سقوط مدينة "القصير" بأيدي نظام الأسد ينكأ جرح مخيمي "تل الزعتر" الذي عاش نفس التجربة الدامية من حصار وقصف وموت، ومن ثم سقوط في أيدي حلفاء نظام الأسد.
ولمن لا يعرف اسماء مقاتلي مدينة القصير، ولمن لا يعرف تفاصيل حياة سكان المدينة المنكوبة بالجغرافيا، ولمن لا يتخيل ما سيحل بهم من هتك للشرف العربي، ومن سحق للروح الإنسانية، عليه ان يسترجع ما حل بمخيم صبرا وشاتيلا 82، وأن يتذكر ما حل بمخيم تل الزعتر الفلسطيني في لبنان سنة 76، في تلك الأيام التي ذرف فيها الفلسطينيون دماً، حين ناصر حافظ الأسد عصابات الكتائب المارونية، ضد المخيم الفلسطيني، بحجة تحرير فلسطين، ليتكرر المشهد التاريخي المأسوي حين يناصر حزب الله اللبناني نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري؛ بحجة فتح جبهة الجولان ضد العدو الإسرائيلي، وتحرير فلسطين.
حين سقط مخيم تل الزعتر، تساءل الشاعر العراقي مظفر النواب قائلاً:
ماذا يطبخ تجار الشام على نار جهنم؟
ولم يكن يعرف الشاعر ان الجواب سيأتيه من مدينة القصير بعد سبعة وثلاثين عاماً، وهي تؤكد أن تجار الشام لا يطبخون على نار جهنم إلا الموت للأمة العربية، والذبح للقضية الفلسطينية، والدمار والهلاك للشعب العربي السوري، لقد تعود تجار الشام أن يقدموا للأمة الإسلامية المجازر؛ فمن مجزرة مخيم تل الزعتر إلى مجزرة مدينة حماة، إلى مجزرة باب عمرو، إلى مجزرة ذبح سوريا، ولن تكون مجزرة القصير آخر الأحزان، طالما ظل هذا النظام.
إن سقوط مدينة القصير ليس إلا بداية حرب مفتوحة على كل الاحتمالات، طالما كان الذي يشعل وقودها هم أعداء الأمة العربية، والواجهة البشعة لها هي نظام الأسد؛ الذي يتزعم الانتقام للماضي البعيد من الحاضر القريب، في حرب طائفية يختلط فيها الأخضر واليابس، وتمتزج فيها الألوان عن عمد، حتى تاه الخط الفاصل بين محبي الوطن ومغتصبي التاريخ.
إن معركة القصير لا تمثل سقوط مدينة سورية بمقدار ما تشهد على سقوط مرحلة؛ اعتادت فيها الأنظمة العربية البائدة على انتهاك كرامة الإنسان، وتحطيم أحلامه من خلال التحالف مع قوى الشر الممتدة من روسيا حتى أمريكا، وهذا ما يفرض على قوى الخير في أمتنا العربية والإسلامية أن تصطف في خندق واحد، لا تعلن فيه عن نصرتها للشعب السوري، وإنما تحمل البندقية دفاعاً عن حاضر الأمة العربية والإسلامية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت