مخالفات مرورية وقحة في غزة

بقلم: فايز أبو شمالة


عدم ربط حزام الأمان من المخالفات المرورية المعروفة على مستوى العالم، وكذلك الاتجاه يميناً أو شمالاً دون اشعال الغماز، إنها مخالفات مرورية معروفة، تعالجها الدول بالغرامة وما شابه ذلك، ولكن الذي يجري على أرض غزة مخالفات مرورية لا تجدها في أي مكان آخر من العالم، وقد صارت جزءاً من حياة الناس، ومنها:
أن تجد في شوارع قطاع غزة من يقود السيارة بلا رخصة قيادة، وبلا دراية بقواعد المرور، وأن تجد من يقود سيارة مجهولة الهوية، وبلا لوحات، وبلا رخصة، وأن تجد من يقود السيارة بلا تأمين، أو من يقود سيارة عمرها يزيد عن أربعين عاماً، تنفث الزيت المحروق في رئتي كل الناس، وبات مألوفاً أن تجد سائقاً يقف بشكل مفاجئ، ويغلق الشارع لعدة دقائق، ينتظر الراكب الذي لاح له من بعيد.
كل ما سبق من مخالفات مؤدبة ومحترمة ومألوفة ومستوعبة إذا قورنت بالمخالفات الوقحة التي تجري في شوارع قطاع غزة، ولاسيما في شوارع مدينة خان يونس. ومنها:
1ـ أن تسير عربة يجرها حمار أو حصان في الاتجاه المعاكس، دون أدنى إحساس بالآخرين، وإن اعترض أي سائق سيارة على الحمار الذي يمشي عكس السير، يتعرض للسب والشتم.
2ـ أن يقف سائق سيارة على مفرق الطرق، ويغلق كل الاتجاهات، ويمارس تحميل وتنزيل الركاب ببرود أعصاب، وإن تجرأ سائق، واحتج على اغتصاب طريق الناس وزمانهم، يصرخ المعتدي بكل صفاقة: لماذا أنت مستعجل؟ انتظر.
3ـ أن يجتاز سائق التكتك جميع السيارات من الجهة المعاكسة، ويستعرض حديده الذي لا يتأثر بالضربات، ويرعب كل أصحاب السيارات من الأذى والضرر الذي يسببه لهم.
4ـ أن تزاحم عربة الكارة سيارات موديل 2013، وتأخذ حق الأولوية في الشارع.
في قطاع غزة يتساءل المواطن: أين الحكومة عن هذه المخالفات المرورية الوقحة؟ وهل صار الشارع ملكاً لمجموعة من الطغاة العاصين، وصارت لهم الغلبة؟
في قطاع غزة يتساءل المواطن: هل تخاف الحكومة من تطبيق القانون؟ لماذا لا يصير تطبيق القانون على الكبير والصغير، وعلى الأمير والغفير، ودون تعسف أو تجبر؟
لماذا لا تطبق الحكومة القانون الذي يجيز قطع رأس القاتل، وإعدام الخائن؟ لماذا لا تطبق الحكومة القانون الذي يجيز قطع يد السارق، وقص لسان الفاجر؟ لماذا لا تطبق الحكومة القانون الذي يجيز مصادرة السيارة المعتدية على حياة الناس، وسحب رخصة السائق المستهتر، والزج بمن يستحق إلى غياهب السجن؟ لماذا تتردد الحكومة، وتفكر مرتين قبل تطبيق القانون الذي سيحترم آدمية الإنسان، ويأخذ بيد العباد على طريق العدل والمساواة والكرامة.
قد تخرج على الحكومة بعض منظمات الرأفة بالحيوان وتغضب لمنظر حمار تمت مصادرته؛ لأنه يسير في الاتجاه المعاكس، وقد تغضب منظمات حقوق الإنسان لمعاقبة مراهق يقود سيارة بلا هوية، ويستخف بحياة الناس، وقد يغضب بعض سائقي السيارات لمنعهم من القيادة المؤذية لكافة البشر، وقد يغضب كل من عشق الفوضى، ويغضب كل من يرفض أن يرى فلسطين تسير باتجاه بسط سيادة القانون، قد يغضب كل هؤلاء الذين لن تتعدى نسبتهم 10% فقط من سكان قطاع غزة.
ليغضب 10% من سكان غزة، وليحترق بنار القانون عشاق الفوضى، وليشتموا الحكومة ليل نهار كما يطيب لهم، في المقابل سيرضى 90% من سكان قطاع غزة عن تطبيق القانون، وسيهتف من خلف الحكومة كل شرفاء قطاع غزة: نعم للضبط والربط والنظام والاحترام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت