... اذا كان هناك من يعتقد انه بالإمكان تحرير فلسطين من الدوحة فهو يعيش في أحلام اليقظة،فالدوحة هي من تحتضن اكبر القواعد الأمريكية على أراضيها،والدوحة لربما هي رأس المشروع الأمريكي في المنطقة،حيث تستثمر قوتها المالية والنفطية والإعلامية(فضائية الجزيرة) في خدمة هذا المشروع،المشروع قائم على تعميم سياسة الفوضى الخلاقة على كامل المنطقة العربية،وهو قائم على تجزئة وتقسيم وتذرير وتفكيك الجغرافيا العربية وإعادة تركيبها عبر مشروع استعماري جديد،ليس على غرار مشروع سايكس- بيكو،تقسيم الوطن العربي على أساس الجغرافيا،بل المشروع يقسم الوطن العربي مذهبيا وطائفياً وعلى أساس الثروات والعوائد،وقطر تسهم في هذا المشروع بملياراتها وأسطولها الإعلامي،وضمن ذلك اوكلت إليها مهمة تطويع حركة حماس،هي والعديد من الأقطار العربية والإقليمية وفي المقدمة منها مصر وتركيا،وجاءت الأزمة السورية حيث نجحت قطر وشركائها في مساعيها،نحو إخراج حماس موقفاً ونهجاً وسياسة من معسكر ايران- سوريا- حزب الله،والوقوف الى جانب ما يسمى بقوى "الثورة السورية"،ليس عبر المواقف السياسية والإعلامية فقط،بل وصل بها الأمر حد المشاركة معها في حربها ضد النظام السوري،هذا النظام الوحيد الذي حضنها ووفر لها كل مقومات الوجود والدعم والحركة وغيرها،في وقت تنكر لها اقرب حلفائها الان قطر ومصر وتركيا،وهذا الموقف من سوريا،تم سحبه على حزب الله أيضاً،هذا الحزب الذي دعم وساند حماس،والذين قادتها أكثر من مرة اكدوا على التحالف الإستراتيجي معه،كشريك وحليف في المقاومة،وأشادوا بدوره سواء على صعيد إحتضان مبعدي مرج الزهور،وتوفير كل سبل الدعم لهم،وكذلك إيصال السلاح الى حماس في قطاع غزة،وما ترتب عليه من إستشهاد العديد من أعضاء الحزب في سبيل ذلك،ومع استعار نار الأزمة السورية،وتصاعد هجمة الإخوان المسلمين على النظام السوري،وتجند قيادات الإخوان العالمية في هذه الحرب،حيث شن المفتي القرضاوي مفتي"الناتو" هجوماً كاسحاً على النظام السوري وحزب الله،في فتاو مذهبية وطائفية تؤجج الفتن،وتنقلها من المستوى الرسمي الى المستوى الشعبي،وجندت حماس والإخوان المسلمين الكثير من أئمة الجوامع والمساجد في الأقطار العربية بما فيها غزة والضفة الغربية لمسلسل الردح والشتم على سوريا وحزب الله وايران،والتحريض عليهم بالوقوف ضد الإسلام وتشويهه والدعوة الى محاربتهم وقتالهم ونبذهم،وليصل الأمر في البعض والذي لم يقدم لفلسطين شهيداً او معتقلاً،ان يدعو الى شد الرحال والجهاد في الشام،في وقت لا يجاهدون فيه ضد من يحتلون الأقصى وفلسطين والعراق،وتصاعدت الإتهامات بالكفر والخيانة والمجوسية والروافض والنصيرية وأعداء الإسلام ضد سوريا وايران وحزب الله ،ليصل الأمر حد وصف سماحة الشيخ حسن نصرالله،بالشيطان وحسن اللات وغيرها،جاء ذلك في فتاوى للقرضاوي أطلقها بعد دخول حزب الله على معركة القصير الى جانب الجيش السوري،تلك المعركة التي تحدثت الأنباء عن تورط حماس فيها،وطلب حزب الله من قيادة حماس في لبنان مغادرة المربع الأمني(الضاحية الجنوبية) إحتجاجاً على ذلك،والشيء اللافت ان القرضاوي،كان يبث سمومه من جوامع قطر،بحضور لفيف من قيادات حماس،ولعل تصريحا للقرضاوي ضد سماحة الشيخ حسن نصر الله بوصفه بالشيطان وحسن اللات احدث شرخاً داخل حماس،حيث ان جزء من كتائب الشيخ عز الدين القسام،قالت بانها لن تفك تحالفها مع حزب الله وايران لصالح دولارات قطر،ومع تصاعد الأزمة السورية وتداعياتها وخصوصاً بعد نجاح الجيش السوري في تحقيق نجاحات وإنجازات هامه في معاركه ضد قوى جبهة النصرة والتكفيرين والإخوان المسلمين وما يسمى بالجيش الحر،فإن الصراع داخل حماس مرشح للتصاعد،ففي الوقت الذي ترتمي فيه العديد من قيادات حماس في أحضان امير قطر وقصوره،هناك من قيادتها من رفض ذلك ورتب لزيارة الى طهران.
إن حماس التي ما إنفكت تزايد على فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية بالمقاومة،لا ادري كيف لها أن تقود المقاومة من قطر،قطر التي تقود مشروعاً من اجل تصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،بدء بالتعديلات على المبادرة العربية،تعديلات تستهدف التنازل عن الأرض الفلسطينية وعن قرارات الشرعية الدولية الخاصة بهذه الحقوق،حيث الحديث عن تبادل أرض فلسطينية بأرض فلسطينية في المرحلة الأولى من هذه المبادرة،والشيء الخطر في ذلك هو المرحلة الثانية من تلك المبادرة،ألا وهي التنازل عن حق العودة وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين،فما تريده أمريكا من قطر،هو إقرار التعديلات على المبادرة العربية من خلال الجامعة العربية،وخاصة الإعتراف بيهودية الدولة،فهي ترى بأنه إستناداُ الى إنشغال العرب بأوضاعهم الداخلية،فإن الفرصة مؤاتية في ظل الضعف والإنقسام الفلسطيني والإنهيار العربي الى إقرار ذلك من الجامعة العربية،والشي المريب هنا بأن حماس"المقاومة" لم تحرك ساكناً تجاه ما تقوم به قطر من عبث بالقضايا العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية،ومن حق الناس وشعبنا الفلسطيني القول بان حماس جزء من المشروع والتحرك السياسي الذي تقوده قطر.
حماس عليها أن تدرك جيداً بأن استمرار إنطوائها تحت العباءة القطرية،لن يساهم في تقوية وتعزيز المشروع الوطني الفلسطيني،او تصعيد المقاومة،فالدوحة ليست هانوي،فهي جزء من المشروع الأمريكي في هذه المنطقة،وامير قطر هو صاحب نظرية الإستجداء والتسول على أبواب البيت الأبيض والمؤسسات الدولية،والمسوق لثقافة الهزيمة،وصاحب مقولة النعاج،وعلى حماس ان تراجع سياساتها وحساباتها قبل فوات الاوان.
القدس- فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت