من الظواهر الطفرية الحديثة هي تلك المهازل التي نتعايش معها، وتتردد على مسامعنا هذي الأيام ،ونشبب بها سواء عبر الإعلام أو في حياتنا اليومية، في المحلات التجارية أو في الأسواق أو غبرها من الأماكن العامة الأخرى،من أهم تلك الطفرات هي أن المطرب الفلسطيني الشاب محمد عساف صاحب الحنجرة الماسية كما يُطلق عليه البعض ،والذي رفع الرأس كما يقول ابني الصغير بكل فطرية وبراءة ..!!
وهكذا أطل علينا عبر الفضائيات ذلك العساف من خلال برنامج "أراب أيدول " رغم أني اعرف بثقافتي المحدودة في علم الصيدلة..، أن نهايات الأدوية المسكنة غالبا ما تنتهي بحرفي الواو واللام مثل: براسينامول ،واكامول ،وبنادول ،وترامادول وغيره من المسكنات الأخرى لكن ما علاقة الأيدول بالعرب هنا هي فضولية مني في السؤال ..هل معنى ذلك أن ذاك الأيدول أنه مسكن فعال وقوي لنسيان المذابح،وانتهاك الأعراض التي أحلت بالمسلمين في بورما أو سوريا أو الشيشان أو العراق أم أنه مسكن خارق لضياع الثورات ،وتفككها وسط أجواء الخريف الغربي ،وسقوط أهدافها كما سقطت الخلافة الإسلامية والدولة المملوكية ،والدولة العثمانية وكما سقطت مدينة القدس !!
المهم هنا في خبايا بيت القصيد أن ذاك المطرب الذي هجر الأغاني الوطنية ،والتي عرفناه من خلالها، ودخوله مستنقع أغاني الرومانسية المزيفة .. انه رغم ذلك التغيير، وبعد جهود حثيثة ودءوبة من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني استطاع أخيرا ذاك الملك العسافي أن يوحد القطرين ،أي القطر الشمالي والمعني به الضفة الغربية والقطر الجنوبي ، والمعني به قطاع غزة ..!! المشكلة أني وبتحليلي الرياضي أعرف أن عدد الأقطار عدد لانهائى في الدائرة وأن القطر هو وتر يمر بمركز الدائرة فما بالنا اليوم إذا كنا فقدنا المركزية المجتمعية وسط الأهواء والنزوات والمطامع ، ووسط التصاق أجسادنا بكراسينا الحزبية ،وإذا كنا نعيش خارج إطار الدائرة الوهمية فأنّى لنا أن يوحدنا ذاك العساف ؟!
ما هذه الخزعبلات التي تجتاح عقول شبابنا ،ومجتمعنا اليوم بكل سفاهة ،وجهل ؟!
كيف يمكن أن نعلم أبنائنا الحقيقة، ونقنعهم أنه عندما يُسألون في مادة التاريخ عن موحد القطرين أن عليهم بأن يجيبوا إنه الملك مينا، وهو فرعون من الأسرة المصرية الأولى مدينة طيبة (الأقصر حاليا)، حوالي عام 3200 ق.م.
حقيقة أشد ما يثيرني هو ..هذا التساؤل الخطير مع خالص احترامي لأهل الطرب ،ولمشجعي عساف .. هل تحول الصاروخ محمد عساف والذي هو أخطر من أسلحة الدمار الشامل كما تدعي بعض وسائل إعلام العدو الإسرائيلي.. هل تحول في لمح البصر إلى مينا أو «أوتو فون بسمارك»، موحد ألمانيا، والذي كان من أبرع الساسة على الإطلاق، وهل تحول عساف إلى الإمبراطور الصيني سوي ون تي الذي نجح في توحيد الصين بعد أن تمزقت عده قرون.
أخاف أن تكون الوحدة العسافية مثل وحدة القبائل المغولية على يد القائد المغولي جنكيز خان الذي قاد تلك القبائل للدمار والتشريد والقتل من خلال ا لحروب التي خاضها خارج بلاده ،واستيلاؤه على شمال الصين وبلاد فارس..!!
إذا كانت تلك ملامح وحدة الدولة الفلسطينية على يد القائد المغوار، محمد عساف أي كما مينا ،وبسمارك وسوي ون تي فسأكون أول من يصوت له بكل حماسة ،وفخر أما إن كانت الوحدة على طريقة جنكيز خان فسأصوت عليه ،ولن أقول معلقا سوى ويلٌ لشباب العرب من شر ٍ قد اقترب !!.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت