تمر القضية الفلسطينية بأكثر المنعطفات خطورة عليها منذ النكبة الأولى عام 1948 والنكبة الثانية في عام 2007 ، فقد تطوعت وتبرعت الجامعة العربية بقيادة الأخ الأكبر للعرب ولفلسطين الولايات المتحدة القطرية بتقديم التنازلات المجانية على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ، وفي ظل أمة أصاب عقلائها وشيوخها عمى الألوان ، لم يعد الدجال الأمريكي الأعور والشيطان الأكبر العدو الأكبر بل أصبح الجميع يتهافت على كسب رضاه ويخطب الشيوخ من على منبر رسول الله لدعم وتأييد حاكم الشقيقة الكبرى للبلدان وأميرها حمد أمير هذا الزمان ومن معه من جوقة المستنجدين المتسولين لتدخل علوج الأمريكان ومن لف لفهم بلاد العرب والإسلام .
لقد مللت من هذه الأمة التي أنتمي لها قلباً و قالباً ، فلا أجد لها ولو بقايا نصر ، بل من تعثر إلى تعثر ومن خذلان إلى خذلان ، ومن مؤامرات على شكل مؤتمرات ، ولقد عزمت أمري وقررت الانعزال حتى لا يتكدر مسمعي ولا يسيل مدمعي ، ولا أغوص في اللُجة لأبحث لأولي الأمر عن أي تبرير أو حجة ، ولكن ما دعاني للعودة والخروج من هذه الحالة أمران رأيت أن من واجبي أن أقف عندهما ، وأبدأ بأولهما ألا وهو العدوان العربي الإسرائيلي على سوريا ، فبعد أن تم تجهيز المسرح لهذا التدخل من خلال إستخدام كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة والتي كان آخرها ما كشفه تحقيق الأمم المتحدة من إستخدام المعارضة لغاز السارين السام وليس أخرها أخذ التعليمات من العم سام وأمير هذا الزمان ، لكن أكثر الأمور مدعاة للحزن والشفقة ما تم من إستخدام لمنابر رسول الله للدعوة للشيطان الأكبر ليتدخل أكثر وأكثر ، وأنا هنا لا أجادل بأن على نظام الأسد أن يرحل أو لا يرحل ، فنحن من عانى الإضطهاد والظلم لا يمكن أن نكون عن الحق ساكتين ومعرضين و لا يمكن أن نكون مساندين لمن يمتهن كرامة شعبه ولا يمكننا إلا أن نكون في صف هذا الشعب ولكن المبادئ كما الأوطان كلٌ لا يتجزأ ، فنحن لا يمكن أن نقبل أن تُستباح عاصمة عربية أبية من الأعداء ونقف مكتوفي الأيدي ونكتفي بالفعل اللفظي ، وأنا لا أعرف كيف سيسوق المعارضون هذا التدخل وأنا هنا أقصد للتاريخ ..... حقاً لا أعرف وسأترك الإجابة للتاريخ .
والأمر الثاني الذي أود التعليق عليه هو ما يتعلق بما كتبه الصحفي اليهودي روجر كوهين في صحيفة نيويورك تايمز والتي حاور فيها رئيس الوزراء المستقيل فياض وخرج فيها بمقالة تحتوي على بعض الإقتباسات المنقولة حرفياً على لسان فياض وقد ميزها الكاتب عن إنطباعاته وتحليلاته بقوله قال لي فياض أو تنبأ فياض ولما كان هذا الصحفي معروف بمصداقيته في نقل الأخبار وبحياديته في طرح التحليلات ومهنيته العالية في تناول القضايا الشائكة ، جاء نفي رئيس الوزراء مرتبكاً وعبر مكتبه وبطريقة متناقضة فما بين التأكيد على أن فياض لم يدلِ بأية تصريحات أو مقابلات منذ أن تقدم باستقالته للرئيس محمود عباس ، إلى الدعوة لوسائل الإعلام المحلية إلى التوقف عن المشاركة في تحريف مقالة الصحفي روجر كوهين من خلال ترويج بعض ما ورد فيها باعتبارها مقابلة صحفية مع رئيس الوزراء فياض ، بينما هي في الحقيقة مجرد مقال رأي خاص بهذا الصحفي.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة الكونية والتي يتبناها فريق رئيس الوزراء والتي يشارك فيها العرب والعجم والتي يقال في كواليس المقربين من رئيس الوزراء فياض بأن هذا الأمر جزء من هذه المؤامرة ولا يعدو إلا نوع من تصفية الحسابات الشخصية !!!! ، وأنا هنا أتفق معهم لأول مرة فالقضية هي قضية تصفية حسابات بين من شكل مظلة لعمل رئيس الوزراء لأكثر من ست سنوات ومنحه كافة الصلاحيات والإمكانيات ومنع عنه المساءلات وبين من يريد تشكيل حزب سياسي يتوهم أنه يمكن أن يقوم على أنقاض حركة فتح بعدما نجح في إستقطاب بعض المنتفعين من العتالين المأجورين ولا يفوتني أن أنوه لبعض المقالات التي هاجمت النائبة نجاة أبو بكر حين هاجمت فياض وجوقة المنتفعين من حوله.
نعم إنها تصفية حسابات بين تنظيم عريض كبير متجذر تحمل وزر وأخطاء وتجارب الحكومة لأكثر من ست سنوات أُُرهق فيها الشعب بالديون بالرغم من وعود الحكومة التي زالت فلا يوجد رفاهية ولا ما يحزنون ، وبين من كان يريد أن ينسب النجاحات التي تحققت لنفسه وينسب كافة الإخفاقات لغيره وللتدخلات الخارجية والداخلية ويغفل عن سوء الإدارة الفعلية .
ينسى أو يتناسى المقربين من رئيس الوزراء بأن كافة هذه المواقف تتسق مع صاحب المشروع السياسي والذي تغنى به الكثيرون من المستفيدون وأفرد له الكتاب الغربيون أعمدة الصحف والمجلات والتحليلات والتي تتحدث عن فياض والربيع العربي .
إن حجم الإساءات التي تفوه به رئيس الوزراء بحق القيادات التاريخية السابقة والحالية كبير ، كما أن المطلوب ليس التوضيح والتبرير لأن المطلوب ليس من رئيس الوزراء ، بل المطلوب من قيادة هذا الشعب أن يكون لها وقفة مع الذات ، وقفة عز تقول فيها كلمة الحق وتُخرس كافة الألسنة التي تصدح بالسوء ، وقفة عز تقول للمشروع الأمريكي الجديد والمنوي إقامته على أنقاضها بملء فيها لا لن يمر هذا المشروع إلا على جثثنا .
وفي النهاية أختم مقالتي بهذا السؤال البريء والذي آمل ألا يكون من ضمن نظريات المؤامرة الكونية العالمية
هل هناك تقاطع بين الهجمات الإسرائيلية على سوريا والمشروع الأمريكي في المنطقة لتمكين بعض أطراف الإسلام السياسي من الحكم وبين مشروع سلام فياض القادم ؟؟؟ .... سؤال ستظهر قادم الأيام بعضاً من إجاباته !
تنويه : للشهر الثاني على التوالي لا يزال أصحاب الوكالات يطرقون الأبواب المختلفة وليس هناك من مجيب ، فلمن التوجه يا أهل الحل والعقدة وأين الهيئة القيادية ونقابة الموظفين مما يجري ؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت