تعتبر مدينة حمد السكنية والتي تبرع بها امير قطر وتبلغ تكلفتها 160 مليون دولار فاتحة لخفض العجز التراكمي في فجوة الطلب على الاسكان في قطاع غزة، هذا القطاع المحاصر لسنوات والأعلى كثافة سكانية في العالم. بالإضافة الى انه يمتاز بأعلى معدلات نمو سكاني ومعدلات تكون الاسر ان لم يكن اعلاها على الاطلاق. وتزود مدينة حمد حوالي 3000 وحدة سكنية متباينة بشكل طفيف جدا من حيث المساحة بشكل لا يتلائم مع متوسط حجم الاسرة في القطاع ولكن قد يرى البعض ان فيه فرصة ملائمة على تشجيع تحديد النسل.
وتتضمن تكلفة الانشاء نوعين رئيسيين من التكلفة الاول صريح وهو تكلفة مواد البناء والعمالة وخلافه وهي مغطاة بالكامل من التبرع القطري. والثاني وهو التكلفة الضمنية للأراضي الحكومية (ارض ملكية عامة) التي يقام عليها المشروع، والتي تستخدم هنا لأحد اهم اغراضها الاجتماعية الرئيسية ألا وهو توفير اسكان لمحدودي ومتوسطي الدخل.
وتسعى وزارة الاسكان لاسترداد قيمة المشروع في الفترات الزمنية اللاحقة لاستدامة انشاء مشاريع مماثلة وهو الذي لم توضح الجهات المعنية الية وطريقة حسابه وتقديره وإدارته في المستقبل، وهل ستخصص عملية ادارته لصندوق اسكاني معين ام ستؤول ايراداته لموازنة الحكومة وما هي ضمانات اعادة استخدامه بهذا الغرض.
كما ان بعد فترة الاسترداد والتجارب السابقة يشكك بالقدرة على تمويل مشاريع مستدامة على المدى الطويل نتيجة التدهور المستمر في صرف العملة ومعدلات التضخم العالية التي يمتاز بها الاقتصاد الفلسطيني خصوصا قطاع غزة في الاونة الاخيرة. كما ان شروط التسجيل لا تضمن تملك أولئك الذين لا يملكون بيوتا اذ ان جل بيوت القطاع غير مسجل باسم مالكيه في الدوائر الرسمية.
وتكمن المشكلة الحقيقية في كيفية تسعير قيمة الوحدات السكنية والتي اعلنت عنها الوزارة بقيمة تعادل تكاليف الاسكان في اغلى وارقى الاماكن في قطاع غزة. اذ ان تمويل المشروع بالكامل جاء بطريق الاعانة الخارجية والتي يجب ان يستفيد منها المستفيدين من المشروع ولو جزئيا، اذ ان هذه الاعانات هي حق للشعب الفلسطيني خصوصا الطبقات المسحوقة فيه.
وبناء على ما سبق، فعلى القائمين على المشروع :
اولا:- احتساب التكاليف الصريحة من مواد بناء وخلافة بسعر التكلفة لا بسعر السوق، بمعنى ألا تتضمن أي نوع من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وخفض كافة التكاليف الحكومية واحتساب تكلفة بعض الموارد الطبيعية المتاحة في ارض المشروع لصالح تخفيض التكلفة.
ثانيا:- عدم احتساب التكلفة الضمنية للأراضي المستخدم او احتساب قيمة رمزية اذ ان هذه الاراضي على ندرتها تستخدم في احد اهم الاغراض المخصصة لها وتحقق هدفا اجتماعيا مهما كإسكان الفقراء.
ثالثا:- ان ميزة التقسيط طويل الاجل التي تقدمه الحكومة هو ضرورة يجب ان توفرها الحكومة للشباب والفقراء من اجل توفير احتياجاتهم الضرورية من عمل ومسكن عبر النظام المصرفي والمالي في الاقتصاد فكيف اذا كانت هذه الاموال قد توفرت بالفعل عن طريق الهبة مما يقتضي عدم الاكتفاء بهذه الميزة للمستفيدين من المشروع كما يبدو الامر في الوقت الحالي.
كما نوصي بضرورة تنظيم المدينة كي لا تختلط الانشطة السكنية بالتجارية والإدارية لاحقا، كما حدث في بعض المدن السكنية السابقة مما يؤدي لانخفاض الرفاه والمنفعة نتيجة تدهور شروط السكن. ويمكن ان يتم ذلك من خلال تخصيص جزء من المدينة كتجمع تجاري يقدم كافة الخدمات الممكنة للمدينة دون ان يتداخل مع العمارات السكنية.
د. محمود صبرة
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت