ليس بعيداً عن الفكر الذي يؤمن بنظريات المؤامرة والتخطيطات الإستراتيجية وليس قريباً من عشوائية الأحداث والتغيرات ، بل نبقى في حالة رمادية لنكون اكثر موضوعية وعقلانية في التحليل ، فما يحدث في الوطن العربي لم يأت بمحض الصدفة ، بل يعد نتاج تخطيط إستراتيجي بين القوى العظمى والصهيونية العالمية المنادية بتقسيم المقسم وتجزيئ المجزأ وذلك لضمان إستقرارهم السياسي والعسكري والإقتصادي والسيطرة على موارد المنطقة العربية من الغالي والنفيس .
على أي حال إن المتتبع للتاريخ يجد أن الدول العربية تتعرض في كل فترة زمنية تتراوح ما بين عشرة سنوات إلى إثني عشر سنة إلى أزمات وتغيرات واحداث تهدف إلى زعزعة إستقرار المنطقة العربية ، فمنذ سقوط الخلافة العثمانية 1917 بمساعدة بريطانيا وفرنسا للمتمردين العرب للعمل على إسقاط الخلافة العثمانية العجوز ، وقد قسم الوطن العربي بإتفاقية سايكس بيكو وتقاسمت فرنسا وبريطانيا المنطقة العربية فقسمت الدول العربية وصنعت الحدود والسدود بين أهل الوطن الواحد وفرقتهم عملاً بمبدأ فرق تسد ورزخت الشعوب العربية تحت نير الإحتلاليين أكثر من خمسين عامأً عدا الجزائر التي إستمر إحتلالها أكثر من مئة وثلاثين عاماً وبحجة واهية تعلقت بلطم الوالي الجزائري للسفير الفرنسي بالمروحة .
كانت بيرطانيا وفرنسا في بادئ الأمر تتصارعان للحصول على النفوذ في المنطقة حيث كانت حملة نابيلون لإحتلال مصر و قطع الطريق على الانجليز من وضع أقدامهم في المنطقة ومع مرور الزمن وفشل هذه الحملات وجدت بيرطانيا وفرنسا ان يتقاسما السيطرة على هذه المنطقة خاصة بعد إنتصارهم في الحرب العالمية الأولى حيث لديهم نفس الأهداف الإستعمارية والنوايا المشتركة ، وما بعد حصول الدول العربية على الإستقلال الوهمي والشكلي ظلت بيرطانيا وفرنسا تتدخلان بأمور الدول العربية ظهر ذلك جلياً في العدوان الثلاثي عام 1956 ، كما وإن المتابع لتاريخ المنطقة بشكل مستفيض سيرصد الأزمات المفتعلة و يظهر أن الأزمات المالية والإقتصادية والسياسية تدفع ثمنها الدول العربية والإقتصاد العربي وذلك بسبب أن الدول العظمى تصدر أزماتها بحجج مختلفة وإعلام مسيس فتعمل القوى العظمى بإختصار على سلب مقدرات هذه الأمة بسبب واضح ومعلن او غير ذلك وتتنوع هذه الحجج ما بين الأسلحة الغير تقليدية كما حصل في الحالة العراقية حين إحتلت الولايات المتحدة العراق وبحجج أخرى تتعلق بفرض الديموقراطية التي لايمكن تطبيقها في مجتمعنا العربي الذي يعاني من الفقر والجوع ولا ينقصه سوى الممارسات السياسية !!
هذه الأزمات تصنع لكي ينشغل العالم العربي بأبسط القضايا وأن يطالب بلقمة عيش كريمة وأن يحصل على قوت يومه وان يحظى بفرصة عمل وهكذا من الامور ، كما يهدف صنع الازمات من السيطرة المباشرة على الموارد العربية والمواقع الإستراتيجية في المنطقة ، بل والأصعب من ذلك هو أنه في الدول العربية أصبح مواطنيها لاجئين في أراضيهم التي شردتهم الازمات المصطنعة والحرب الطائفية التي صنعها الغرب ومولها وغذاها بالمال والسلاح وبأيدي رخيصة عربية .
إن الدول الغربية التي تنادي بالديموقراطية وحقوق الأنسان هي التي تصنع رفاهية مواطنيها من خلال دماء وعرق الشعوب المسحوقة ، فلو وصلت هذه الرسالة للشعوب لا للحكومات حتى لا تحرف بوصلة الدول المسحوقة نحو التشدد ، فالتعاون الدولي والشعبي بين الشعوب يكفل للعالم أن يعيش بسلام وأمن ، كما على العرب ان ينظروا بحكمة وتروي في الأحداث والتغيرات والنظر بعمق لما يحدث في المنطقة من صراعا ت للقوى العظمى على حساب أمتنا العربية ، فالتاريخ يعيد نفسه فاليوم كالامس إن لم نتعظ مما بالأمس فلن نتعظ اليوم وسنخسر كل شيئ .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت