غزة - وكالة قدس نت للأنباء
في عُرف الاحتلال الاسرائيلي قد يتحول منزلك الجميل الهادئ الذى تسعد بالعودة اليه الى سجن ، وقد يتحول من اهم اكثر الناس رحمة بك وشفقة عليك ، وهم الاب والام والاخوة " رغما ارادتهم" الى سجانين عليك ، مما يخل بتوازن واستقرار العائلة ، ويدفع الى النفور منها، وهذا القول حقيقة وليس درباً من دروب الخيال .
مركز اسرى فلسطين للدراسات يسلط الضوء على قضية الحبس المنزلي التي اصبحت سيفا مسلطا على رقاب الفلسطينيين وخاصة سكان مدينة القدس المحتلة حيث ضاعف الاحتلال خلال الشهور الاخيرة من استخدام هذه السياسة التي يحتجز بموجبها المواطن الفلسطيني وخاصة الاطفال، في المنازل لفترات قد تطول حسب ما يقرر الاحتلال ، وقد يمدد الاحتلال الحبس المنزلي لهم لفترات جديدة كما يجدد الاعتقال الإداري للأسرى الاداريين .
وقال الباحث رياض الاشقر المدير الإعلامي للمركز بان سياسة الحبس المنزلي يستخدمها الاحتلال بشكل كبير بحق الاطفال في القدس تحديدا ، حيث فرضت سلطات الاحتلال منذ بداية العام الحالي فقط ما يزيد عن 50 امرا بالحبس المنزلي طالت اطفال ونساء وبالغين ، منهم 40 حالة في القدس لوحدها، بعضهم فرض عليه المكوث في بيته لا يستطيع الخروج منه بشكل مطلق حتى لو كان للمدرسة ، ومنهم من فرضت عليه الحبس في منازل اقارب لهم بعيدا عن منزله ومنطقة سكناه ، وهذا النوع اصعب من الاول حيث يشتت العائلة ويفرض على الطفل او البالغ الحياة مع اشخاص لم يألف العيش بينهم بشكل مباشر كذويه ، وهذا يسبب له الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية وخاصة اذا طالت مدة هذا الحبس المنزلي .
الحبس المنزلي للجميع..
واشار الاشقر بان الاحتلال يستهدف الاطفال بشكل خاص بالحبس المنزلي حيث ان سنهم الصغير لا يسمح له دائما باعتقالهم في السجون فيقوم باستبدال الاعتقال بالحبس الاختياري في المنزل ، ولكن هذا لا يعنى بان الاحتلال يستثنى من الحبس المنزلي باقي الشرائح ، حيث طال الحبس المنزلي النساء الفلسطينيات حيث لا تزال الحاجة "فتحية خنفر" 58 عام، وهى والدة الأسير رامي خنفر من جنين المحكوم بالسجن 15 عاما، محتجزة في منزلها بقرار من محاكم الاحتلال التي مددت لها الحبس المنزلي خمسة مرات متتالية ، وذلك بعد ان امضت 18 يوماً في الاعتقال والتحقيق بحجة تهريب اغراض لابنها خلال زيارته في سجن النقب في شهر فبراير الماضي علما بانها تعانى من عدة امراض نظرا لكبر سنها.
وبين الأشقر بان سلطات الاحتلال فرضت مؤخرا الحبس المنزلي على عدد من المقدسين بعد الإفراج عنهم بكفالات مالية ومنهم المواطن " اياد الأعور 42 عام محمد غوشة" ، 21 سنة، و "محمد حلواني" ، 19 سنة، و"ماهر البيتوني" ، 20 سنة، و"حمودة البيتوني" ، 19 سنة، و" أنس الأفغاني " 21 سنة، و" علاء مكية" 19 سنة، ، و "عبد المعطي الجعبري" ، 20 سنة، و"محمود الخطيب" ، 20 سنة، حيث اجبرهم الاحتلال على دفع كفالة مالية قيمتها 500 شيكل لكل منهم، والالتزام بالحبس المنزلي والابعاد عن منازلهم بالبلدة القديمة لمدة أسبوعين، وكانوا قد اعتقلوا بعد مداهمة منازلهم في حارة السعدية بالقدس.
حبس وابعاد..
واضاف الاشقر ان الاحتلال غالبا ما يستخدم سياسة الحبس المنزلي بعيدا عن منزل الشخص المستهدف بالحبس، مما يضاعف معاناته وهذا النوع يستخدمه الاحتلال غالباً مع الاطفال ، حيث يتم اصدار قرار قضائي من محاكم الاحتلال بفرض الحبس المنزلي على الطفل ولكن فترة الحبس المنزلي لا يقضيها في منزله انما يقضيها في منزل اخر خارج منطقة سكناه، وهذا يشكل عبئ كبير على اسرة الطفل حيث يضطروا الى التواجد مع الطفل المبعد عن منزله طوال الوقت، على مدار ساعات اليوم لكى لا يشعر بالوحدة والغربة، و لتلبية متطلباته، هذا عدا عن المبالغ الطائلة التي يوقّعون عليها في حال خرق قوانين الإبعاد والحبس المنزلي.
حيث ارغم الاحتلال ذوى الطفل "صهيب الأعور" على دفع غرامة مالية تقدر بـ 18 ألف شيقل نقداً، والتوقيع على دفع مبلغ 65 ألف شيقل اخرى في حال خرق ابنهم "قوانين الحبس المنزلي" الذي فرض عليه بعد خروجه من السجن وابعاده الى منزل جدته في جبل المكبر لمدة 4 شهور ، حيث يسكن هو في سلوان .
وكانت المحكمة المركزية بالقدس قد فرضت الابعاد والحبس المنزلي على الطفل " مهران الجعبري" 12 سنة ،من القدس، و فرضت كذلك الابعاد والحبس المنزلي على الطفل " شادي الأعور" ، 16 سنة ، الى جبل المكبر لحين المحاكمة، بعد دفع كفالة مالية قدرها 3 الآف شيكل،فيما فرضت الشرطة الإسرائيلية، الاقامة الجبرية على الطفل سيف غالب رويضي (11 عاما)، في منزله ببلدة سلوان حتى تاريخ 30-6-2013، وذلك بعد احتجازه لساعات في مخفر شرطة صلاح الدين بالقدس، وكان الطفل رويضى قد اعتقل أثناء عودته برفقة شقيقته من مدرسته الى المنزل ، بتهمة القاء الحجارة وزجاجات فارغة على مستوطنين في البلدة .
اثار بعيدة المدى..
واوضح الاشقر بان الأثار المترتبة على الاقامة الجبرية التي يفرضها الاحتلال على الاطفال تمتد نتائجها الى ما بعد انتهاء هذه الاقامة حيث انها تؤثر سلباً على نفسيات الاطفال الذين من المفترض ان يمارسوا حياتهم بحرية ، ويلعبوا مع اقرانهم خارج المنزل ، ويكملوا مشوارهم التعليمي بشكل اعتيادي ، ولكن هذا لا يمكن ان يتم خلال وجود الطفل في الحبس المنزلي مما يقيد حريته ويجعله متذمرا ومتوتراً وعدائياً بشكل مستمر، حيث يرى الطفل اصدقائه وهم يلعبون في الخارج ويمرحون وهو لا يستطيع ان يشاركهم ، فيصبح الطفل عصبياً ويصرخ على اهله دون داعى، ويبادلهم العناد والجدال ، لأنه يعتبرهم هم من يسجنونه ويقيدون حريته ، وقد يضطر الاهل خوفا على ابنهم من ضربه وتوبيخه ، وهذا له اثار اجتماعية على طبيعة العلاقة داخل الاسرة الواحدة ، ويخلق حاجزا وجدارا بين الطفل وذويه، كذلك فان خوف الاهل على الطفل من اعادة اعتقاله او تعرضه للأذى من قبل الاحتلال تدفع الاهل الى عدم السماح له بالذهاب إلى مدرسته ، ما يؤدي الى تأخره عن دراسته، ويبعده عن اجواء الدراسة، وصولا إلى فصله من المدرسة في كثير من الاحيان.
مناشدة..
مركز اسرى فلسطين للدراسات ناشد المنظمات الدولية الراعية لحقوق الاطفال التدخل من اجل انقاذ اطفال فلسطين من جرائم الاحتلال ، ووقف الهجمة القمعية بحقهم ، ووقف استهدافهم بالقتل والاعتقال والاقامات الجبرية التى تؤدى الى فقدانهم لمستقبلهم وحياتهم في بعض الاحيان .