كم نحن في أيامنا بحاجة إلى علم أهم من الجغرافيا ،والتاريخ ،الأدب والرياضيات علم يحتاجه المثقف، والسياسي ،والمؤرخ ،ويحتاجه القبطان ،والبحّارة ،بل وأئمة المساجد ،وأرباب أوربات البيوت أوبسطاء الناس بصورة عامة!!
فإذا كانت الملاحة هي ذاك العلم سواء أكانت بفتح الميم من ملح - يملح ، ملاحة : - حسن منظره وبهج ..،أوكانت أي الملاحة بكسر الميم، والتي تعني من الجانب البحري أو الفلكي أوالبري أو النهري : علم فن النقل لسفينة أوغواصة أو طائرة أوالسير من مكان إلى آخر قريب أو بعيد ، والوصول أو العودة إلى بر الأمان ،والأهم هو ماذا لو عملنا دراسة مقارنة كما في علم التربية المقارنة بين الملاحة والتي الأصل فيها السير لتحقيق هدفا ما ..مشروطا ذلك بالأمان!!
تُرى إذا حاولنا تطبيق الملاحة في جميع مناحي حياتنا المجتمعية ،هل سيكون هناك انحراف في السلوك العام ،وإن حدث فالبوصلة الأخلاقية ،والتي لا تحتمل أية أخطاء مغناطيسية أو حقيقية أليست كفيلة بتقويم ذاك الانحراف وتقويمه؟!! ،ولو طبقنا هذا العلم في حياتنا العملية هل كان من الممكن أن تتفشى في قلب حياتنا عدوى البطالة ،والتي من تراكماتها ازادت نسبة العبوسة ،واجتاح غول الفقر أمعائنا الخاوية؟!! ،وهل كنا حينئذ نحتاج إلى القيام بالثورات، والتي أحد أهم أهدافها ..التغيير.. والتغيير هو التحول من حالة إلى حالة أخرى أي كما التحويل من نظام قائم وفاسد من قبل الذين قاموا بتلك الثورات، إلى خلق نظام آخر بديل ؟!! ،ولو طبقنا مفهوم علم الملاحة في بيوتِنا والتي تعتبر النوية الأولى و المركزية في المجتمع ..فهل ستزداد حالات الطلاق التي أصبحت تعج بها المحاكم اليوم،وهل ستكون هناك سرقات ،أو سلب ،وقتل وانتهاكات لحقوق العباد ؟!!،و هل نحتاج إلى اللجؤ للقضاء طالما ليس هناك متضرر أو نحتاج للرقابة الشرطية لفض النزاعات مدنية أكانت أو قبلية ؟!!،ولو طبقنا مفهوم علم الملاحة هل سيدرك خطباء المساجد الذين يعتلون المنابر في كل جمعة دورهم الحقيقي في توعية الجماهير ،والتي كم تحتاج في جلسات استراحاتها وقت الصلاة، إلى من يُثلج صدورها العابسة جراء ما تكابده حياتهم من واقع موحش مكفهر و مرير ،ومن ضغوطات وانفجارات !!وهل سيدرك أولئك الخطباء الفرق الشاسع بين الكلمة الخبيثة وما تحتويها من تحريضات ملتهبة ،هنا وهناك ، وصب الزيت على النار وإشعال الفتن المنبثقة من دسائس السموم في العسل والتي هي نائمة لعن الله من أيقظها،وبين الكلمة الطيبة ،والتي تتوغل في نفوس المصلين كالبلسم الشافي فتجدد نشاطها الحياتي والإيماني ،وتعينها بعد رحلة الشقاء ،والكفاح طوال الأسبوع من أجل توفير لقمة العيش ..كلمات تهفو كالفراشة فوق الأزهار فتنقلهم تارة من معرفة فقه الصلاة والوضوء والصيام ،وفقه الموتى الذي لا يعلم عنه الأحياء إلا شخوص البصر ،وتوقف القلب عن النبضات وتارة أخرى إلى الحث على المعاملات الإنسانية السامية ،واحترام الإنسان !!
بكل موضوعية ،ورغم كل ما يمكن تحقيقه في كل ما تناولته من إنجازات هائلة ..إلا أنه من باب أولى وأحق أليس العلم الحقيقي الذي نحتاجه فعلا ،والذي يفوق علم الملاحة بفتحها أو كسرها ،بكثير بل وأرقى من كل العلوم مكانة وتعظيما ..هذا العلم الذي هو منهاج العقيدة الإسلامية و تطبيقها..أليست العقيدة الإسلامية فيها إجابات كافية شافية لكل قضايانا ،ولكل التساؤلات التي طرحها الفلاسفة وحيرتهم في المجتمعات القديمة أوفي العصر الحاضر مثل تساؤل سقراط عن الالتزام ،وأفلاطون عن العدل، ومكيافيللي عن كيفية تحقيق الوحدة الوطنية للإنسان ،وشارل مونتسكيو عن كيفية منع تسلط الحكم ،وجان جاك روسو عن كيفية محافظة الإنسان على حريته في ظل الدولة وتساؤلات وتساؤلات أخرى عديدة !!
أليس في منهاج عقيدتنا كل دوافع النجاح ،والنجاة في الدنيا ،والآخرة لكن أنّى لنا بعدما اتبعنا سبل الشيطان وأعوانه، والتزمنا طربق الغواية وبعدما تهدمت كل نظرياتنا كما هدمت المساجد والصوامع أن نطبق العقيدة الربانية ،وأن نطبق منهاج النبوة والسير على خطى رسولنا الكريم وأعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ما أحوجنا إلى الرجوع لفهم النظرية الإيمانية حتى نتمكن من التطبيق !!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت