القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
قالت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم الجمعة، إن وزارة المعارف الاسرائيلية، منعت تداول كتاب حول المجتمع العربي في اسرائيل، كانت طلبت إعداده ليكون جزءاً من المنهاج في المدارس، وذلك نظراً لانه يلامس مواضيع تعتبر من المحرمات في اسرائيل.
واجرت لجنة المعارف التابعة للكنيست، برئاسة عضو الكنيست من حزب "هتنوعاه" عمرام متسناع، في الاسابيع الاخيرة، نقاشاً حول موضوع العنصرية تجاه المواطنين العرب، وإتساع رقعة اعمال الكراهية التي يقوم بها افراد ما يسمى بـ "دمغة الثمن".
وتقول صحيفة "هآرتس" التي اوردت الخبر "ان رئيس اللجنة متسناع، دعا الى هذا النقاش مسؤولين من عدة وزارات، من ضمنهم بالطبع ممثلون عن وزارة المعارف".
ومن ضمن المواضيع التي بحثتها اللجنة، الدور الذي يمكن ان تلعبه وزارة المعارف، من اجل ان تعرف الاغلبية اليهودية، بمعلومات اكثر عن الاقلية العربية، خاصة في اعقاب منع وزارة المعارف خلال فترة تولي جدعون ساعر لها، توزيع كتاب"العرب مواطني اسرائيل" على طلبة المدارس.
وكانت وزارة المعارف اعلنت عن عطاء في العام 2008، لاعداد كتاب حول المجتمع العربي في اسرائيل، بحيث يتضمن هذا الكتاب في البداية الحديث عن مسألة الاقلية والاغلبية في المجتمعات، والعلاقة بين الطرفين في اماكن مختلفة من العالم، ومن ثم يتناول وجهات النظر المختلفة (العربية واليهودية ) تجاه المجتمع العربي، كتمثيل التنظيمات السياسية والحزبية، والخلاف على الاراضي، والخدمة المدنية في المجتمع الاسرائيلي، والتغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي مر ويمر بها العرب في اسرائيل.
وتشير الصحيفة الى ان "المركز التكنولوجي التعليمي"، صاحب الخبرة الواسعة في هذا المجال، هو من فاز بعطاء إصدار هذا الكتاب، الذي إنتهى العمل به منتصف العام 2012، وتضمن اكثر من 200 صفحة، مدعّمة بصور تاريخية ويوميات، وأغان، وجداول إحصائية وغير ذلك، الا ان مدير عام وزارة المعارف "داليا شتاوبر"، أقالت في تموز الماضي، المسؤول عن التعليم المدني في وزارة المعارف، المسؤول عن إعداد هذا الكتاب وتوزيعه، ما ادى الى عدم توزيع الكتاب على المدارس.
وتُظهر مسودة الكتاب الذي وصلت نسخة منه الى صحيفة "هآرتس" بعض الملاحظات على بعض الجمل والعبارات التي اشار اليها، وزير المعارف "جدعون ساعر" وحظر إستخدامها من قبل الجهاز التعليمي، ومن بين هذه الجمل جملة تقول " ان تاريخ الجمهور العربي في اسرائيل، منذ إقامة الدولة هو قصة اغلبية، يتكون افرادها من اصحاب البلاد، تحوّلت الى اقلية ديموغرافية وإجتماعية".
وجاء في الكتاب ايضاً "العلاقة بين الاقلية العربية والاغلبية اليهودية في دولة اسرائيل معقّدة، بسبب النزاع الطويل والمستمر بين شعبين، وبسبب الاعلان عن اسرائيل دولة يهودية، الذي يعني بجوهره، إنكاراً لحق المواطنين العرب في الدولة ".
وتناول الكتاب ايضاً موضوعة، من هو الشعب الاصلي، ومن هو الشعب الوارد، بالقول: " كلا الطرفين يرون في هذه البلاد موطنهم الاصلي، وفي نفس الوقت، يحاول كل طرف نكران حق الطرف الآخر في هذه البلاد، فاليهود يقولون ان اغلب العرب ليسو اهل البلاد الاصليين بل هم مهاجرون، وفي الوقت ذاته فان العرب يقولون، بان اليهود من الاجيال الحاضرة، هم ليسوا ورثة اليهود الذين عاشوا في هذه البلاد قديماً".
وتحت العنوان الكبير "وجهتي نظر على التاريخ" يتطرق الكتاب الى وجهة النظر الصهيونية اليهودية، ويُتبعها بوجهة النظر العربية الفلسطينية، ومن ضمنها "عرب اسرائيل" الذين يرون انفسهم الاصحاب الحقيقيين لهذه البلاد، بمجموع مساحتها على مر الاجيال.
وجاء في الكتاب:" في نهايات القرن التاسع عشر، بدأت الحركة الصهيونية بالسيطرة على الاراضي، وإنهاء الوجود العربي منها، وفي العام 1948 هدم اليهود مئات القرى العربية، وطردوا مئات الآلاف من الفلسطينيين، الذين إنتشروا في دول المنطقة، مع بقاء تجمعات منهم في القرى العربية، بما في ذلك اللاجئون داخل البلاد، الذي بقوا بجوار قراهم المدمّرة، ولاحقاً تمت مصادرة اراضيهم وإنقلبت حياتهم الى الاسوأ".
ووفقاً لهذه النقطة، فإن اسرائيل لا تعترف بمسؤوليتها عن المعاناة التي لحقت بالفلسطينيين، ولا تسمح لهم بالعودة الى ديارهم، بالإضافة الى انها لم تمنح المواطنة الكاملة، لعرب اسرائيل، ورغم ذلك فإنها تطلب منهم منح الولاء للدولة اليهودية" ، وبسبب هذه التوصيفات امرت وزارة المعارف، قبل ثلاث سنوات بسحب هذا الكتاب، من اماكن بيعه ومنعت توزيعه ونشره.
وتضمن الكتاب مصطلح "النكبة"، الممنوع من الاستخدام، حيث وصفها كالتالي: " اغلبية ساحقة من الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون في المنطقة التي تشملها حدود دولة اسرائيل، تركوا بلادهم بسبب حرب الـ 1948، او طُردوا منها، وحكومة اسرائيل منعتهم من العودة اليها".
وتناول الكتاب ايضاً الاقتراح بإستبدال النشيد الوطني الاسرائيلي "هتكفا" وموائمته مع المواطنين العرب في اسرائيل.
ويعالج الكتاب العديد من المواضيع الصعبة والمؤلمة، كالحكم العسكري والنضال الفلسطيني لإلغائه، وعدم المساواة في التشغيل، والرفاه، والبنى التحتية، بين العرب واليهود، وكذلك مهجري قريتي إقرت وكفر برعم، ووضع البدو في النقب، ومواضيع اخرى منذ بداية الحركة الصهيونية وحتى السنوات الاخيرة.
ومؤخراً برز الاهتمام بمصير هذا الكتاب في وزارة المعارف، ومع عدم إعطاء وعود بالمصادقة عليه، الا ان شيئاً قد يبشر بالتغيير، والقرار بشأنه قد يكون إختباراً للوزير الجديد "شاي فيرون"، فهي فرصته للتعبير عن وجهته، وهل ستكون بالاستمرار في التعليم البوليسي الخاضع للرقابة، او بإتجاه نحو المزيد من الانفتاح على تعليم التاريخ والمواطنة في المدارس؟؟".