لا يوجد عاقل واحد في الأمة العربية والإسلامية يصدق كلام بشار الأسد عن فتح جبهة الجولان ضد جيش الصهاينة، وليس الدليل على ذلك حالة الهدوء المريح لأعصاب اليهود الذي ميز جبهة الجولان لعشرات السنين، وإنما الدليل على ذلك هو حالة التمزق والانقسام التي تعيشها سوريا، فإذا كان حرص نظام الأسد على هدوء الجولان في زمن وحدة الشعب السوري، ومنعته العربية، فهو أحرص اليوم على الهدوء ونصف سوريا يقاتل نصفها الآخر؟
من الثابت أن نظام الأسد حريص على توظيف جبهة الجولان لكسب معركته ضد الشعب السوري، فشأن نظام الأسد شأن كل الأنظمة العربية التي أتقنت اللعب على القضية الفلسطينية، وسعت لإيجاد عدو خارجي صهيوني وهمي؛ يساعدها على سحق المعارضة الداخلية، ولما كان نظام الأسد يعرف أن وجدان الأمة كلها معبأ ضد إسرائيل، ويعرف أن نقطة التقاء الشامي مع المغربي هي فلسطين، لذا حرص على أن يأخذ نصيبه من الوطنية والمصداقية والعروبة والإسلام من خلال التهديد بفتح جبهة الجولان، والحقيقة هي عكس ذلك تماماً، وهذا ما تعرفه إسرائيل جيداً، وهي تصغي لتهديدات الأسد الذي يدعي احترامه للرأي العام السوري، واستجابته لنداءات العرب بالتطوع لفتح جبهة الجولان ضد الصهاينة.
سترتفع صوت نظام الأسد مهدداً بفتح جبهة الجولان كلما ارتفعت وتيرة القصف الصاروخي المدمر على حلب وشقيقاتها، وستبلغ تهديدات النظام ذروتها مع تصاعد المجازر الجماعية ضد الشعب السوري، وأزعم أن الترتيبات بين نظام الأسد والصهاينة قد تصل إلى تبادل القصف المدفعي والصاروخي في الجولان، ومن ثم الزج بطلائع الجيش العربي السوري للذبح لضمان سلامة النظام، وشواهد التاريخ على الحروب المفتعلة كثيرة، لم يكن آخرها مساعدة الفرنجة لأبي عبد الله الصغير في تحقيق نصر وهمي يدعم ملكه في بلاد الأندلس.
إن مصدر قلق الصهاينة الجدي هو تلك التغيرات الميدانية التي تجرى في أكثر من بلد عربي، سواء ما ظهر منها على سطح سوريا ومصر وتونس وليبيا، أو ما خفي منها تحت سطح الصمت المتوثب في الأردن والعراق ودول الخليج وباقي بلاد العرب، وأخص بالذكر تلك التحولات الإيديولوجية، وذلك التفاعل الوجداني مع المتغيرات الذي يبشر بمستقبل عربي يرعب إسرائيل، ويفرض عليها التباكي على النظام العربي البائد، النظام العربي الذي لم يحسن إلا فن تقويض أركان الأمة، وهز الثقة بقدراتها، وسحق إرادتها من خلال خداع الناس بالشعارات الضخمة البراقة الزائفة، في الوقت الذي يمارس التنسيق السري مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بعد أن ربط مصالحه بالبقاء حاكماً في المنقطة مع بقاء إسرائيل سيدة قوية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت