الأهم من ليلة العمر ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة


جاءها في الصباح الباكر عريس الغفلة، والذي تحلم به أي فتاة.. كان شابٌ بهي الطلعة، مرموق،و من أسرة ثرية اصطف بسيارته الكاديلاك سي تي أس 2013 ،والمزينة بأبهى الألوان ،لم تكن العروس وحدها تنتظر ،بل أخواتها وبنات خالاتها،وبنات عماتها كلهن قد انضغطن في السيارة كانضغاط الغاز في الجرار ،وانطلقت السيارة بسرعة، وسط ضجيج أغنيات الحب والهيام المنبعثة من مكبرات الصوت بالسيارة ،وكيف لا فكل شيء مباح في هذه الليلة.. الأغاني ،والرقص ،والعري والتبرج والاختلاط ..إنها ليلة الزفاف ..ليلة العمر كما يطلقون عليها.. بل أجمل ليالي العمر لأنها بداية لمرحلة جديدة ،وحلم جديد هي بداية سيل العسل ،وما أن وصلت السيارة إلى الكوافيرة إلا ونزل الركب على عجالة لأن كل شيء في هذه الليلة يحتاج إلى سرعة في الإنجاز ،وصولا بتحقيق الهدف الاستراتيجي الهام ألا وهو "عش الزوجية السعيد "،راحت العروس تزينها الكوافيرة ،وتضع لها المساحيق ،والمركبات ، والكريمات ،والأنزيمات ..!! إن الناظر إلى تلك الحالة يشعر لأول وهلة انه في معمل لتحضير غاز الأكسجين، أو النيتروجين ،ولن يصدق ما يجري في مثل تلك الغرف المغلقة ، من تجميلات متكلفة من تنميص للحواجب ، وطلاء للأظافر، ناهيك عن المسكرة والمسخرة، وقص الشعر ، وفرد، وشد ،ولطم لبشرة الوجه ووضع وصلات مستعارة لكي تصبح أشبة ماتكون في الحسن ِ بحوافر البغال ..!!،فكل شيء في هذه الليلة مستعار ..الفستان والباروكة ،والصالة، والفيديو،ورتل السيارات الطويل .. هي مصارعة حرة بكل المقاييس لكن من دون أي إراقة للدماء ..وفي أثناء تلك الأجواء الساخنة في كل شيء ،وعلى مقربة من المكان سمعت العروس صوت آذان صلاة الظهر،انتابها ،قلق وقشعريرة انتفض لها كل كيانها ،توترت أعصابها لأنها ملتزمة فلم تؤخر من قبل الصلاة ،ولكن هذه المرة لن تستطيع أن تصلي لا الظهر ولا العصر وفي المغرب ستكون بصالة الأفراح ،سيطرت عليها النزعة العقائدية التي دائما تحركها كالبوصلة نحو بر الأمان ،هي في تلك الحالة الحرجة أصبحت حيرى ،وماذا ستفعل ،و كيف يمكن لها تتوضأ في تلك الحالة ..هي تدرك جيدا أن الشائع في قلب العادات والتقاليد في المجتمع العربي أنه كل شيء في هذي الليالي مباح حتى الصلاة مباح لها أن تقضيها في وقت متأخر وتعرف أن هناك من يسقط الصلاة في هذا اليوم ..فهناك ما هو أهم بالنسبة لهم ، وهو التحضير الرئيسي لليلة العمر ،وسوس إليها الشيطان أيتها الحمقاء لا تفعلي ما يجول بخاطرك ..ثم كيف تخالفين وحدك متحدية كل العادات والتقاليد ..سيسخر منك الجميع،ويمكن أن يصل الأمر إلى الطلاق ..إن زوجك تتمناه فتيات كثيرات ، أيتها البلهاء لا داعي للتعقيد الأمر طبيعي ،وفي غاية البساطة ،هكذا وسوس إليها الشيطان، لكنها فجأة انتفضت من مقعدها وجرت لتنظف وجهها من كل المساحيق ،والملطخات مغادرة المكان ،دون أدنى اكتراث ،ووسط ذهول الجميع خرجت تجري ،بعدما ارتدت عبأتها مرددة الصلاة ..الصلاة ..!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت