حنان يهودي وجحود عربي إسلامي

بقلم: فايز أبو شمالة


تفاخرت علينا صحيفة يدعوت أحرونوت العبرية بالحنان اليهودي، والسماحة الإسرائيلية، ونشرت تقريراً عن الطفل العربي المريض محمد أشرف الفرا؛ الذي تخلا عنه والداه بسبب حالته الصحية المتردية، ومن ثم تخلت عنه عائلته، وتخلت عنه السلطة الفلسطينية، التقرير اليهودي يهزأ بالقلوب العربية والإسلامية الجاحدة، التي تخلت عن إنسانيتها، وتركت طفلاً صغيراً مريضاً في مستشفى تل هشومير الإسرائيلي دون أدنى تحمل مسئولية.
ولم تنس الصحيفة أن تشير إلى تبرع جهات يهودية بمبلغ 28 ألف دولار لعلاج الطفل، بالإضافة لما يتحمله مستشفى تل هشومير من مسئولية إنسانية في علاج الطفل.
فما أكرم اليهود! لقد اغتصبوا أرضنا الفلسطينية، وتفضلوا علينا بالعيش على أطرافها، وحاصروا المدن والقرى بالحواجز والطرق الالتفافية، ونتمنى عليهم وقف الاستيطان كبادرة حسن نية، واستباح اليهود أعمار شبابنا، ونطالبهم بالإفراج عن بعضهم كبادرة حسن نية، وقد قتل اليهود بدم بارد أطفالنا، ليظهروا إنسانيتهم حين يسلموننا الجثمان، وقد كسر اليهود عظامنا، ليحملونا أمام الكاميرا للعلاج في أرقى مستشفيات إسرائيل، وقد شردنا اليهود، ليتفضلوا علينا بعد ذلك بلم شمل بعض العائلات، وقد أزهق اليهود أرواحنا في المعابر، لنشكرهم بعد ذلك على شربة الماء البارد، وأهلكوا النسل أمام الحواجز الإسرائيلية، لنتغزل في رحمة الجندي الذي سمح بمرور سيارة الإسعاف، ولما انعدم غاز الطهي في غزة، تكرم اليهودي فسمح بإدخاله!
فما رأيكم بهذا اليهودي الرحيم الطيب الإنسان الذي يعرف متى يفر المرء من أخيه، ويتخلص المذبوح من أمه وأبيه، ومتى يترك المحتاج صاحبته وبنيه؟
إنه السؤال الذي يعرف إجابته كل يهودي، وتعرف إدارة مستشفى تل هشومير لماذا تخلى والد الطفل الفلسطيني عن ابنه؟ وما حجم المبالغ المالية التي تطلبه إدارة المستشفى بتسديدها؟ في الوقت الذي يعجز والد الطفل محمد الفرا عن توفير أبسط حاجيات البيت لأسرته، فكيف يمكنه تسديد فاتورة العلاج التي بلغت مئات آلاف الدولارات، تحملت السلطة الفلسطينية جزءاً منها، وسددت للمستشفى عشرات ألاف الدولارات من تكلفة علاج الطفل، ولكن عندما أدركت السلطة أن كل أموال التسول من الدول المانحة لن تكفي علاجاً للمرضى الفلسطينيين في مستشفيات إسرائيل، توقفت عن دفع المبالغ المستحقة لعلاج الطفل.
سأضرب بنفسي مثلاً على إنسانية اليهود:
لقد كسر اليهود ظهري في الأيام الأولى للتعذيب، حتى صرت مقعداً في السجن بلا حركة لسبع سنوات، ثم تكرموا على بالعلاج، وأجروا لي عملية جراحية ناجحة في مستشفى أساف هروفيه.
وقد أصدر اليهود بحقي حكماً جائراً لمدة ثمانية عشر عاماً في السجن، ولكنهم تكرموا علي، فأطلقوا سراحي قبل انقضاء المدة ابتهاجاً باتفاقية أوسلو، ولأنهم يعشقون السلام.
فهل يستحق اليهود الشكر أم يستحقون الجهر بسوءتهم، وفعالهم الدنيئة؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت