زيارة الرئيس عباس للصين لتعميق التشاور السياسي

بقلم: دياب اللوح


يبدأ الرئيس محمود عباس اليوم الأحد (5/5/2013م), زيارة رسمية إلى جمهورية الصين الشعبية تستمر لمدة ثلاثة أيام, بدعوة رسمية من الرئيس الصيني الجديد (شي جين بينغ), وهي زيارة الدولة الثالثة للرئيس عباس للصين, حيث كانت الزيارة الأولى في مايو/أيار (2005م), والزيارة الثانية في (30/4-1/5/2010م), قابل خلالهما الرئيس الصيني السابق (خو جين تاو), وقد حرصت القيادة الصينية على إرسال مبعوثها الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط في (28/4/2013م) لتسليم الدعوة بشكلٍ مباشر للرئيس عباس .

تأتي زيارة الرئيس عباس للصين في ظل قيادة صينية جديدة, إذ أنها الزيارة الأولى لأول زعيم عربي ومن منطقة الشرق الأوسط للصين بعد انتخاب القيادة الصينية الجديدة في مارس الماضي, حيث عبَّرت عن توجه جديد لديها واهتمام كبير بالتطورات والأحداث في الشرق الأوسط لدعم الجهود المبذولة لدفع عملية السلام في المنطقة, واستعدادها للعب دور حيوي وبنَّاء أكثر في حل القضية الفلسطينية, والعمل على تعزيز العلاقات مع فلسطين, وتعميق التشاور السياسي مع القيادة الفلسطينية, لتقديم رؤية لعملية السلام تختلف عن رؤية اللجنة الرباعية الدولية بخصوص إنهاء الصراع وحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة, ويعتبر الموقف الصيني الجديد خطوة متقدمة وتطور نوعي في الدبلوماسية الصينية في المنطقة .

تهدف زيارة الرئيس عباس للصين في هذا الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حِراكاً سياسياً لإخراج عملية السلام من المأزق الذي تمر فيه, إلى تعميق التشاور السياسي بين القيادتين الفلسطينية والصينية, وبحث العلاقات الثنائية بين فلسطين والصين والتي هي علاقات تاريخية ثابتة راسخة متميزة منذ مطلع الستينات في القرن الماضي, والاستماع إلى رؤية القيادة الصينية لدفع عملية السلام في المنطقة, سيما وأن القيادة الصينية سوف تستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي في اليوم التالي من زيارة الرئيس عباس للصين للاستماع إلى وجهتي النظر كما أكد المبعوث الصيني الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط وتقديم رؤية معينة وموقف معين من عملية السلام, حيث اعتبر المبعوث الصيني أن زيارة الرئيس محمود عباس للصين فرصة لتبادل الآراء حول الأوضاع في المنطقة وكيفية التنسيق في دعم العملية السلمية والحل العادل, وتأكيد الدعم الصيني المستمر لإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967م ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد الرئيس عباس بأنه سيُطلع القيادة الصينية الجديدة على المسار السياسي, إلى أين, وكيف يسير, وما هي العقبات التي تقف في طريقه, وما الدور الذي تلعبه بعض الدول مثل أمريكا, وشدد الرئيس عباس بأنه القيادة الفلسطينية تُنسق مواقفها في كل المناسبات وفي كل المراحل مع الصين وتضع قيادتها في الصورة كاملة, ويهتم الرئيس عباس بأن يستمر الدور الصيني بالاتجاه الإيجابي الذي هو عليه خاصة أن الصين دولة صديقة وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي ولديها مبعوث خاص للسلام في الشرق الأوسط, واعتبر الرئيس عباس أنه من الجيد جداً أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي الصين بعد زيارته مباشرةً واعتبرها فرصة أن يسمعوا من الجانبين, وقال الرئيس عباس أنه سوف يشرح للقيادة الصينية الكثير من الأمور لكي يعالجوها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مثل العقبات التي تضعها إسرائيل أمام المستثمرين الصينيين الذين يأتون للأراضي الفلسطينية.

وقد أشاد الرئيس عباس بالقيادات الصينية المتعاقبة التي بدأ الفلسطينيون علاقاتهم معها منذ عام 1964م, معتبراً أنها تنمو وتتجذر بين الشعبين الفلسطيني والصيني الذي يشعر بأن الشعب الفلسطيني مظلوم وأنه صاحب حق في الوصول إلى الاستقلال, وأضاف الرئيس عباس أن الصين لا تدعمنا بالأقوال فحسب بل بالأفعال على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية, معرباً عن اعتزازه كونه أول زعيم عربي يزور الصين في عهد القيادة الصينية الجديدة, وقال:" إن هذا شرف كبير له وللشعب الفلسطيني, حيث كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية اعترافاً كاملاً كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, وكانت أول دولة غير عربية تستقبل رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير آنذاك الأستاذ أحمد الشقيري في (17/3/1965م), وكذلك كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بإعلان قيام دولة فلسطين المستقلة في (15/11/1988م) وتعمل على رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني لديها إلى مرتبة سفارة دولة كاملة تتمتع بكافة الحصانات والامتيازات الممنوحة لأية سفارة دولة أخرى معتمدة لدى الصين وتقدم لها كل التسهيلات المتاحة, وهي الدولة الصديقة التي لازالت تقف بثبات في المحافل الإقليمية والدولية كافة إلى جانب الشعب الفلسطيني.

إن القيادة الفلسطينية حريصة كل الحرص أن تقوم القيادة الصينية بدور فعّال في عملية السلام بما لها من ثِقل في الساحة الدولية وعلاقات جيدة مع كل الأطراف في المنطقة, ومن المتوقع أن تعمل هذه الزيارة الهامة للرئيس عباس للصين على إحداث نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين الجانبين, وتعمق التشاور السياسي بين القيادتين الفلسطينية والصينية بشكل أكبر لدفع الجهود المبذولة لإنقاذ عملية السلام من الطريق المسدود الذي وصلت إليه, سيما وأن الرئيس عباس تربطه علاقات تاريخية وأواصر صداقة عميقة مع القيادات الصينية في الدولة والحكومة والحزب الشيوعي الصيني, ومن المأمول أن تساهم هذه الزيارة الرسمية في ظل القيادة الصينية الجديدة في دفع العلاقات التاريخية بين فلسطين والصين, وأن تدفع باتجاه دور صيني فاعل في المنطقة وعملية السلام.

بقلم/ دياب اللوح


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت