عانى الاقتصاد الفلسطيني من العديد من التحديات و المشكلات الاقتصادية والاجتماعية منذ عقود تمثلت تلك المشكلات بالبطالة والفقر وفجوة الموارد المحلية فجوة كلا من الاستهلاك والإنتاج وفجوة الادخار والاستثمار والاختلال الهيكلي والبنيوي في اسس النظام الاقتصادي القائم حيث التراجع المستمر في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية.
حيث ما زال الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد ضعيفا هزيلا تابعا ومشوها في علاقاته الخارجية وريعيا يعتمد على المساعدات الخارجية ولم يعتمد على نفسه ولو لبضع ساعات وسيادة الطابع الاستهلاكي والخدماتي وغياب الطابع الانتاجي وتوجه الاستثمارات في قنوات غير انتاجية حيث تتركز معظم نشاطات هذه الاستثمارات في قطاعات التجارة والخدمات والعقارات والمصارف والمضاربات المالية والإنشاءات. ويبتعد كثيرا عن الاستثمار في القطاعات الإنتاجية خاصة الزراعية والصناعية والتي تضيف طاقات انتاجية حقيقية وتخلق فرصا للعمل وتحد من مشاكل البطالة وتستغل الموارد الاقتصادية استغلالا امثلا, وهذا أدى الى تراجع وتدني نسبة مساهمة قطاع مهم كقطاع الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي وتعرض العديد من الصناعات الوطنية للمنافسة كالملابس والأحذية والصناعات التحويلية. ويرجع السبب في ذلك الى خاصية يتسم به الاقتصاد الفلسطيني وهي ارتباطه بالاقتصاد الاسرائيلي وفقا لبروتوكول باريس الاقتصادي1994 وهو الملحق الاقتصادي لاتفاق اوسلو والذي تم التوقيع عليه بين الاحتلال الاسرائيلي وبين منظمة التحرير الفلسطينية عام1993 .
وعند النظر في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية للاقتصاد نلاحظ ضعف الاقتصاد الفلسطيني وعدم قدرته وخلال العقدين السابقين على تطوير وتنمية نفسه, حيث تحدثت تقارير البنك الدولي عن فقدان الاقتصاد الفلسطيني للتنافسية بالمدى الطويل وتراجعه وخصوصا بالصادرات والتي تصل الى اقل نسبة عالميا وهي 7% وبقيمة مضافة منخفضة جدا.
ومنذ العام 2000 والميزان التجاري السلعي يحقق عجز مستمر ومتزايدا حيث بلغ عام 2011 ب 3700 مليون دولار ( واردات 4500 مليون دولار وصادرات 759 مليون دولار) وهذا العجز مرتفعا عن عام 2010 بنسبة 14% حيث بلغت الواردات السلعية عام 2010 قرابة 2979 مليون دولار والصادرات 546.6 مليون دولار.
وبلغ الناتج المحلي الاجمالي للعام 2011 حوالي 6323 مليون دولار مرتفعا عن عام 2010 حيث بلغ 5728 مليون دولار ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي 1912 دولار ويتوزع كالتالي نصيب الفرد بالضفة الغربية 1912دولار وقطاع غزة 1164 دولار, وكون الأسعار السائدة بالسوق الفلسطيني لا تختلف كثير عن السوق الإسرائيلي كون السلع تأتي من الجانب الاسرائيلي الاكثر تقدما والذي يزيد فيه نصيب متوسط دخل الفرد عن 34000 دولار هذا يعكس عدم التوازن والتوافق بين الاقتصاديين لذي فلا يمكن استمرار ارتباط الاقتصاد الفلسطيني باقتصاد متقدم وصناعي كالاقتصاد الاسرائيلي لان هذا الارتباط والتعاون لصالح الطرف الأقوى .
وبلغ حجم الاستثمار الفلسطيني بالخارج عام 2011 حوالي 5.3 مليار دولاروحجم الاستثمار الفلسطيني في اسرائيل 2.5 مليار دولار ونسبة كبيرة من الودائع الفلسطينية بالبنوك العاملة بالأراضي الفلسطينية والبالغة قرابة 7 مليار تم هروبها للخارج تحت عين وإشراف سلطة النقد الفلسطينية والتي أصبح دورها ( كالبطة العرجاء وبعين واحدة).
وارتفع الدين العام الفلسطيني ووصل عام 2011 قرابة 2213 مليون دولار وشكل 25% من الناتج المحلي الاجمالي وهذا يعني ان الاقتصاد مرهون وينتظر رحمة المساعدات والمنح والهبات الخارجية والتي ترهن وتجعل القرار الفلسطيني أسيرا لمبالغهم ولأماكن اقامتهم .
معدلات التضخم بلغت عام 2010 قيمة مرتفعة نسبيا وصلت الى 3.75 % . ونسبة البطالة 23.7% في الاراضي الفلسطينية وتزيد بقطاع غزة عن الضفة الغربية .
والفقر المدقع يزيد عن 20% .
اما فيما يتعلق بالموازنات العامة الفلسطينية فهي في تزايد مستمر مما يعني تفاقم الازمة المالية للسلطة الفلسطينية حيث ارتفعت الموازنة من 3.2 مليار دولار عام2011 الى 3.8 مليار دولار عام 2013 ويتم تغطية هذه الموازنة من الايرادات والتي تتوزع ما بين ايرادات جباية محلية ورسوم بلغت 7.2 مليون دولار وايرادات القيمة المضافة المقاصة وبلغت عام 2011 حوالي 1487 مليون دولار. وهذا يعني ان الازمة المالية ستستمر لعدة سنوات وستتفاقم بسبب فاتورة الاجور العالية والاعتماد على المساعدات الخارجية حيث سيزيد حجم الدين العام وينخفض ويتراجع الناتج المحلي الاجمالي وعجز مستمر في الميزان التجاري وفي الموازنة العامة والتي تم اقرارها لعام 2013 بعجز 400 مليون دولار.
وعند الحديث عن موازنة الحكومة بغزة للعام 2013 حيث بلغت عام 897 مليون دولار يتم تغطية 243 مليون دولار منها من الايرادات المحلية أي بنسبة 27% والباقي ونسبته 73% وقيمته 654 مليون دولار من الخارج.
يلاحظ في الموازنات العامة الفلسطينية المتعاقبة الاهتمام بقطاع الامن على حساب قطاعات الاقتصادية الاخرى كقطاع التنمية الاقتصادية والمشاريع التنموية والتي اهملت ومنذ إنشاء السلطة الفلسطينية عام1994 , حيث ما زال نصيب الامن هو نصيب الأسد من كل موازنة حيث يزيد عن 30% وكذلك لم تستغل المساعدات الخارجية والمنح ولم تستثمر في قطاعات تهم الاقتصاد وتحسن مستويات المعيشة حيث التراجع الكبير في الاهتمام بقطاعات التنمية حيث من اصل 1277مليون دولار مساعدات خارجية عام 2010 لم يوجه للمشاريع التطويرية سوى 131 مليون دولار والباقي يذهب للأجور والرواتب .
ويمكن القول انه ساد اعتقاد وطموح لذى الفلسطيني منذ انشاء السلطة الفلسطينية بإمكانية سيادة نموذج تنموي كسنغافورة حيث تم الترويج لذلك مسبقا وكان الأمل مصبوب على اتفاقية باريس الاقتصادية ولكن وعلى الرغم من تحقيق الاقتصاد لمعدلات نمو مرتفعة نسبيا سنة 1999 الا انه ونتيجة لعدم تحقيق مكاسب سياسية تراجعت ووصلت لمعدلات سالبة في بداية الانتفاضة الفلسطينية وسقطت تلك التجربة التي نادى بها صناع القرار الفلسطينية ولم ترى النور وعلى العكس تفاقمت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في الاراضي الفلسطينية كارتفاع كبير في معدلات الفقر والبطالة والتفاوت بين الشرائح الاجتماعية وتدهور في كل المؤشرات الاقتصادية الكلية .
وهل نحن الان اما نموذج سنغافوري جديد بعد زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كير ي للمنطقة وعرضه لخطة اقتصادية يتم من خلالها وبعد 3سنوات تخفيض نسبة البطالة بحدود الثلثين وارتفاع الدخول بنسبة 40% اوهاما سمعناها سابقا وتكرر اليوم السلام الاقتصادي والذي لا يمكن له ان يحدث بدون تحقيق مكاسب سياسية والاعتراف الاسرائيلي بدولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967 والاعتراف بكافة الحقوق وتجميد الاستيطان وغير ذلك لا يمكن أن يكتب لعملية السلام الاقتصادي النجاح وستكون بمثابة مقايضة القضية الفلسطينية وتضحيات وأهات وعذابات شعبنا بلقمة العيش وبرغيف خبز؟!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت