سينتصر الوطن !!

بقلم: محمد ناصر نصار


يتساءل البعض هل أن التاريخ يعيد نفسه اليوم في المشهد العربي وهل يتكرر السيناريو القديم الجديد في تصارع القوى العظمى في العالم للسيطرة على المناطق الدافئة وبسط نفوذها في المنطقة العربية ، وهل أصبح العرب أدوات في هذه الأقطاب التي تصفي خلافتها عن طريق العالم العربي ، فاليوم تجد ان روسيا الإتحادية تدعم النظام السوري وتمده بالأسلحة والمعدات وفي المقابل تجد الولايات المتحدة الأمريكية بالخفاء والعلن بإمداد المعارضة السورية بكافة تشكيلاتها ومسمياتها بالسلاح والمال .
لقد أصبح المواطن العربي يتساءل عن جدوى ما يسمى بالربيع العربي ، فهل إنبثق عن حاجات العرب الحقيقية و هل عبر عن متطلباتهم السياسية والإجتماعية ، هنا من يؤمن بنظرية المؤامرة يقر بأن ما حصل في المنطقة العربية هو صقيع عربي وهو أداة إستعمارية جديدة وتنفيذ حرفي لإتفاقية سايكس بيكو الثانية لتقسيم الدول العربية إلى فتات وجرز أشبه ما تكون لفترة الجاهلية القديمة للعرب ، ومن يدعى أن ما حصل هو نتيجة كبت للحريات والديموقراطيات في البلاد العربية على أي حال السؤال المطروح من هو المستفيد الأول مما يحدث في المنطقة العربية اليوم ؟
إن المراقب للأحداث في المنطقة العربية ما بعد الثورات الحاصلة في البلاد العربية ولديه بعد وحس قومي عربي في التفكير يجد ان هذه الدول العربية التي حصلت فيها الثورات لم ترتقي إلى ممارسة الديمقراطيات ولا حققت العدالة الإجتماعية ولا فرضت الأمن ولا الإستقرار ،إنما اوجدت حالة فوضوية عارمة طالت الحياة السياسية والإقتصادية والأمنية وخلقت تجاذبات سياسية لا تنتهى إلا بتمزيق البلاد العربية ،إن المستفيد الوحيد من هذه الحالة هي الكيان الصهيوني ، فحين يصبح المحيط العربي المعادي ممزق ومشلول أمنياً وعسكرياً وإقتصادياً وحتى إجتماعياً فهو يوفر الهدوء لربيبة الولايات المتحدة في المنطقة .
إن روسيا في صفقتها الأخيرة مع النظام السورى وإمداده بصواريخ أس 300 وصواريخ بحرية تسمى ياخونت قد تفرض واقعاً جديداً في المنطقة ويحاكي ما حصل ما بعد العام 1976 حيث كانت صفقة صواريخ سام لنظام جمال عبد الناصر رحمه الله حيث أوجدت معادلة جديدة وحارس للبوابة المصرية من الضربات الصهيونية وترجمت في نصر أكتوبر 1973 .

إن التساؤل الحقيقي هل أعادت هذه الصفقة هيكلية الجيش العربي السوري وهل عدلت موازين القوى بين السوريين والصهاينة ، إن هذا التساؤل مرهون بإرادة الجيش السوري في التصدي الفعلي لأي هجوم صهيوني على سوريا وهذا الأمر وارد طبقاً للمثل العربي القائل "عليَ وعلى أعدائي " وذلك إن شعر النظام بالتهديد الحقيقي القاضي بإنهاء الوطن السوري وإنهاء بعده القومي والعربي وتفتيت سوريا ووضعها في قائمة الدول الرجعية العربية المتفتتة ، كما يرى البعض أن هذه الأزمة الحاصلة في سوريا من شأنه القضاء على التوازن الإستراتيجي في المنطقة ولإرباك أي تقدم أو توان عسكري للجيش العربي السوري مع العدو الصهيوني ولا يخفى على البعض دعم النظام السوري لبعض من الأحزاب المقاومة ، وخشية وصول النظام إلى نقطة اللاعودة في التسلح والتوازن مع الأعداء ، خصوصاً اذا تذكرنا مع حصل مع الراحل عبد الناصر حين استنزفت قدراته من خلال إرساله للقوات المصرية إلى اليمن وأستغل الكيان الصهيوني هذه الفرصة وأستثمرها في إعادة إحتلال القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان .
اليوم يتكرر السيناريو بأسماء مختلفة وأحداث متشابهة وأنظمة مختلفة ، بالتواطؤ مع الرجعية العربية ودعم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ، فإلى متى سيظل العالم العربي يعاني من سياسات الأقطاب العالمية التي تستخدم العربي وسيلة لتنفيذ مخططاتها وسياساتها في المنطقة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت