كلمة وفاء في ذكرى استشهاد القائد ابو احمد حلب ..

بقلم: عباس الجمعة


الشهيد القائد الامين العام عمر شبلي " ابو احمد حلب " تحلىّ بالصفات، التي يمكن من خلالها الحكم على مصداقية انتماء والتزام االقائد الثوري ، وهي صفات أخلاقية عالية،عرفها كل رفاقه عموما الذين يستذكرونه دوما قائدا ومعلما ثوريا تجلى في ممارسته بقيم الصدق فحمل امانة الشهيد القائد الكبير المؤسس الامين العام محمد عباس ابو العباس، من خلال البساطة والتواضع والتقشف والابتعاد عن الاستعراض، كما تميز أيضاً بالجرأة المبدئية؛ والدفاع عن فلسطين القضية والشعب والارض ، والتمسك الخلاق المتجدد بها انعكاسا لواقعنا الوطني والقومي في آن واحد ، ورفضه لأي شكل من أشكال المس بالثوابت الفلسطينية، منطلقا في كل ذلك من قناعته بمبادئ الجبهة السياسية والفكرية ،التى استشهد من اجلها .
اجل إننا أمام ذكرى أليمة وحزينة، ولكننا بالمقابل أمام ذكرى رجل، كرس جل حياته للنضال من أجل شعبه، من أجل وطنه وقضيته، ومن أجل الحق والعدالة والكرامة الوطنية، ولوضع القيم والمثل السياسية والفكرية والأخلاقية والإنسانية موضع التنفيذ ، أننا أمام رجل قدم الكثير عبر مشواره النضالي الطويل، ما يجعلنا ندعو إلى استخلاص الكثير من الدروس والعبر الهامة والجليلة والغنية بمعاني الفداء والتضحية، واولها معاني تقدم الصفوف فـي المواجهة بكل أشكالها وأساليبها ، وأمام ما كان يمثله الشهيد ابو احمد حلب للشعب الفلسطيني الذي اختاره الزمن الفلسطيني ، لأن يكون في قلب المعركة والصراع ويستشهد على أرض فلسطين على ارض قطاع غزة، بعد أن عاش طويلاً في المنفى، إننا أمام مناضل كبير افتقده شعبنا الفلسطيني وهو بأمس الحاجة إلى مثل هؤلاء الرجال الصادقين، وأبو احمد القومي العربي بدأ مسيرته محارباً من أجل تحرير وطنه من الاحتلال الصهيوني واستشهد متألما لحالة الانقسام الفلسطيني.
ان غياب القائد الامين العام ابو احمد ورفاقه القادة الامناء العامين ابو العباس وطلعت يعقوب والقادة ابو العز وسعيد اليوسف وحفظي قاسم وابو العمرين وجهاد حمود ومروان باكير وكل القادة الشهداء ، تقتضيه المناسبة لرجل وقائد تاريخي متميز وشجاع قدم حياته ورفاقه من اجل فلسطين، حيث خاض معركة الدفاع عن خط الجبهة السياسي والقرار الفلسطيني المستقل في معركة السبيل ببيروت ، كما اصيب في التفجير الارهابي لمقر الامانة العامة للجبهة في بيروت ، ونتذكر دوره في التصدي للاجتياح الصهيوني للبنان صيف عام 1982 وتفقده للمواقع رغم القصف العنيف لمدينة بيروت براً وبحراً وجواً، وكان يسير مع رفاق دربه الامناء العامين الشهداء ابو العباس وطلعت يعقوب بين الأنقاض والبيوت والمكاتب المهدمة.
وفي هذه الذكرى الاليمة لغياب رمزا من رموز جبهة التحرير الفلسطينية نرى إننا أمام مهمة أساسية تستدعي انهاء الانقسام الكارثي وتطبيق اليات اتفاق المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة ائتلاف وطني متفق عليها لتوحيد المؤسسات والتهيئة لانتخابات رئاسية وتشريعية متفق عليها ضمن سقف زمني وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها ورسم استراتيجية وطنية بمواجهة الاحتلال الصهيوني وعدوانه الاستيطاني الذي مزق وابتلع اراض واسعة من القدس والضفة الفلسطينية، في ظل هيمنة صهيونية سياسيا واقتصاديا وامنيا، اضافة الى مشاريعه الهادفة التي تصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .
إن الوفاء لأبي احمد وكافة شهداء فلسطين والأمة يكون عبر تواصل النضال بكافة اشكاله وتعزيزه وصيانته وتصعيده واستمراره بكل قوة ،وبعدم انتظار العون من أحد ، لا من العرب ولا من غيرهم. فسواعد أبناء فلسطين التي تقبض على الجمر والحجر والبنادق هي السواعد التي ستطرد الاحتلال والمستوطنين ، وهي التي ستفك أسر الأبطال في المعتقلات الصهيونية وليس المفاوضات العقيمة التي لم تحقق على مدار عشرون عاما سوى مزيدا من تهويد الارض والمقدسات .
وفي ظل هذه الظروف لم نتفاجأ بما يرسم للمنطقة من مشاريع استعمارية تسعى الى تفتيت المنطقة العربية ودولها عنوانها الاساسي، سايكس بيكو جديد من خلال دخول المنطقة في صراعات داخلية وحروب اهلية، فالهدف المعلن للمشروع الصهيوني تصفية القضية الفلسطينيه تحت مسميات مختلفة ، والخاسر الاكبر الشعوب العربية وحركة التحررالعربي عموما والشعب الفلسطيني وحركته التحررية على وجه الخصوص، كونه المستهدف الاول خلال المرحلة المقبلة وخاصة بعد القبول العربي بتقديم التنازل عبر تبادل الاراضي ، مما يتطلب من الاحزاب والقوى التقدمية والقومية العربية وجماهيرها الحية تطوير مواقفها لمواجهة الصلف الأمريكي والمخططات التي تستهدف فرض سيطرتها وهيمنتها على المنطقة العربية برمتها وتقسيمها وتفتيتها إلى كيانات والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية.
ان ما يؤلمنا غياب قادة ومناضلين افنوا حياتهم من اجل فلسطين ، ولكن نؤكد ان مسيرة النضال التي قدم الشعب الفلسطيني من اجلها التضحيات الجسام ستبقى البوصلة كما كانت الثلة المجيدة من قادتنا الكبار الرئيس الرمز ياسر عرفات وفارس فلسطين ابو العباس وحكيم الثورة جورج حبش وابو علي مصطفى وطلعت يعقوب و أحمد ياسين و فتحي الشقاقي و وعمر القاسم وكافة الشهداء الذين شاركوا بصناعة تاريخ الشعب الفلسطيني وثورته.
ختاما : لا بد من القول يغيب القائد ابو احمد حلب ، ولم تغيب فلسطين عنه ولم تهاجره، وسيبقى الشعب الفلسطيني عنوانا للكفاح ولرفض مرارة الهزيمة وظلامها الحالك ومن رحم الجريمة والمعاناة والإحتلال، وسيبقى رفاق ابو احمد وشعب فلسطين مستمر في نضاله على درب الحرية لم تثنيه الصعاب حتى ولوج النصر والحرية، فالراية لا تسقط،مهما كانت التحديات،والوطن الأخضر بأغصان الزيتون وبأشجار البرتقال لاينضب عن العطاء .
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت