"الشهادة الجامعية..حلم تحول إلى كابوس"..حال الطلاب الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان

بيروت - وكالة قدس نت للأنباء
ليس هناك شعور أصعب من أن تتسلق جبل شاهق الارتفاع وقبل الوصول إلى القمة بأمتار يظهر أمامك عائق فلا أنت تستطيع إكمال الطريق نحو الهدف ولا بإمكانك العودة إلى السفح فهذا أقرب تشبيه ووصف لحال الطلاب الفلسطينيين الجامعيين القادمين من سوريا إلى لبنان بحكم الظروف السيئة والنزاع الدائر هناك الذي اضطرهم وأسرهم إلى الهروب من شبح الحرب وويلاتها.

فبعد معاناة اللجوء وهجر المنازل والتشرد وانقطاع السبل بهم وجدت شريحة الطلاب الجامعيين من أبناء اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم أمام واقع مرير فما استطاعوا إتمام دراستهم الجامعية في سوريا ولم يجدوا حلا ً آخرا ً في لبنان، فالجامعات اللبنانية بشقيها العام والخاص لم تستقبلهم أو تسمح لهم متابعة التعلم وإتمام المرحلة الجامعية فيها لذا بدوا حائرين خائفين على ضياع مستقبلهم.

هذا ما رصدته مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية في تقرير أعدته بعنوان "الشهادة الجامعية .... حلم تحول إلى كابوس" يصف حال الطلاب الفلسطينيين الجامعيين القادمين من سوريا إلى لبنان هرباً من شبح الحرب وويلاتها...

"آيات"طالبة الطب البشري في جامعة دمشق سنة خامسة لم يبق لها لتحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة سوى سنة دراسية واحدة فقد تحدثت عن أملها في مزاولة هذه المهنة النبيلة لخدمة أهلها وأبناء شعبها لكن الواقع خالف تخيلاتها فقد كانت القذيفة التي نزلت على منزل والديها ودمرت جزءا ً كبيراً منه وشردت أفراد أسرتها الذين لجؤوا إلى لبنان وكانت السبب في ضياع حلم "آيات" .

"لقد حاولت مراراً أن ألتحق بكلية الطب في لبنان إلا أنني لم أفلح، والمبرر أن الطلاب اللبنانيين الذين درسوا في الجامعات السورية لم يحصلوا على مقاعد فكيف ستحصلين أنت على مقعد بحكم أنها ليست من البلد أي غريبة وذلك رد مؤسف من جامعات عريقة ذات اسم وشأن في المجال التعليمي" تقول "آيات"

أما "محمد" طالب الاقتصاد في جامعة دمشق في السنة الرابعة التي هي سنة التخرج، لم يبق له سوى فصل وينهي دراسته استفاض بالحديث عن المستقبل الغامض الذي ينتظره في ظل ظروف برأيه هي الأسوأ التي تمر على أبناء شعبه الفلسطيني منذ اللجوء الأول عام 1948م وحتى اليوم .

ويقول " إنه كان يمني النفس بالحصول على شهادة جامعية ليسافر إلى دولة من دول الخليج ليعمل هناك ويؤسس مستقبلا ً جيدا ً له ولأسرته لكن الظروف الراهنة لم تدع للحلم مكان"، مضيفا " وها أنا جالس مع أسرتي في لبنان في حيرة كبيرة من أمري، كثيرا ما أفكر بالعودة إلى دمشق والمغامرة لتقديم الامتحانات والتخرج إلا أن أهلي يرفضون الفكرة من الأساس بحكم أن الفئة المستهدفة في هذا الصراع الدائر في سوريا هي فئة الشباب وكثيرا ً من الشباب اختطفوا أو اعتقلوا أو حتى قتلوا دون أي سبب".

ورداً على سؤال فيما إذا كان هناك مجال للإكمال في الجامعات اللبنانية فهل سيكمل كانت إجابة" محمد" بلا، مبررا رفضه أن الفصل المتبقي له بالجامعة يمكن أن يتحول إلى عام دراسي كامل إذا ما اعتمدت الجامعة نظام تحميل مواد والسبب الآخر هو أن نظام التدريس في الجامعات اللبنانية بالنسبة لقسمه الاقتصاد باللغة الانكليزية بالكامل الأمر الذي لا تعتمده الجامعات السورية لذا فهو سيواجه صعوبات كبيرة في مجال المصطلحات والمفردات وحتى بعض المواد .

هذا هو حال الشعب الفلسطيني، تمرس على الويلات والمحن وامتهنته النكبات، فأينما وجد تجد المضايقات ومحاولات حرفه عن حلمه الكبير فلسطين وأينما حل تجده عرضة للمشاكل التي كانت آخرها الأزمة السورية التي حطت بظلالها الثقيلة على مخيمات اللجوء الفلسطينية وعلى أبناء الشعب الفلسطيني رغم محاولاتهم المتكررة للنأي بالنفس عنها فلم تكتفي بالقتل والخطف والتهجير واللجوء بل فاقت ذلك بحرمان جيلاً من الشباب الفلسطيني لحق التعليم ليكونوا جنودا في خدمة القضية الكبرى وهي تحرير فلسطين والعودة إليها.