مجازر الامتحانات الموحدة في مدارس الوكالة بقطاع غزة إلى أين ؟!!

بقلم: حامد أبوعمرة


لقد انزعجت كثيرا ،وشعرت بالتخاذل والإهمال والخزي مهما حاولت تبرير ظروف التغييب بكل صدق أو إدعاء للصدق .. عندما طالعت خبر عبر أحد الوكالات الإخبارية المحلية منقول مفاده تظاهر العشرات من أولياء الأمور ،وطلبة المدارس جنوب قطاع غزة، السبت؛الماضي والموافق 11مايو ،وذلك للمطالبة بإلغاء الامتحانات الموحّدة في المدارس التي تشرف عليها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".ورفع هؤلاء خلال التظاهرة التي دعت إليها حملة "مناهضة الامتحانات واللجان الموحدة بمدارس الأونروا" لافتات تطالب باعتماد برامج تعليمية موحدة, رافضين ما أسموه "سياسة تجهيل تتبعها الوكالة الدولية مع طلبة المراحل الابتدائية والإعدادية". حقيقة أشد ما أحزنّي هو أن يتظاهر العشرات فقط ،وليس مئات الألوف نصرة لهذه المشكلة الخطيرة التي باتت تؤرق الطلاب ،والمهتمين من أولياء الأمور ،وكل المنشغلين بالعملية التعليمية وكأن الأمر مقتصرا على تلك الفئة الضيقة المحدودة كحدود قطاع غزة،و التي حضرت، ،دون غيرها ،وهل لو كان الأمر يتعلق بقطع كوبونات الطحين أوالسكرأوالأرز تحت شعار حملة موحدة لقطع الكوبونات للجميع.. هل سيكون صدى الاعتصام له نفس ردة الفعل السلبية ،أم ستخرج جماهير غفيرة من المتضررين على قلب رجل واحد لوضع حد لهذه الكارثة الكبرى في اعتقادهم طالما أن الأمر يتعلق بالبطون !!،وأني أتساءل ،وما أبريء نفسي من هذه المساءلة أليس للعلم والتعلم مكانة حيوية كرغيف الخبز؟!طالما أن الإنسان عقل وجسد ككيان واحد موحد لا يمكن الفصل بينهما ؟!!،وإلا ماذا يمكن أن نسمي هذا التقاعس الجماهيري ؟!! أليست قضية الامتحانات الموحدة والتي اعتمدتها الوكالة منذ سبع سنوات عجاف ،والتي أساء مفهومها عامة الناس في قطاع غزة فتصوروا أنها دعوى حقيقة لإنهاء الانقسام ،ودعوى للتوحد !!.. وحقيقة الأمر بعيدة كل البعد تلك السياسة التعجيزية والتخويفية التي تتبعها السياسة التعليمية بمدارس وكالة الغوث في قطاع غزة ..بل أن الأمر أشد رعبا ورهبة من ثقافات تربينا عليها في ليالينا الكالحة السواد ليحلو السمر بحواديت أمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة..، فتلك الثقافة خطورتها تمس الواقع ،وليس الخيال !!
وأني أقول للذين ساهموا في خفق راية الاعتصام ،وضياع الأهداف ومنهم أنا : هل الانشغال بتركيب الستائر في بيوتنا ،أهم من مستقبل أبنائنا، وهل صب الأسقف، وإكمال الإعمار ،وتركيب النوافذ الزجاجية ،و الذهاب للتسوق أو التجارة أهم من الوقفة الجماهيرية لوضع حد للتعنت الوكالي الغوثي وهجمته المذعورة ،خاصة أن الأمر كان يستلزم وقفة موحدة للحظات قصيرة عسى أن تصبح قضية رأي عام ، ،أليس الأمر كان يستلزم هبة جماهيرية موحدة من أولياء الأمور الذين تغيبوا،وما أبريء نفسي بعدما أضفيت بظلالها سحابة سوداء عابرة غير محملة بالمطر، لتحجب تلك القضية الشديدة الحساسية فتتوارى طويلا كما تغيب الشمس في الاسكيمو،أو.. ،بلاد الجليد!!
صحيح أنه كان هناك موعدا محددا ومكانا محددا للاعتصام لتسليط الأضواء المخيبة للآمال على تلك القضية ليس أمام المحاكم العمومية أو محكمة العدل الدولية برغم أني مقتنع تماما أن قضية اللجان لكي يتم وضع حدا لها لا تحتاج لمجرد وقفة أمام أحد مدارس الوكالة بل الأمر يحتاج لجهود مكثفة للعمل على تحريك دعوى ضد مثل هذا النوع من القرارات إلى محكمة الجنايات الدولية نظرا لإهدار حق من حقوق الطلاب ، وارتكاب جرم كبير مخالف تماما لحقوق الإنسان هنا في فلسطين وتحديدا في القطاع لا يقل بشاعة عن قتل الأبرياء ،أو مجازر التطهير العرقي ،وأقول للمسئولين عن البرنامج الإنمائي لمناهج التربية و التعليم بوكالة الغوث أقول لكم متسائلا ،رغم معرفتي بعجزكم عن الرد : هل تعلمون معنى أن يكون هناك طلابا يخضعون لجراحات فاشلة تحت مسميات الامتحانات المهدمة، و المفرقة ،وليست الموحدة كما تزعمون في غرف عمليات لجانكم !!،الامتحانات المُضيعة والمشتتة وليست الموحدة كما تدعون وما أدراكم ما تأثيرات تلك الامتحانات من سياسة تجهيلية وتخريبية تحاك بكل تقزز ونفور وتآمر على طلابنا في قطاع غزة !!،وأقول لكم في قطاع غزة لأنه في ضفتنا الغربية تخلو هناك عملياتكم الفاشلة ،ولا تستطيعوا إجراء مثل ذلك ..لكنه في غزة فقط يكابد الأطفال حقول تجاربكم كالجرذان والضفادع والخنازير بعدما تجردت ،وتعرت مسئولياتكم الإنسانية من مهامها الحقيقية كما تتجرد الساقطات على شواطئ العراة !! ِلما تلعبون بأعصاب ونفسيات أبنائنا الطلاب المغلوب على أمرهم والذين يخوضون امتحاناتكم كحرب ضروس تأكل الأخضر واليابس ،وما تحت الثرى ،من غير حول لهم ،ولا قوة؟!! لِما الزج بهم في غرف أشبه ما تكون بمحاكم التفتيش لكي يجتازوا امتحاناتكم ، كالزج بالشرفاء في غياهب السجون وراء الشمس تحت شعار الديمقراطية ،وحرية التعبير،وحقوق الإنسان؟!! أولئك الشرفاء الذين يدافعون عن قضايا ،وحقوق شعوبهم!! أي غوث هذا وأي غيث ذاك الذي ينصب فوق رؤوس أبنائنا في مدارس وكالة البؤس والبؤساء و ليس الغوث كما تزعمون بأباطيلكم ؟!!فأي غوث هذا الذين تتحدثون عنه .. ، طالما حبات المطر تبدلت في سماءكم إلى حجارة صلدة لتنهال فوق رؤوس أبناءنا الطلاب؟!! أيها المسئولون عن العملية التعليمية في المدارس التابعة للوكالة كفاكم عبثا وترهيبا ورعبا ،وتهديدا تجاه مستقبل وحياة أبنائنا الذين تسببتم في تعقيدهم ،وإحباطهم وفتورهم ،وكرههم للعلم والتعلم !! إلى متى ستمضوا بسياستكم الضبابية والتي لسان حالها يقول :عليكم أولياء الأمور في قطاع غزة أن تعتصموا ،ولا مانع من ذلك ،وعليكم أن تتحدوا .. اتحاد فصائلكم في المناهضة ضد قراراتنا!! ،وعليكم أن تنفسوا عن ضغوطاتكم فالقرارات عندنا تصدر لمرة واحدة كعمر الإنسان ،كخروج الطلقة فلا أدنى تغيير أو تبديل فيما اتخذناه !!
لكن.. لِما تزيدون الحصار حصارا ، وتعيثون في خضم عملياتكم التعليمية جهلا وإفسادا ؟!!،والى متى تتمسكوا بقراراتكم التعسفية لمجرد هواجس تعتريكم بدعوى أن الامتحانات الموحدة تكشف مستوى الطالب الحقيقي وعلاماته, من وجه نظركم !!
إذا كانت تلك أمانيكم وأهدافكم فأبشركم بسوء القصد ،وسوء نواياكم !! أما تكفي مناهجكم ،والتي يعجز عن فك طلاسمها الذين قاموا بإعدادها إرضاء لمطالبكم ؟!!
،لكن ليس غريبا في أيامنا أن نحمل مجرد ألقابا معلقة كأجساد الموتى بعد شنقها في ميدان عام تكمن معانيها في أضدادها فكم مررنا بمحلات ،وأسواق ،ومنتزهات ،وكوفي شوب ،ونوادي ومؤسسات لا تعرف عن الأمانة سوى اسمها والحقيقة غش ونصب وخداع وضياع لحقوق العباد ،وسلب متعمد لهم و،تلك القضية الحساسة المفجعة، والتي تمس قلب العملية التعليمية لأبنائنا ،رغم أن الفعاليات المنددة بسياساتكم لن تتوقف إلا أني لاأعلم متى ستتوقف عربات قاطرتكم الغوغاء فنرسم بأيدينا وليس بأيديكم لوحة أمل وتفاؤل في نفوس أبنائنا ؟!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت