باحث اسرائيلي يدعو لحصر مفاوضات السلام مع اميركا

واشنطن - وكالة قدس نت للأنباء
دعا البرفسور الإسرائيلي، دان شويفتان، أستاذ "شؤون الأمن القومي" في جامعة حيفا الإسرائيلية، والمحاضر في جامعة جورج تاون، في العاصمة الأميركية، إلى اعتبار ان "أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين، يجب أن يكون محدوداً وانتقائياً ونقرره نحن، إلى أن يأتي الوقت الذي نقنع فيه العرب (الفلسطينيين) بالتخلي عن أفكار العداء لنا وضرورة التوصل إلى سلام متبادل بيننا وبينهم، حيث أنهم يعرفوننا أقوياء اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ولكنهم لم يتخلوا عن فكرة إنجاز مآربهم الوطنية على أرض إسرائيل".

ولذلك يعتبر شويفتان أن أي حل تفكر فيه إسرائيل يجب أن يكون اسرائيليا من حيث القرار والتنفيذ، "لأن الفلسطينيين ضعفاء، ومفككين، ومنقسمين (غزة والضفة الغربية)، ولن يكون هناك سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، إلا إذا كان يشمل كلاً من الضفة الغربية وغزة، وهو ما لا نراه في الأفق".

وفي إطار رده على سؤال وجهته له صحيفة "القدس" المحلية، حول طبيعة الخطوات الانفرادية التي يمكن لإسرائيل اتخاذها؟ قال شويفتان:" عبر إبرام اتفاقات مع الولايات المتحدة مباشرة، وفقط (دون مشاركة الأمم المتحدة أو الأوروبيين، أو الفلسطينيين أو الجامعة العربية)، مثل اتفاق يخص تخفيف الوجود الإسرائيلي في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، وإضافتها للمنطقة (ب)، وتخفيف الوجود الإسرائيلي في المنطقة (ب)، وإعطائها إلى السلطة الفلسطينية في المنطقة (أ) عبر الاتفاق الإسرائيلي الأمريكي الحصري".

وأضاف: " علينا أن نفرق بين المستوطنات والمستوطنين، حيث أوافق أنه يجب تفكيك المستوطنات الموجودة في عمق أراضي الضفة الغربية، مع الإبقاء على الكتل الاستيطانية المكتظة، شريطة أن نبدأ في بناء أماكن سكن جديدة لهؤلاء المستوطنين، كون ذلك يحتاج إلى سنوات طويلة، ولذلك أقول بأن نتخذ خطوات انفرادية ابتداءً من الآن".

وكان شيوفتان يتحدث في الندوة التي نظمها معهد واشنطن ضمن ندوة تحت عنوان: "إسرائيل في مهب العاصفة.. كيف تواجه الحكومة الجديدة التغيرات في البيئة الأمنية"، بمشاركة زميله الإسرائيلي شاي فيلدمان، مدير الدراسات الشرق أوسطية في "جامعة براندايز" الأميركية المرموقة، حيث تناولا " متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي، في ظروف التغير الدراماتيكي في المنطقة، سواءً الحرب الأهلية الدائرة في سورية، أو غموض النتائج الملموسة في عملية التحول في مصر، والفراغ القيادي للسلطة الفلسطينية، وما يفرضه ذلك على الحكومة الإسرائيلية من تحديات.

وركزت الندوة التي أدارها روب ساتلوف مدير المعهد على أولويات الأمن القومي الإسرائيلي.

وتحدث فيلدمان عن "معجزة " تطور العلاقة الإسرائيلية الأمريكية، منذ أن عمل في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، في ثمانينات القرن الماضي، وإلى اليوم " وكيف أصبحت هذه العلاقة بين الطرفين عضوية، الأمر الذي يعزز ضمان الأمن القومي الإسرائيلي، وهو ما كان يدفع بإسرائيل وحكوماتها إلى المجازفة من أجل تحقيق السلام مع الفلسطينيين، إلا أن النجاح الإسرائيلي في ميدان الأمن القومي، وضع إسرائيل في موقع تجد نفسها فيه غير متحمسة لتحقيق السلام واتخاذ القرارات الصعبة".

وطرح فيلدمان ثلاثة تحديات تواجه إسرائيل حالياً وهي: " أولاً، الملف النووي الإيراني، ثانياً، تركيا وثالثاً، تحديات النهضة العربية ".

وبالنسبة لإيران، قال فيلدمان: ان هذا القرار يجب أن يتخذ بتنسيق وتجانس كامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وبالنسبة لتركيا، فإن " أحداً لم يكن يتوقع لتركيا أن تصبح بهذه القوة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، مما يفرض معايير ومعطيات جديدة، لتسيير العلاقات الإسرائيلية التركية، بما يخدم المصالح المشتركة في المنطقة".

أما بالنسبة لما يجري من اضطرابات في المنطقة "النهضة العربية الحالية " فاعتبر فيلدمان أن ذلك يفرض متغيرات يجب على إسرائيل أن تتعامل معها، حيث كانت في السابق تعتمد على الأنظمة الديكتاتورية القوية، والآن تجد نفسها مضطرة للتعامل مع الشارع العربي، الذي يقر الجميع بأنه أكثر راديكالية من الحكومات".

إلا أن فيلدمان كرر المرة تلو الأخرى بأن إسرائيل " تغض الطرف عن اتخاذ القرارات الصعبة، والمجازفة، باتجاه السلام مع الفلسطينيين، مع العلم بأن إسرائيل لا تواجه خطراً عسكرياً حقيقياً قادماً من المنطقة، فكل من سورية والعراق، غارقتين في حروب أهلية، تحول دون تعبئة طاقاتهما لمحاربة إسرائيل، كما كان الوضع عليه سابقاً، بينما تحتفظ باتفاقات سلام مع الأردن ومصر، وكما رأينا ابان الحرب الإسرائيلية مع حماس في الخريف الماضي، فإن مصر تتصرف بحكمة، ومرسي يتصرف كرئيس مصر، وليس كعضو بارز في الأخوان المسلمين، وهو ما جلب خيبة الأمل لحماس".

وأنهى فيلدمان مداخلته مشيراً إلى أن "إسرائيل التي تتجاهل ضرورة السعي وراء حل مع الفلسطينيين، وتحقيق السلام المطلوب، وإنهاء الاحتلال، وإيجاد حل لمشكلة الاستيطان، على الرغم من أن الفلسطينيين لا يشكلون تحدياً كبيراً بالمعنى الإستراتيجي لوجود إسرائيل، وانهم لم يصابوا بعدوى الربيع العربي (حتى الآن) ولا يبدو في الأفق، أنه سيكون هناك انتفاضة فلسطينية ثالثة، وهو ما أخشاه، لأن ذلك يعني أن الفلسطينيين قرروا إعطاء صلاحية الحل للزمن، وأن ذلك يعني أن القرار سيكون في نهاية الأمر للنتائج الديموغرافية، التي تنتهي بإسرائيل كدولة موحدة تواجه صعوبة الخيار بين يهوديتها وديمقراطيتها".

وفي معرض رد فيلدمان على سؤال للصحيفة ، عن توقيت إغلاق ملف التفاوض من أجل قيام حل الدولتين، قال فيلدمان: "لم نصل إلى هذه النقطة المفصلية بعد، ولكننا قاب قوسين أو أدنى من ذلك، وأحذر من أن نتائج ذلك ستكون كارثية على إسرائيل" مستهجناً دعوة زميله شويفتان "للعمل الإنفرادي" حيث ان " كل من يعتقد أن بإمكان إسرائيل أن تبادر وتنفذ قرارات انفرادية واهم".

وحول تطورات الشارع العربي، حذر شويفتان، من أن تلك التطورات ليست إيجابية بالنسبة لإسرائيل، لنفس الأسباب التي تحدث عنها فيلدمان، حيث كانت تتعامل إسرائيل في الماضي مع زعماء أقوياء، لا يعيرون اهتماماً للرأي العام لشعوبهم، والآن يضطرون لمراعاة هذا الرأي العام، مستشهداً بالاتفاقات التي أنجزتها إسرائيل مع الأردن، والملك عبد الله الأول عام 48، ومصر، باتفاق السلام الذي أبرمه الرئيس السادات.

وحول دور "العرب الإسرائيليين" في المجتمع الإسرائيلي، ابتدأ شويفتان بوصفهم بانهم "عالة على المجتمع، مثلهم مثل الأرثوذكس الحرديم" وانتهى بوصفهم كأعداء للدولة "يصعب استيعابهم بالمجتمع كمواطنين مخلصين".