياساتهم وخططهم الاستراتيجية تحت مفهوم ما هو الوزن الحقيقي لخصمي ونقاط قوته الحقيقية ، بالإضافة انه حتى لو تدخلت الولايات المتحدة هذه المرة وبقوة لفرض حل الدولتين والذي ظهر ذلك في توجهات كيري الذي أشار إلى ان هذه السنتين ستكون مفصلية لإقامة حل الدولتين وإلا ستقوم الولايات المتحدة بتعزيز حل الدولة الواحدة متعددة القومية ، لذا إن أي مناطق ستكون مطروحة للتبادل ستكون لا أهمية لها من حيث عدم وجود الموارد والمياه ولا أهمية لوجستية لها ، ومن هذه المناطق المطروحة هي مناطق النقب حيث الاراضي الجرداء التي لا تعدو سوى مساحات من الكثبان او الصخور فتعاني من قلة المياه ولا تصلح للزراعة والاخطر من ذلك انها ملوثة إشعاعيا جراء المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة ،كما انه هنالك حقائق تتعلق بمساحة القطاع الحقيقية التي إختزلتها إسرائيل وقضمتها من خط الهدنة 1949 حيث سيطر الإسرائيليون على هذه المنطقة الحرام بعد العدوان الثلاثي عام 1956 وتقدر مساحتها بعمق 5 كيلو متر وابدأ من رفح وحتى منطقة جحر الديك أي ما يقدر طولا بحوالي 30 كم لتلبغ المساحة الكلية 150 كيلو متر مربعا ، وهناك منطقة شمال قطاع غزة تبدأ من معبر بيت حانون ( إيرز ) وحتى شاطئ البحر حيث يبلغ عمقها بعرض كيلومتر وتبلغ طولها حوالي 6 كيلومتر وفي هاتين المنطقتين ما زالت اشارات الامم المتحدة والقوات الدولية موجودة وهي عبارة عن براميل ملونة باللون الازرق ، وهنا يظهر أن المساحة الحقيقية لقطاع غزة حسب اتفاقية الهدنة هى 555 كيلو متر مربع، وليس 362 كيلو متر مربع ، بالاضافة الى مناطق اختزلتها اسرائيل من الضفة الغربية كما هو الحال في قطاع غزة خاصة في قلقيلية وطولكرم والخليل وبيت جبرين .
على أي حال إن تبادل المناطق سيعمل على تشويه التواصل الديموغرافي والجغرافي للمناطق الفلسطينية ويجعل المناطق الفلسطينية عبارة عن جزر صغير تقع ضمن محيط مجمعات استيطانية وهذا هو مفهوم الإسرائيليين للتبادل ، والإسرائليين لن يقدموا على أي خطوة جادة في طرح هذه الملفات لأنهم نجحوا في ارباك الشارع الفلسطيني حيث يرسخون الإنقسام بين الضفة والقطاع ويغذون ويأججون التفرقة في التعامل مع المناطق الفلسطينية ، كما أنهم لن يتعاملوا مع أي وسيط في المنطقة غير الجانب التركي الذي أصبح أكثر حضورا وقوة في المنطقة وأصبح يتماشي نوعا ما مع السياسة الامريكية طمعا في الحضور الدائم في المنطقة خاصة بعد تضعضع الاوضاع في مصر وإنشغالها في الحالة الداخلية ، لا يمكن لأي كائن من كان ان يملي على الفلسطيني خططه ومقترحاته إلا إذا وجد التوافق الفلسطيني والحقيقي ودراسة أبعاد الاطروحات وقياس المصلحة الفلسطينية العليا ضمن سياق الثوابت الفلسطينية القائمة على تحرير الأرض وعودة اللاجئين وتحرير الأسرى فالشعب الفلسطيني هو مرجعية أي قرار أو حل مع الإسرائيليين وليس من حق أي أحد أن يدعي أنه صاحب التمثيل الوحيد للشعب أو يقايض او يفاوض بدون الرجوع للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت