تشهد الحالة العربية والفلسطينية مخاضا جديدا في ظل الاوضاع الراهنة ، وخاصة حول ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وارضه ومقدساته من سياسة عنصرية من خلال استصدار أوامر مصادرة أراضيهم وقطع أشجارها والإستيلاء على منازلهم وتسليمها لقطعان المستوطنين ,أو هدم منازل أخرى وبناء وحدات سكنية جديدة لليهود القادمين لأرض فلسطين بهدف التطهير العرقي وتغيير التوزع الديمغرافي وذلك بطرد الشعب الفلسطيني صاحب الارض الحقيقية، وفي ضوء هذا المشهد ونتائجه وآثاره ، نرى ارتباط النظام العربي الراهن بالسياسات الأمريكية ، وهي أنظمة باتت اليوم تعتبر القضية الفلسطينية عبئا ثقيلا على كاهلها ، ترغب وتسعى للخلاص منه بأي ثمن.
بالمقابل راينا في ذكرى النكبة الانتفاضة الشعبية التي اكدت على التمسك بالارض وحق العودة حيث واجه الشعب الفلسطيني الاحتلال وقطعان مستوطنيه في القدس وبيت لحم ورام الله ونصب الخيام ، ولم نرى صوتا عربيا رسميا سوى تقديم العرب التنازلات باسم الشعب الفلسطيني في واشنطن ، لوضع خطة طريق للسلام العربي- الإسرائيلي متطابقة في نسختها الأصلية، مع المطالب والرؤية الإسرائيلية.. وبات جون كيري يتبنى مفهوم (السلام الاقتصادي) الذي صاغه وطرحه، ويستمر في طرحه، رئيس حكومة الاحتلال المتشدد نتنياهو، وتتلخص ملامحه في ضخ مليارات من الاستثمارات في الاقتصاد الفلسطيني لإنعاشه، وخلق فرص للعاطلين عن العمل، وحث الشركات الأمريكية على أداء دور مركزي في هذا التوجه.
وامام هذه الاوضاع نؤكد بأن لا حل وشيكاً في الأفق للقضية الفلسطينية، وهذا يتطلب موقف فلسطيني واضح مما يجري والعمل على عقد المجلس المركزي الفلسطيني لبحث كافة القضايا والخروج بموقف فلسطيني واضح من التطورات وتعزيز النضال والمقاومة الشعبية من اجل الوصول إلى أي حل يضمن الحد الأدنى من العدالة التاريخية، وبالتالي لا ضرورة لتقديم تنازلات عربية مجانية.. فالمفاوض الفلسطيني يستطيع قبول تحدي اليمين الصهيوني العنصري والاشتباك معه من دون خوف، غير أن هذه ليست مهمة سهلة، لأنها تفرض على المفاوض الفلسطيني أن يحدد شروطه لإنجاز الحل العادل والدائم والشامل لصراع طال أمده لأكثر من خمسة وستين عاماً، وذلك من خلال رفض الاعتراف بيهودية الدولة والمطالبة بعقد مؤتمر دولي من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وخاصة القرار الاممي 194 .
ونحن نرى اهمية التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة و منظماتها الدولية للحصول على الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية، وعضوية فلسطين في العديد من الهيئات والوكالات والمؤسسات التابعة للمنظمة الدولية، لان هذا حق مشروع للقيادة الفلسطينية .
ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في مخيمات سوريا من قتل وتهجير هي أكبر جريمة ترتكب على مرآى ومسمع العالم ، لان الشعب الفلسطيني ما زال متمسك بحقه في العودة إلى ممتلكاته التي شرد منها، ولا بديل عن حق العودة إلى فلسطين، وقد ألقى هذا الواقع بثقله على كاهل الشعب وقضيته، في وقت تتجه كل الأنظار الشعبية في كل مكان يتواجد فيه شعبنا إلى اللحظة التي تتمكن فيها الحالة الوطنية من تلمس جراح شعبنا في الداخل والخارج وتوقه لرؤية وقائع جديدة قادرة على وضع حد لحالة الإنهاك والانقسام الداخلي التي زادت من معاناة شعبنا الميدانية في كافة المواقع والساحات ولا نجافي الحقيقة حينما نقول أن هذا الواقع يشكل ضربة موجعة للإرادة الشعبية.
في الوقت الذي تتزايد مشكلات شعبنا في مخيمات سوريا والشتات، هذا يدعو الجميع لعدم التردد حيث يدق ناقوس الخطر، مما يتطلب رفع الصوت عالياً لوقف هذا التدهور في الحالة الوطنية المفترض بها أن تكون على قدر كبير من المسؤولية، لمعالجة هذا الكم الكبير من المشكلات التي راكمتها سنوات الانقسام، حيث لم نتفاجأ ما تم التوافق عليه بين حركتي فتح وحماس في القاهرة حول تشكيل الحكومة ، ولكن تتزايد لدينا الشكوك حول مدى جدية معالجة الشأن الداخلي الفلسطيني، بمعنى أن إنهاء الانقسام اصبح مرتبط عند كرف بما تؤول اليه الاوضاع في المنطقة العربية، وهذا يتطلب من كافة الفصائل العمل على تحريك الشارع الشعبي الفلسطيني من اجل إنجاز التفاهمات وتشكيل حكومة مؤقته ، تشرف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية وعدم إخضاعها لعمليات الاستثمار والتسويف بما يحفظ الوحدة الوطنية بأبعادها السياسية والكفاحية والشعبية ويفتح بارقة أمل في قدرة الساحة الوطنية على السير قدماً على طريق تطوير الفعل الوطني وتشديد النضال الوطني التحرري لمواجهة الاحتلال، ببرنامج عمل يصوغ المهمات والهجوم السياسي والدبلوماسي والكفاحي القادر على إفشال كل المخططات والأجندات الصهيونية المدعومة أمريكيا والهادفة إلى إفشال كل مساعي إنهاء الانقسام وتحييد الصف الوطني.
ختاما: لا بد من القول ان استنباط استراتيجية وطنية قادرة على استغلال كل عناصر فعلنا الوطني لمصلحة معاركنا السياسية والدبلوماسية، والكفاحية القادرة على وضع حد للصلف والعنجهية والإجرام الصهيوني ورفع كل مبررات التخاذل العربي والدولي، وإعادة ترتيب الصفوف، وتمتين البنى المجتمعية فيها، وتحديد أولوياتها، في بناء أدواتها الكفاحية ، من أجل مواجهة الاحتلال وتحرير الارض والانسان .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت