على كتفيك يا أيار

بقلم: أحمد إبراهيم الحاج



على كتفيك يا أيار
تُقام احتفاليتان متقابلتان
متلازمتان ، متناقضتان
إحتفالية ضحية وجلاد
إحتفالية ظالم ومظلوم
................................
على كتفك الأيسر يا أيار
حيث يرقد فؤادك في أيسر الجوف
تقام احتفالية ألم وأمل
بطلها الضحية صاحب الحق
احتفالية متناثرة مبعثرة مشتتة
وقودها ضياء الأمل
ودموع الألم
على حبيب مضى باحثا عن وطن ضائع
وجار استشهد مطالبا بحقه المسلوب
على أخ قضى حياته في الأسر ظلما
لم تكتحل عيناه برؤية فلذة كبده
على شقيقة شُردت في فيافي الأرض
لم يرها منذ أمد بعيد
على أم توزع كبدها في مناحي الأرض
على والد قضى مدافعا عن حقله المغصوب
من دموع الألم يشعلون شموع الأمل
تلهمهم ثباتا على الحق
وصمودا على القهر
وتشبثا بالأرض
إحتفالية عصية على النسيان
فيها إصرارٌعلى البقاء
عصيةٌ على الشطب والإقصاء
يُنشدون بصوت يزلزل الأرض
من تحت أقدام الغاصبين
نحن هنا باقون
للحياة عاشقون
في أرضنا منزرعون
بجوفها متجذرون
وكلما مر علينا الزمن
يكبر فينا الأمل على الألم
على آلامنا وقهرنا وخذلاننا صابرون
بحقنا وثوابتنا مؤمنون .. متشبثون
بعودتنا إلى ديارنا واثقون
..............................................
على كتفك الأيمن يا أيار
تقام احتفالية فرح وخوف
فرح اللص بالسطو على ممتلكات الغير
خوفه من صاحب الحق
نهض من بين الركام
مطالبا بحقه المغصوب
إحتفالية تقيمها عجوز شمطاء
شاخت قبل الأوان
ولدت جنينا معاقا
من نتاج علاقة شاذة محرمة
لا هي ذكر ولا هي أنثى
فاقدة لأنوثتها
فاقدا لرجولته
فقيرة المشاعر والأحاسيس
قلبها بشقها الأيمن
دونا عن بقية الكائنات
ليس لها تاريخ
تفتقر للحضارة والتراث
يلملم شتاتها الخوف والوجل
مثيرة للفتن والحروب
تشعل شموع احتفاليتها بدماء الأطفال
ودموع الثكالى والأرامل
تستمد وجودها من فناء الغير
مشاعرها الحقد
أحاسيسها الكره
تعيش قلقة يائسة
رحل ربيعها دون رجعه
يزحف عليها خريف الزمن مُتسارعا
تنتظر لحظة الذوبان والإضمحلال
في بحور من التاريخ والحضارة والتراث
تنطر لحظة الأفول والزوال
.................................................
على كتفك الأيسر يا أيار
شجرة زيتون
تقف عليها حمامة ولودة
تسن منقارها
لتدافع عن عشها وفراخها
تصدر هديلا ينادي بالسلام
لا يرهبها غراب أرمل عاقر
يقف على كتفك الأيمن
يصدر نعيقا ينذر بالقتال
يستهدف حياتها وحياة فراخها
وتخريب عشها
فكلما هدم عشا تبني عشا جديدا
وكلما افترس فرخا يفقس عشرة فراخ
.............................................
يا شهر أيار
أفق من غيبوبتك
لا تغمض عينيك عن الحقيقة
الحقيقة أنك شهر مريض بالإنفصام
تسمع عذابات المظلومين المقهورين
وتحزن لها
لأنك تعلم أنهم حقا مظلومين
وترى بعينيك ظلم الغاصبين
وتصفق لهم
رغم علمك بأنهم حقا ظالمون
تحمل على كتفيك ضحيتين
ضحية من ضحاياهم أرادوها ظالمة
وضحية بريئة من ضحاياهم
أرادوها مظلومة
ضحية مستأجرة ظالمة
وضحية مظلومة أتاها الظلم
وهي مطمئنة نائمة
تحمل على كتفيك الظالم والمظلوم
السجان والسجين
أنت شهر متناقض المشاعر والأحاسيس
تحمل على كتفيك حملين متناقضين
حمل ثقيل على كتفك الأيسر
يدفعك بقوة باتجاه الجاذبية الأرضية
يشد نصفك الأيسرالى باطن الأرض
وتجذبك الأرض إليها
وحمل ثقيل على كتفك الأيمن
يشد نصفك الآخر الى السماء
متنافرا مع الأرض
أنت ممزق المشاعر والأوصال
إستيقظ من غيبوبتك واعترف بمرضك
قبل أن يتفشى المرض
وينتقل بالعدوى إلى كل إخوانك من أشهر العام
فقد نقلت العدوى الى جارك حزيران
كفى دفنا للرؤوس في الرمال
إعترف بمرضك
وكن جريئا في قول الحق
أنصر أخاك ظالما أو مظلوما
ودعك من الدجالين والمشعوذين
إبحث عن العلاج الصحيح لمرضك
قبل فوات الأوان
وحينها لا ينفع الندم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت