سياسة التوسل والتسول والاستجداء !!

بقلم: عبد القادر فارس


في زمن زعامة البترو - دولار للأمة العربية من إمارة شبه الجزيرة النفطية , وصلنا إلى حد التوسل والتسول والاستجداء لحقوقنا الضائعة والمسلوبة , بعد زمن القامات الكبرى من قادة الأمة أمثال جمال عبد الناصر وهواري بومدين وصدام حسين وياسر عرفات , حين كان للكلمة وزن , وللمواقف رجال , هم آخر الرجال المحترمين , جاء زمن الصغار والأقزام , فحين تقود الأمة إمارة النفط القطرية , فبئس الزمن هذا , وبئست أمة هذه تمتد من الماء إلى الماء , تتحكم في نصف نفط العالم , وتملك تاريخا وإرثا وجغرافيا , وتملك شعوبا كانت في يوم من الأيام تقود العالم من شرقه إلى غربه , تصل - وللأسف – إلى هذا المنحدر من الذل والضعف والانهيار , إلى حد الاستجداء من الأعداء منحنا جزءا من حقوقنا , نتسول ونتوسل أميركا واسرائيل , ونقدم التنازل تلو التنازل , دون أن ننال الرضا أو القبول , فبعد مضي أكثر من عشر سنوات على مبادرة السلام العربية في قمة بيروت , والتي قابلتها اسرائيل بكل رفض وبرود , جاءت مبادرة اللجنة العربية السباعية بقيادة وزير الإمارة النفطية , معلنة تمام الاستعداد بقبول مبادلة الأراضي من أجل سلام مفقود , في زمن ظهور النعاج وغياب الأسود , ألهذا الحد وصلنا من الضعف والخنوع حتى بات يحكم فينا الخرفان والقرود ؟!
في هذا الزمن الردئ , الذي أصبحت فيه الخيانة وجهة نظر , بات العملاء فيه قادة وزعماء , يقودون أمة المليار بالنفط والدولار , ومن العجب العجاب , في زمن ثورات الربيع العربي , التي أصبحت خريفا بعد ما لحق الديار من خراب ودمار , أن تقوم شبه الجزيرة في إمارة النفط العربية , بقيادة الثورات العربية من تونس وليبيا في مغرب العرب , إلى مصر وسوريا في مشرق العرب , تدعم الثوار بالسلاح والدولار , لتتحول الثورات إلى كشف عورات , بعدما اختطف الوصوليون والأصوليون من دعاة الاسلام , الثورة من يد الشبان أصحاب الفكرة والانطلاقة , ليصرخ صاحب السلطان والصولجان بكل صفاقة , إن النصر لمن يصل الميدان والمكان , ولو كان في الوقت الضائع وآخر الزمان .
صاحب نظرية التوسل والاستجداء , جادت قريحته هذه الأيام بمبادرة مبادلة أراض استولى عليها المستوطنون , بأراض استولى عليها جنود اسرائيل من عشرات السنين , ونحن نعلم علم اليقين أن كل الأرض هي فلسطين , من يافا إلى حطين , ومن غزة إلى جنين , فكيف نبادل أرضنا المحتلة في القدس ونابلس ورام الله , بأرضنا لمحتلة في الجليل والمثلث والنقب , والله لأنه أمر عجب في زمن هؤلاء العربان الذين لا يستحقون اسم العرب .
أصحاب القيادة والنفوذ الجدد في عالمنا العربي والإسلامي , والذين تحميهم القواعد الاميركية في "العيديد والسيلية " , يتاجرون بكل شيء من النفط إلى الأرض والعرض , وصولا إلى القضية الفلسطينية , يدعمون تقسيم الشعب الفلسطيني ما بين غزة والضفة الغربية , ويدعون أنهم يعملون من أجل المصالحة الوطنية , يحضر أميرهم الكبير إلى غزة المحاصرة ليكسر الحصار , وفي رأسه أكثر من موال , يحمل معه أكياس الدولارات والريالات والدنانير , ويستقبل استقبال الفاتح الكبير , ويسبح أهل البلاد بالحمد والشكر والثناء على كاسر الحصار وباني الديار , ومدمر السور العازل والجدار .
بعد أن ذهبت " السكرة " وجاءت المبادرة والفكرة , استيقظ الإخوان وصاحوا في المساجد والمنابر وفي كل وسائل الإعلام , أن الأمير لا يحق له الكلام , باسم أصحاب الحق والديار , ولا باسم المقاومة ولا المنظمة , ففي هذه الديار " شعب الجبارين " , الذي لا يمكن شراؤه ولو بالمليارات والملايين , وعلى من نصب اليافطات وصور الأمير أن " شكرا قطر" , أن يرفع اليوم هذه اليافطات من الشوارع والساحات , ويعلق علم فلسطين بدلا من كل الرايات , ويسعى للمصالحة والوحدة الوطنية , بدلا من الجري وراء السراب , أو استجداء الأموال " الملوثة " والمشبوهة , فكرامة الانسان وتحرير الأوطان , لا تشترى بالمال والتسول لدى الأمير والسلطان.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت