على ماذا تراهنون

بقلم: عباس الجمعة


امام ما يجري في فلسطين والمنطقة وفي ظل الهجة الامريكية المحمومة على ماذا تراهنون حيث ان التاريخ يشهد على مؤامرات الولايات المتحدة يشهد بمواجهة النظم الديمقراطية والتقدمية في العديد من الدول ، وتدخلها في الشؤون الداخلية لها ، ونحن نسأل من الذي يعطل قرار محكمة العدل العليا في لاهاي باعتبار الجدار الفصل العنصري المقام على الأرض الفلسطينية غير شرعي ، ومن يعطي الضوء الاخضر لحكومة الاحتلال العنصرية بفرض وقائع جديدة على الأرض منافية للقوانين الدولية واتفاقية جنيف الرابعة ، ومن يستعمل الفيتو لمنع أية قرارات تدين إسرائيل عن جرائمها المختلفة ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وهذا ليس قدرا لا يمكن تعطيله ، فكفى مراهنة على مفاوضات برعاية امريكية ، وكفى تمسك بنهج ادى الى تدمير كافة انجزات الشعب الفلسطينية ، فالفعل الحقيقي يجب ان يتناغم بين المقاومة بكافة اشكالها ونقل ملف القضية للامم المتحدة لمطالبتها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة .من هنا لا بد من التأكيد أن لب الصراع في منطقة الشرق الأوسط هي القضية الفلسطينية ، وبدون حلها حلا عادلا يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار الاممي 194 القاضي بحق اللاجئين من ابناء الشعب الفلسطيني الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها، فان المنطقة ستبقى مسرحا للصراعات ، ولن تنعم بالهدوء ، والتطور مهما حاولت الادارة الامريكية تقديم المسكنات المختلفة ، والادعاءات بحرصها على دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة ، في حين تتناقض أقوالها وأفعالها مع ادعاءاتها بضرورة أن تكون إسرائيل دولة لليهود ، وفلسطين دولة للفلسطينيين ، وهذه المواقف كرست وقائع جديدة رسخت على الأرض من خلال بناء للمستوطنات رغم قرارات الشرعية الدولية بعدم شرعيتها ، ولا تقر بعودة للاجئين الفلسطينيين لديارهم التي هجروا منها طبقا للقرار 194 ، فكيف تستقيم هذه التناقضات ، أليست هذه الحقائق والوقائع والتجارب تؤكد أن العدو الحقيقي للبشرية ولشعوب العالم النظام الرأسمالي العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ، بعولمتها المتوحشة ، وطغيانها على العالم .
ان الشعب العربي - الفلسطيني الذي يمتلك تراثا وحضارة ، وقيما وتقاليد مجيدة ، يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلى منذ عام 1948 ، وهو يصارع من أجل الحرية والاستقلال والعودة ، وإن المصلحة الوطنية العليا لشعبنا تستدعي من مختلف القوى والفصائل وقفة جدية ملتزمة إزاء استحقاقات إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وعدم انتظار التطورات والظروف لتفعل فعلها الإيجابي أم السلبي اتجاه تحقيق هذا الهدف فبقاء الوضع على حاله يزيد الأمور تعقيداً على مختلف الصعد حيث تزداد عوامل التفرقة والانقسام في ظل تعاظم التهديدات على المشروع الوطني والقضية الفلسطينية بما يعزز فرص فرض الأجندات على الشعب الفلسطيني وبما لا يتلائم ولا يتفق مع مصالح الشعب ومقتضيات وضرورات تطوير النضال الوطني وفضح وتعرية السياسات العنصرية الصهيونية والتي تمارس كل صنوف الإرهاب والبربرية ضد الشعب الفلسطيني وهي فالته من عقالها لغياب العدالة الدولية والردع لدى الهيئات والمؤسسات الدولية والتي اكتفت وعلى مدار أكثر سنوات طويلة من الإدانة والتعبير عن الإسناد والاستنكار لممارسات الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
ان تطوير الإرادة الدولية واجب وطني وقومي وإنساني لان نضال الشعب الفلسطيني في سبيل استعادة حقوقه، ومن أجل إقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وتحقيق أهدافه الوطنية المشروعة في عودة اللاجئين الفلسطينيين، إلى كل ما هنالك من متطلبات الشعب الفلسطيني نحو الحرية والعودة والاستقلال والسيادة ستكون مؤجلة، وغير قادرة على أن تأخذ مسارها إلى النور في ظل الانقسام الداخلي ، والحل الوحيد يكمن بالعودة خطوة إلى الوراء باتجاه الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال حراك داخلي فلسطيني كخطوة باتجاه الوحدة ، وتشكيل جكومة مؤقتة تشرف على انتخابات تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني بشكل متوازي، وتفعيل منظمة التحرير بانضمام كافة القوى إليها.
في ظل هذه الظروف اصبح لا بد من النهوض الوطني الناجح الى بر الأمان على كل المستويات والصعد بحيث نكون قادرين على تطوير الفعل والاداء الوطني ومراجعة مسيرة النضال الوطني بإيجابياتها وسلبياتها بما يعزز القدرة على إيجاد استراتيجية وطنية بمشاركة كل المكونات الوطنية والشعبية وبما يوفر الفرصة لمواجهة كل الأخطار والتهديدات للقضية الفلسطينية ومستقبل النضال ربما يمكن الجميع من إعادة بناء المؤسسات على أسس وطنية جامعة وديمقراطية وتوفر فضاءات سياسية وتنظيمية وكفاحية وتتمكن من عبور حالة العجز التي يعيشها الشعب الفلسطيني إلى مرحلة نهوض وطني جامع على كل المستويات ، كما تتطلب رفض الدور الأمريكي وما يحمله كيري من سلام اقتصادي والتوقف عن سياسة الانتظار وإعلان موقف وطني جريء وصريح بوقف عملية التفاوض باعتبارها عبثا لا طائل منه وكلف ويكلف الشعب الفلسطيني مزيد من دفع الأثمان الباهظة لعدو استمر في سياسة الإجرام بحق الشعب ووجوده وبحق الأرض والشجر والحجر وتحميل الأسرة الدولية مسؤولية الفشل في مواجهة العربدة والغطرسة وإدارة الظهر الصهيونية للأعراف والمواثيق والقرارات الدولية فانتهاكاتها وحدها كفيلة بمعاملتها معاملة حكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وعزلها دولياً بدلا من محاولات استرضاءها رغم كل جرائمها وإرهابها وعنصريتها التي لا مثيل لها في التاريخ الإنساني وهذا يتطلب اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وفعلها ودورها في كافة المحافل والمنتديات الدولية إعلاءً للحقوق المشروعة والغير قابلة للتصرف في فلسطين.
ختاما : لا بد من القول يجب على جميع الفصائل والقوى التوحد والعمل من اجل ان يكون هناك ورشة عمل حقيقية من أجل رسم استراتيجية وطنية تستند للثوابت وقرارات الاجماع الوطني والمقاومة بكافة اشكالها ، في هذه اللحظة الراهنة ، كما يتطلب تفعيل وإنضاج عوامل وأدوات العمل الوطني والشعبي وأساندها بكافة الوسائل في واقعنا الراهن ، وعلينا بدلا من انتظار اي حل ، العمل على إعطاء الأولوية لمهمة تعزيز صمود شعبنا حتى تحقق النصر.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت