لم تكد تمضي ايام على التنازلات العربية التي قدمها الوفد العربي في واشنطن لكيان الاحتلال الصهيوني والمتمثلة في تبادل الأراضي والتنازل عن حدود عام 1967، وإذا نظرنا لكل ما يحدث بين العرب وإسرائيل بشأن القضية الفلسطينية وجدنا أنه انعكاس لحالة الضعف التي تعيش فيها الأمة العربية ، بينما يأتي الشيخ القرضاوي “شيخ الفتنة والضلال” الى قطاع غزة، من بين أهم أهدافها تكريس الانقسام في الساحة الفلسطينية وتعميقه، من اجل اعلان غزة امارة تلتزم بسياسات جماعة الاخوان وبرامجها، والتقيد بتوجهات هذه الجماعة التي باتت تربطها علاقات قوية مع الولايات المتحدة المدافعة باتجاه تسلمها الحكم في المنطقة العربية، مع الاخذ في الحسبان ضرورة التنسيق مع تركيا العضو في حلف الاطلسي، والبقاء في دائرة مشيخة قطر الوكر الاخطر في المنطقة
وامام زيارة القرضاوي الداعية للشر الذي حصل على جواز سفر فلسطيني غير شرعي ، من قبل حركة حماس انما يتناقض مع انهاء الانقسام ، بل الغرض منه دفع الساحة الفلسطينية الى المزيد من الشرذمة والانقسام خدمة لاهداف واغراض اصبحت معروفة ، وهذا بكل تأكيد يكشف الدور التامري بشكل سافر ووقح على قضايا ومصالح الامة العربية، تحت يافطة وذرائع الديمقراطية ومساندة ودعم "الثورات" العربية،البست الأنظمة فيها اثواب الشياطين والمعاداة لمصالح شعوبهم ، وان هذه الزيارة تزامنت مع هجمة المستوطنيين الصهاينة لباحات المسجد الاقصى تحت حراسة قوات الاحتلال، وهنا السؤال ما هو موقف القرضاوي الذي وللاسف حرم على الشعوب العربية والاسلامية الذهاب الى المسجد الاقصى والقدس ، فا هو يغادر ولم يأتي على ذكر مبادرة وزير خارجية قطر والوفد العربي ، هذه المؤامرة السياسية التي تستهدف تصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وضرب المشروع الوطني الفلسطيني، باستغلالهم التباينات والتناقضات والخلافات الداخلية بين قوى ومكونات الشعب الفلسطيني، وانها تشرعن الاستيطان الكوليونالي الصهيوني في المناطق الفلسطينية المحتلة.
إن الاحتلال الصهيوني يدنس الأراضي الفلسطينية عامة والمسجد الأقصى الشريف خاصة، ويصدِّر دنسه وإرهابه إلى خارج الأراضي الفلسطينية إنما ينطلق من ثقة كبيرة منحه إياها العرب هذه المرة وبصورة سياسية وعن سبق إصرار وترصد، فإذا كان الاحتلال الصهيوني في السابق ينطلق في ممارسة تدنيسه وإرهابه من حالة الضعف والهوان التي تعصف بالوضع العربي، فإن هذه الحالة يضاف إليها عملية غير مسبوقة من الاستسلام والخنوع وتقديم التنازلات، وبالتالي فإن وللاسف نرى بأن المعنيين بإعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث وإعادة بريقها وتوهجها ومركزيتها أصبحوا في حالة ريب وشك، ويأس وإحباط، وأسهموا في إضعاف مراكز قوة القضية الفلسطينية عمدًا. ولذلك لا عجب أن يأتي القرضاوي لزيد حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية ، بينما يواجه العلماء والشيوخ والنساء والأطفال والشباب الفلسطينيون الاحتلال وقطعان مستوطنيه دفاعا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
ان قضايا الشعوب الكبيرة والعادلة ورغم مضي سنوات كثيرة عليها لا تسقط بالتقادم, ولن تكون نسياً منسياً بسبب تضافر قوى إقليمية ودولية على طمسها, وقضية الشعب الفلسطيني هي قضية القضايا, إنها قضية العصر والتي لن تغيّبها المؤامرات الدولية والإقليمية, ورغم كل العراقيل والصعوبات التي تواجه الشعب فلسطيني , ستبقى قضية فلسطين قضية عدالة رغم السيف المسلط على الضمير العربي والإسلامي والدولي, فلن يضيع حق وراءه مطالب, وستبقى الحقائق التالية تفرض نفسها ، لان الصراع الشامل والمفتوح والتاريخي مع الاحتلال الصهيوني وكيانه البغيض لن يتوقف إلا بتحقيق الحقوق التاريخية والعادلة للشعب الفلسطيني, وأن قضية فلسطين بكل تجلياتها وأبعادها المحلية والإقليمية والدولية ستبقى جوهر الصراع العربي الصهيوني حتى تزال الأسباب الحقيقية لهذا الصراع بضمان كامل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفي المقدمة منه حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
أيام وستحل الذكرى الخامسة والستون للنكبة والشعب الفلسطيني لا يزال يرزح تحت نير أبغض احتلال عرفه التاريخ، حيث قدم هذا الشعب المناضل الآلاف من قوافل الشهداء ، بينما المشهد العربي يعود الى زمن الهيمنة والتبعية والتخلف عبر صور واشكال جديدة ، الأمر الذي يفرض على كافة القوى القومية والتقدمية العربية مزيداً من الوحدة والنضال لتثبيت أسس وبرامج الثورة الوطنية لقطع الطريق على مشهد ما يسمى الإسلام السياسي المتحالف مع القوى الاستعمارية ، والعمل على إعادة القضية الفلسطينية إلى مكانها الطبيعي في الحالة العربية ، وهذا يتطلب ايضا إعادة تكريس البعد القومي لقضة فلسطين باعتباره أصبح الآن ضرورة ملحة لحماية الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني.. وبما يعيد للقضية الفلسطينية مركزيتها في مواجهة الاستراتيجية الكونية للحركة الصهيونيه ، وإن سياسة تقطيع أوصال الأمة..وعزل قضاياها عن بعضها البعض, كانت هدفاً صهيونياً دائماً وصولاً إلى الاستفراد بالشعوب العربية وفرض الهيمنة عليها.
ولهذا نرى اهمية العمل على استكمال الجهود التي تبذل من اجل انهاء الانقسام وتعززيز الوحدة الوطنية والاسراع في تشكيل حكومة فلسطينية للاشراف على انتخابات رئاسية وتشريعية ، وعقد اجتماع اللجنة العليا لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية من اجل استعادة وحدة المنظمة وتفعيل مؤسساتها على أساس ديمقراطي ومشاركة كافة القوى فيها والقيام ،واحترام القانون ومحاسبة الفاسدين هي المقدمة المناسبة التي ترسم الصورة الحية لآفاق دولة فلسطينية مستقبلية كاملة السيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة بعاصمتها القدس.
ان القضية الفلسطينية قضية قانونية وأخلاقية الى جانب كونها قضية شعب ووطن، وهذا ما يجب ان يعرفه القرضاوي والقطري ، فأرض فلسطين كلها ملك للشعب الفلسطيني، فليس من حق أي فلسطيني او عربي التنازل عن عن ارض فلسطين كونها ليست ملكاً خالصاً له بل هي ملك لشعب قائل وضحى ، فهي غير قابلة لا للبيع ولا للتبادل او التنازل عن أي شبر من فلسطين، ولا ان تبادل ارضاً بأرض ما دامت الارض محتلة من عدو محتل بالقوة العسكرية الغاشمة فلا بد لشعب فلسطين مقاومته حتى تحرير الارض .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت