نكبة فلسطين والتهرب العربي والدولي من المسؤولية

بقلم: عباس الجمعة


امام المشهد الفلسطيني الراهن تأتي الذكرى الخامسة والستون لنكبة الشعب الفلسطيتي ، حيث يحتفل هذا الشعب العظيم هذه المرة بطريقة مختلفة نتيجة للاسف غياب الشارع العربي عن حركة الفعل المؤثرة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني ، هذا الشعب الذي ينتفض من غبار الهزيمة وتراكمات السنوات العجاف فيسترد في كل مكان روحه وإحساسه بالكرامة والقدرة على الفعل.
وفي ظل هذه الظروف نسأل هل من واجبنا ان نراجع المرحلة ونقرأ المستجدات وخاصة في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في مخيمات سورية الشقيقة، وهل الهدف مما تقوم به بعض المجموعات من اعتداء على ابناء المخيمات اضافة الى سياسة القتل المتعمد بحق ابناء الشعب الفلسطيني هو التهجير وفق مخطط متوافق عليه كل هذه الاسئلة المشروعة تأتي والشعب الفلسطيني في مخيمات سوريا يتطلع الى حقه بالعودة الى دياره وممتلكاته الى هجر منها عام 1948 .
واليوم نرى الشعب الفلسطيني في اصقاع الارض يتمكسك بحقه بالعودة ويتحدى الحدود التي رسمتها وقائع القوة والظلم عليهم ليرفعوا الصوت عاليا وليؤكدوا للعالم أن فلسطين هي أرضهم ووطنهم، رغم أكاذيب الغرب والصهاينة بأن فلسطين أرض بلا شعب أعطيت لشعب بلا أرض.
ان تلاحم ووحدة الشعب الفلسطيني تقدم للعالم الدرس الأبلغ حول كيفية إنجاز الشعارات والأهداف التي يرفعوها بان فلسطين لا تزال داخل قلوب احرار العالم وفي أعماق الروح العربية جروحاً لن تبرأ سوى باستعادة الأرض والمقدسات.
فالشعب الفلسطيني الذي انطلق قبل عامين على حدود لبنان والجولان حيث روت الارض دماء الشهداء ، ليؤكدوا على تمسكهم بحق العودة وان الفلسطيني لا يفتقد روح التضحية والفداء ، حيث سجل الشهداء بأحرف من نور ونار في تاريخ أمتنا العربية وسفر الشعب الفلسطيني الطويل نحو الانعتاق والحرية والعودة، نور لأجيال قادمة يضيء لهم طريق النصر ويوحدهم، ونار ستحرق أطراف العدو وترغمه على التسليم بحقوقنا في فلسطين وكل أرض عربية اغتصبت، حيث ستلمع أسماء الشهداء نجوماً في ليلنا الذي طال وحان لفجره أن ينبثق، ولشمسه أن تبزغ، إنهم أوضح وأشرف معالم الطريق نحو الحرية والكرامة والعزة.
لعل العلامة الأبرز في إمكانية استعادة الحقوق الفلسطينية هو فشل الصهاينة في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، فلقد تجذرت ثقافة الارتباط بالوطن من قبل أبناء الشعب الفلسطيني، ومثالها الصارخ فلسطينيو الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948 والإضراب الشامل للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، الذين أزعجوا المشروع الصهيوني بتمسكهم بالبقاء في فلسطين وعدم التخلّي عنها.
واليوم نقول بمناسبة مرور خمسة وستون عاماً على النكبة إن معظم النظام العربي ما زال حتى اللحظة يلعب دورا اساسيا في استمرار تقدم المشروع الصهيوني ، وهذا ما يدعونا للتعلم من الدروس والعبر ،و إمتلاك العلم والوعي والإرادة، ووعي البعد القومي للصراع مع العدو الصهيوني الإمبريالي في المنطقة من موقع الرفض لكل شروط التسوية الراهنة.
أن ذاكرة التشرد والغربة والمعاناة التي تعرض لها أبناء فلسطين في الشتات، عززت لديهم روح الآمال الكبيرة في المستقبل الذي ستتحقق فيه الحرية والعدالة الاجتماعية عبر الممارسة الثورية لكافة أشكال النضال من أجل تحقيق الاهداف الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة.
ومما يؤسف له أنّ حالة الانقسام الفلسطيني الكارثي تطلي بظلالها على ذكرى النكبة، فيما تواصل حكومة الاحتلال عدوانها على الشعب الفلسطيني، الذي لم يركع ولم يستسلم للوقائع التي حققتها "إسرائيل" وفرضتها نتائج النكبة المؤلمة، ومازال يخوض نضاله الدؤوب من أجل تحقيق أهدافه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
ان ما تشهده المنطقة يأتي فس الصراع العربي الإسرائيلي ومتغيراته، هذا ما كان حتى اللحظة وما سيكون في المستقبل ، لاننا على ثقة بان ارادة الاحرار في العالم والشعوب العربية ستنتفض من اجل فلسطين، فآليات ومسارات ونتائج هذا الصراع، في فصوله الجديدة وتوازناته، تؤسس للمستقبل.
لقد حان الوقت للانتهاء من آثار سنوات ثقيلة على العرب الذين يريدون وهب الاراضي الفلسطينية الى المحتل ارضاءا للادارة الامريكية ومشاريعها في المنطقة ، إذ أصبح يتعين علينا أن نقف، بموضوعية وواقعية، أمام روح العصر ونعمل على استعادة الوحدة الوطنية من خلال شراكة وطنية حقيقية للجميع لا متفرجين سلبيين على ما يخطط وينفذ . إذ آن الأوان لكي تعكس الشعوب العربية وقواها التقدمية والقومية إمكانياتهم الحقيقية كردا على سياسة انظمتهم، حتى لا يعود من جديد شبح ذلك الماضي الكئيب ليطل على الأمة من جديد، وكي يتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله واقامة دولته المستقلة القابلة للحياة بعاصمتها القدس، وعودة الجولان المحتل إلى سوريا، واستكمال تحرير مزارع شبعا وكفر شوبا اللبنانية.
ختاما : لا بد من القول تفعيل أدوات النضال الفلسطيني بكافة أشكاله،وهذا يحتاج الى استراتيجيات عمل وطنية بالمزيد من التمسك بحق العودة ليس كشعار وانما كعمل وبرنامج عمل باعتباره يمثل لب القضية والصراع مع الاحتلال وانجاز هذا الحق غير القابل للتصرف باعتباره احدى اهداف الشعب الفلسطيني التي لا تسقط بالتقادم ، وهذا يتطلب من كافة الفصائل والقوى العمل الجدي لانهاء الانقسام كمدخل وحيد لصمود شعبنا ومقاومته و التمسك بمرجعية الامم المتحدة والشرعية الدولية وتنفيذ قراراتها ذات الصلة،وتفعيل مناهضة التطبيع وتعزيز حملة المقاطعة الشاملة لدولة الاحتلال وبضائعها ومنتجاتها وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.. بذلك فقط يمكن ردع الاحتلال ووقفه عند حده، وهي احدى مهمات منظمة التحرير لتعود فلسطين محط انظار الاحرار وحاملي شعلة الكفاح.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت