في ذكرى النكبة الفلسطينية ،،، بريطانيا ومسئوليتها القانونية والتاريخية

بقلم: إياد مسعود رابعة


من العيب الحديث عن قضايا اللاجئين الفلسطينين دون الاشارة الى المسئولية القانونية والتاريخية لبريطانيا العظمى عن الجريمة الدولية والكارثة الانسانية التي لا زالت مستمرة منذ عقود طويلة ، ويمكننا التاكيد هنا ان الاحتضان البريطاني للحركة الصهيونية منذ بدايتها هو الدافع الحاسم في نجاح مشروعها الاستعماري في فلسطين علما بان هذا التحالف لم يأت بصورة عشوائية او عفوية ، فقد سعى الفكر الصهيوني منذ بدايته بتوفير مناخ دولي يسمح له بتشكيل غطاء من التحالفات الدولية لينمو فيه الوطن القومي الصهيوني ، وادرك مبكرا ان نجاح مشروعهم الاستيطاني في فلسطين يقتضي تبنيه من قبل دولة عظمى تمتلك الوسائل الشرعية اللازمة لتلتقي مع مقومات فكرية لا غنى عنها اتحقيق اهدافها ومخططاتها ، وهنا حدث الغرام والعشق البريطاني والصهيوني
مما سبق ذكره يضعنا نحن الفلسطينيون والعرب امام عدة تساؤلات بحاجة الى الاجابة عنها ابرزها :
- هل كانت بريطانيا تتمتع بأية صفة قانونية ، تمنحها الحق بإصدار وعد بإنشاء وطن قومي للصهاينة على ارض فلسطين العربية ؟
- على اى أساس قبلت عصبة الأمم المتحدة أن تجعل فحوي الوعد البريطاني ضمن ما نص عليه الصك الصادر عنها بانتداب بريطانيا علي الأراضي الفلسطينية ، وما مدى مسئولية المنظمة الدولية عن ( جريمة ) تبنيها أطماع الدول الاستعمارية ؟
- ما هي أبعاد المسئولية القانونية لجريمة بريطانيا فى حق الفلسطينيين ، والتي تتمثل فى عدم قيامها بدور ( الدولة المنتدبة ) وإحالة هذا الانتداب إلي احتلال ، وظفته لتكريس الممارسات الصهيونية ، والتي تمثلت فى انتزاع الأرض وتشريد الشعب واستنزاف الموارد؟
- هل كانت هناك اى صفة قانونية للجنة الانجلو الأمريكية تمنحها حق تقسيم الاراضى الفلسطينية ؟ وعلى أية أسس قانونية جاء قرار تقسيم فلسطين الصادر عن هيئة الامم المتحدة ؟
- ما هي أبعاد المسؤولية القانونية التي تقع على بريطانيا نتيجة عدم وفائها بالتزاماتها الموقعة في معاهداتها مع مصر والأردن ، والعراق ، بشأن منع قيام دولة يهودية بالمنطقة ؟
- ما هي أبعاد المسؤولية القانونية التي تقع على بريطانيا نتيجة عدم التزامها بالإجراءات التي رسمتها الأمم المتحدة بشأن كيفية إنهاء الانتداب على فلسطين ، الأمر الذي وقع بطرفي الصراع ( العربي والصهيوني ) إلى خوض مأساة حرب 1948م وتكريس النكبة فى جانب الطرف العربي ؟
وعند الحديث عن الاعراف والتقاليد المستقرة في العلاقات الدولية وخاصة عند هذه القضايا هو اعلان اعتذار رسمي ودفع التعويضات المناسبة من جانب احد أعضاء الجماعة الدولية عن جرائم ارتكبها في حق عضو آخر سواء طالب هذا العضو الأخر بذلك أم لم يطالب ، وغالبا ما تتم تسوية هذا الأمر في اتفاقيات تنطوي علي التزامات واجبة الأداء ، ومثال على ذلك :
• اعتذرت ألمانيا عما فعله هتلر باليهود ، ولم يكتفي اليهود بالاعتذار والتعويضات ، بل تحول الأمر إلى عملية ابتزاز صهيوني مقزز. وكلما كان صاحب دعوى الاعتذار والتعويض منظما وحاسما وضاغطاً وموظفاً جيدا لحثيثيات دعواه ، كلما كان أكثر قدرة على تحقيق مآربه ، ومن خلال أطر اتفاقية معلنة وملزمة .
إن أضخم عملية تعويض مادي شهدها القرن الماضي مارسها اليهود علي الألمان منطلقين بعد مفاوضات وضغوط ومطالبات عديدة من اتفاقيات رسمية ملزمة مع الألمانِ تِنص على حجم التعويضات وكيفية الدفع ومواقيته . وكذلك تمت اكبر عملية تعويض أدبي ومعنوي مارسها اليهود على العالم المسيحى في العصر الماضي من خلال انعقاد المؤتمر المسكونى (العالمي) فى الفاتيكان عام 1963م ، واعتذرت كل الكنائس عما كانت تصبه من لعنات على رؤوس اليهود فيما مضى باعتبارهم صالبى المسيح .
فما بال نحن الفلسطينيون وقد اغتصبت الحركتان ( الصهيونية والامبريالية العالمية ) أرضنا وشردت أجدادنا وآبائنا ونسائنا وانتهكت حرماتنا واستنزفت موارد بلادنا ,,,,
ألا يحق للفلسطينيين أن يطالبوا بالاعتذار والتعويض المناسبين من جانب صنيعة الحركة الصهيونية ( إسرائيل ) وعميدة الامبريالية العالمية ( بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ) بلا يحق لهم هذا وأكثر .
والأكثر الذي اعنيه هو حق المقاضاة أو المحاكمة . إلي جانب هذا وقعت جريمة الحركتين ( الصهيونية والامبريالية العالمية ) فى حق فلسطين مدعومة باستصدار وعود وصكوك وقرارات شاذة ، من الحكومة البريطانية ثم عصبة الأمم المتحدة ثم الحكومة الأمريكية ، ثم الأمم المتحدة تقر اغتصاب الأرض ، وطرد الشعب ، واستنزاف الموارد الوطنية ، وهكذا تمكنت تلك القوى الاستعمارية من إضفاء الشرعية الدولية على قرارات الاغتصاب والطرد والاستنزاف .
ان حالة الشلل والجمود التي أصابت موقف العالمين العربي والإسلامي ، إضافة الي حالة التشرذم والانقسام في الصف الفلسطيني الذي يكرس الانفصال حول القضية الوطنية تمثل عامل استفزاز علمي وحضاري لكل ضمير إنساني ولكل من هذين العالمين العربي والإسلامي وكذلك الفلسطيني ، وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا وقضيتنا الفلسطينية وما يتعرض له شعبنا من عدوان وقتل واستيطان من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة .
لقد حان الوقت لكي نقف عند مسئولياتنا وان نعتذر لأنفسنا قبل أن نطالب باعتذار العالم الامبريالي لنا نتيجة ما ارتكبه من خطايا بحق أرضنا وهويتنا وشعبنا ، الم يشكل الانقسام لنا نحن الفسطينين نكبة جدبدة ، ألا يستحق لشعبنا أن يطالب بالتعويض أو الاعتذار علي الأقل من معاناة استحملها واجبر عليها نتيجة لذلك الانقسام .... سؤال اطرحه لكل ضمير حي وشريف لديه النخوة والكرامة والعزة . لذا نأمل أن تكون المصالحة هى بوابة الوحدة والتحرير ، وبداية لملمة الشمل الفلسطيني من اجل مواجهة الغطرسة والعربدة الإسرائيلية .

بقلم/إياد مسعود رابعة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت