ربيع عربي ام مشروع صهيوني لتفتيت المنطقة العربية

بقلم: جادالله صفا

هناك الكثيرون الذين كتبوا عن ما يسمى الربيع العربي، وبكتاباتهم تجاهلوا عن قصد او غير قصد الدور التامري الغربي والصهيوني على الشعوب العربية ودولهم والوحدة العربية، كأن ما يحصل هو مطلب جماهيري ورغبة بالتغيير،متجاهلين الدور الصهيوني والغربي باحداث المنطقة وما يسمى بثوراتها، فالتغيير بالواقع هو الذي يعبر عن طموحات ورغبة الجماهير العربية بالحرية والتقدم والتطور وبناء المجتمع الديمقراطي الخالي من العبودية والتمييز ومن اجل المساواة والعدالة الاجتماعية وضمان الحريات العامة، تغيير يضمن للدول العربية استقلالها وسيادتها، دولا تكون بعيدة عن التبعية والاستعمار لها سيادة كاملة على اراضيها وخيراتها.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه الثورات ستأتي لنا وستحقق للانسان العربي طموحاته وللدول العربية استقلاليتها وسيادتها بعيدة عن الاستعمار والتبعية؟ هذا ما لا يطرحه العديد من المحللين والكتاب والمطلعين على الوضع العام العربي، من اجل خلق نقاش واسع وشامل لمعرفة اهداف هذه الثورات وباي اتجاه تصب، وان ما يطرح بالاساس هي قضايا عاطفية لا تعبر بالواقع عن رؤية علمية واضحة.
من الجائز ان اطرح السؤال التالي: هل الانظمة القائمة او تلك التي سقطت كانت فعلا ديمقراطية وان وجودها كان يعبر عن رغبة جماهيرية وحامية استقلال الدول وسيادتها؟ بكل صراحة لا ومليون لا، هي بالواقع انظمة داست على رقاب شعوبها وانتهكت كل الحرمات وفرضت حالات قهر وظلم، فلا اكثرها وطنيا ولا اقلها تعاملت مع المواطن العربي كانسان يحق له العيش بكرامة وانسانية، ولكن اين الحل؟
تاتينا اليوم تنظيمات دينية متعددة ومتنوعة واكثرها شهرة حركة الاخوان المسلمين وغيرها من التنظيمات الاكثر دموية وقمعية تمارس القتل وترتكب جرائم بحق الانسانية والبشرية تحت اسم الدين، لتقول انها مع الديمقراطية وان هذه الانظمة فاشية ويجب التخلص منها، وان اي دراسة معمقة بايديولوجية هذه الحركات الدينية لا تجد بداخلها الا مفاهيم الرجعية والظلام والتقسيم والتفتيت ويضاف اليها ايضا مفهوم الجريمة والقتل.
هذه التيارات هي التي تعمل على تفتيت المنطقة العربية ودولها وليست الحكومات القائمة، فهناك البعض الذي يتهم النظام السوري بالتفتيت وبناء الدويلة العلوية، فسوريا دولة واحد بغض النظر عن طبيعة الحكم القائم بها، فهي مهددة اليوم بالتقسيم على يد هذه التيارات الدينية وليس على يد النظام القائم، كما هي مهددة مصر والعراق لدويلات طائفية، وليبيا المهددة بالحكم القبلي، وها هي السودان تم تقسيمها الى دولتين ليس برغبة عربية او جماهيرية سودانية وانما مؤامرة امبريالية غربية.

لماذا المحللون والكتاب لا يتحدثون عن المشروع الصهيوني لتفتيت المنطقة العربية الذي نشر فى عام 1982 من خلال مجلة "كيفونيم" التى تصدرها المنظمة الصهيونية العالمي؟ فالوثيقة بعنوان "أستراتيجية اسرائيلية للثمانينات" ولقد نشرت الوثيقة باللغة العبرية ، وتم ترجمتها الى اللغة العربية، ففي الموضوع السوري تقول الوثيقة الصهيونية:
1- ان سوريا لاتختلف اختلافا جوهريا عن لبنان الطائفية باستثناء النظام العسكري القوي الذى يحكمها، ولكن الحرب الداخلية الحقيقية اليوم بين الأغلبية السنية والأقلية الحاكمة من الشيعة العلويين الذين يشكلون 12% فقط من عدد السكان، تدل على مدى خطورة المشكلة الداخلية .
2- ان تفكك سوريا والعراق فى وقت لاحق الى اقاليم ذات طابع قومى ودينى مستقل، كما هو الحال فى لبنان، هو هدف اسرائيل الاسمى فى الجبهة الشرقية على المدى القصير، فسوف تتفتت سوريا تبعا لتركيبها العرقي والطائفي الى دويلات عدة كما هو الحال الآن فى لبنان.
3- وعليه فسوف تظهر على الشاطئ دولة علوية.
4- وفى منطقة حلب دويلة سنية.
5- وفى منطقة دمشق دويلة سنية أخرى معادية لتلك التى فى الشمال.
6- وأما الدروز فسوف يشكلون دويلة فى الجولان التى نسيطر عليها.
7- وكذلك فى حوران وشمال الاردن وسوف يكون ذلك ضمانا للامن والسلام فى المنطقة بكاملها على المدى القريب. وهذا الامر هو اليوم فى متناول ايدينا.
فالسؤال: هل ما يجري بسوريا خارج هذا النطاق؟
فهل التيارات الدينية كالاخوان المسلمين وجبهة النصرة والسلفيين والوهابيين والحركات التكفيرية الاخرى بامكانها ان يقيموا دولة لمواطينيها متساوين بالواجبات والحقوق؟ وما هي طبيعة الديمقراطية التي تسعى لها هذه التيارات الدينية؟ وما هو الدور الامريكي والصهيونية وكيانها باحداث المنطقة العربية وهل هم بريئون ولا علاقة لهم بهذه الاحداث؟ لماذا اصحاب التوجهات الدينية وما يسموا بالاسلام السياسي يتجاهلوا عن قصد ان الربيع العربي يخدم بالاساس المخطط الصهيوني الرامي الى مزيد من تفتيت المنطقة واشعال الحروب الطائفية بها.
ان كشف المخطط الصهيوني لتقسيم المنطقة العربية وتعريته هي من اولى الواجبات التي يجب ان تكون من مسؤوليتنا وان نبتعد عن العاطفية، فصدام حسين كان ظالما بحق شعبه ولكن ما تمر به العراق اليوم ليس بافضل، وان العدوان الصهيوني الاخير على سوريا انما هو لاضعاف النظام القائم من اجل تسهيل عملية وتفتيت سوريا الى دويلات صغيرة كما كشفها المشروع الصهيوني، وليس امامنا الا خيارا واحدا وهو الوقوف الى جانب النظام السوري، ليس حبا به وانما دفاعا عن وحدة سوريا ووحدة شعبها ومنعا لمزيد من سفك الدماء.

جادالله صفا – البرازيل
06/05/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت