تعود من جديد الماكنة الإعلامية الموجهة تساندها لجان شكلتها السلطة أصلا في ملف مواجهة الغلاء لتعلن عن فعاليات واحتجاجات ضد الغلاء، وكأن ما يجري هو طبيعي وردة الفعل عليه يجب أن تحتوى وتمتصها تلك اللجان قبل أن يدرك الشعب أنه غرق في اقتصاد قادته له السلطة، فما جرى قبل أشهر من إغلاق للشوارع وإشعال الإطارات ومنع التنقل بين المدن ليس انتفاضة ضد الاحتلال أو غضبا للأسرى والقدس وإنما توجيهات سياسية للضغط على حكومة فياض وأن هناك وزنا لحركة ما في الضفة الغربية محسوبة عليها السلطة، فانتهت المسرحية ونجحت السلطة في امتصاص غضب الجماهير التي خرجت ضد الغلاء بتوجيه من لجان وتجمعات أسست لذلك، وفجأة توقفت النشاطات وبقي الغلاء!!!.
وهذه الأيام وعلى وقع ارتفاع الضرائب تطل علينا تلك اللجان على أن هناك فعاليات غضب ضد الغلاء وبمجرد الخروج للشوارع وامتصاص غضب الجماهير والمواطنين الذين لا دخل لهم ويقبعون تحت سطوة الأسعار ومزاجية الحكم؛ تعود تلك اللجان أيضا مرة أخرى إلى قواعدها، ترى أين هي تلك القواعد ومن يصدر لهم الأوامر أن يبدأوا ومتى تصدر القرارات لهم أن يتوقفوا عن المسيرات، هي الحكاية ذاتها التي من أجلها أسست لجان شعبية ضد الجدار وغيره فأصبحت إسفنجا ماصا للغضب وبات الشرخ واضحا بين مقاومة حقيقية ومقاومة لمجرد امتصاص الغضب، وها هو الحال مع الوضع الاقتصادي الذي لو كانت الهبة طبيعية عليه دون توجيه من لجان وتجمعات لا يعرف لها أصل ولا مصدر لكانت انتفاضة حقيقية لا تخضع لجوانب سياسة وتوجيهات من هنا وهناك.
فهل ستنجح السلطة هذه المرة في امتصاص غضب الجماهير على ارتفاع الأسعار من خلال المسرحية التي ستنطلق في الشوارع رفضا للغلاء ومن ثم ستختفي تلك اللجان بعد أن تقوم بدورها، وهل ستفلت الأمور هذه المرة من يد من يخطط لبدايتها ونهايتها؟.
فلا أسعار انخفضت ولا زيادة في المعاشات والرواتب حدثت ولا هناك تقدم اقتصادي، بل على العكس توتر في موعد صرف الرواتب وغلاء في ازدياد من الكهرباء إلى المحروقات إلى كل المواد الغذائية وغيرها، وكل هذا مدعاة لانتفاضة ضد الغلاء لا تتوقف إلا بتحقيق مطالب المواطنين، فلماذا يتطوع البعض لبدئها وهو نفسه يطفئها؟!
وهنا نميز بين من خرج بإرادته غير موجه في مسيرات ضد الغلاء وبين من خرج ليكون المفتتح والمغلق لهذا الملف، فهل سيتمكنون هذه المرة من الضحك على المواطنين أم أن غضب الجماهير سيتجاوزهم ومن خلفهم؟.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت