"للقدس رب يحميه"

بقلم: كمال الرواغ


أن ما يجرى لمدينة القدس الآن هو انتهاك صارخ لشرف الأمة العربية وعزتها و عروبتها و كبريائها و الغريب و المخيف إن هذا الانتهاك يتواصل في ظل ما يسميه البعض الربيع العربي، الذي راهنت عليه الشعوب العربية في التحرر من قبضه الأنظمة العربية الشمولية والتي كبلت الجماهير العربية على مدار أكثر من نصف قرن من الانتصار لقضاياها الوطنية وفي مقدمتها تحرير القدس أو دعم صمودها في وجه الاحتلال و الإحلال الصهيوني لهذه المدينة المقدسة، وتحرر هذه الأنظمة من السير في فلك النظام الغربي والذي تتزعمه أمريكيا وتقوده إسرائيل عبر تحكمها بمراكز القوى الغربية سواء الاقتصادية أو دوائر صنع القرار السياسي.
لقد راهنا جميعنا وتفائلنا خيرا بما يحدث في محيطنا العربي من ثورات ضد الظلم والاستبداد والتحكم في مصير الشعوب ومستقبلها لكن بعد أن ذهبت السكرة وجاءت الفكرة اكتشفنا بأن هذا الربيع قد أختطف وأصبح خريفا عربيا يحكمه الإخوان المسلمين بأجندة سياسية أمريكية تتطلب إغلاق العيون عما يحدث بالقدس و إسكات الحناجر الصارخة بضرورة تحرير المقدسات ، و هذه الاجنده بدت واضحة من خلال الولاء والاستجداء الأخواني للدعم الأمريكي العسكري والاقتصادي و من خلال الحيادية الاخوانية الواضحة من الصراع ، ومن قراءتنا للتاريخ الإسلامي منذ عهد الرسول (عليه الصلاة والسلام) لم نقرأ في يوم من الأيام بأن الرسول أو أي أحد من الخلفاء الراشدين طلبوا النصرة من الروم أو حلفائهم بل كان الرسول(صلى الله عليه وسلم) يخيرهم بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية فقط, أما اليوم فإننا نرى إسلام سياسيا جل ما يرنو إليه هو الوصول إلي سدة الحكم و التمرغ في الملذات والاستيلاء علي مقدرات الأمة و توظيفها لصالح الحركة و أعضائها و مناصريها من الصف الأول فقط ، أسوة بالدويلات الإسلامية التي قامت ما بعد الخلافة الراشدة التي بقيت متناقضة ومتناحرة إلى أن طمعت بهم الممالك والسلاطين التي نشأت بعد ذلك وأزالتهم عن الخارطة السياسية والجغرافية، لذلك نحن لا نراهن على هذا الإسلام السياسي لتحرير القدس أو دعمها لان القدس ليست على أجندتهم المعلنة وإنما هي شعار يتشدقون به من أجل كسب عطف المسلمين والعرب لإقامة نظامهم السياسي الخاص بهم وبحلمهم .
وعودة على ذي بدء فأن القدس اليوم تتعرض لأبشع الانتهاكات الإسرائيلية سواء بالسيطرة على الأرض والآثار الإسلامية في المدينة وطرد السكان العرب منها في لحظة ضعف ألامه ووهنها , وكل يوم يمضي و القدس محتلة مغتصبة تخسر من شرفها شرف العالم العرب يو الاسلامي و كل يوم تغتصب و تصرخ و تنادي و تستغيث ولا من مجيب بل حال العرب المسلمين اصبح يبكي أكثر من حال القدس لان صمتهم دفع ثمنه .
في حين أن أمتنا العربية منقسمة على أنفسها مثلنا تماما ما بين الاستحواذ على السلطة والمال إما الأمة الإسلامية فهي متشرذمة ما بين المذاهب الشيعية والسنية ، ولا أمل بهم ونحن نشاهد المسلمين وهم يقتلون ويشنقون ويصلبون نساء وأطفال وشيوخ وشباب، ومثال ذلك ما يحدث لمسلمين بورما لا نصير لهم ولا احد يتحدث عنهم حتى في الإعلام وكأن إسلامهم غير الإسلام الذي ندين به .

أما فلسطينيا فلقد نجحت بذور الفتنة من الدخول إلى الجسد الفلسطيني وتمزيقه ما بين إمارة في غزة بمرجعية قطرية وإيرانية وسلطة فلسطينية في الضفة تحت حراب الاحتلال ونفوذ سياسات البنك الدولي و قد تكون هذه البزور من تلك المخططات التي تستكمل المشروع الكبير الذي نعتقد انه ربيعا عربيا و كان وأصبح تقسيما عربيا و صمتا عربيا و هنا باتت القدس وحيدة مستسلمة للإجراءات الاحتلالية الصهيونية ولا يجرؤ أحد على الانتصار لها أو مساعدتها ونحن نقول كما قال عبد المطلب جد الرسول "عليه الصلاة والسلام" لأبره الحبشي عندما أتى لهدم الكعبة قال لهم "للبيت رب يحميه" ونحن نقول للقدس رب يحميها ...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت