لاتوجد مواقف محرجة ومسيئة أكثر من تلك المواقف التي تبدد آمالك وطموحاتك في الحياة عندما تواجه أصحاب عقول متعلمة ومثقفة ومتميزة, وذات مكانة علمية مرموقة وذو خبرة في شتى مجالات الحياة المختلفة, ولكنها مع الأسف تحمل أفكارا سيئة وسوداوية متعصبة, رغم اكتسابها تجربة غنية في الحياة لأنها شاهدت وعايشت فترات مختلفة ومراحل تاريخية من حياة الشعب الفلسطيني في هذا الوطن, ابتداءا ما قبل الانتفاضة الأولى وحتى الانقلاب ونتائجه والذي نزف خلاله دماءً بريئة وطاهرة جرحت واذت الكثير من مشاعر الناس وقيمهم الإنسانية, وفرض فيها الفريق المنتصر آراؤه وسياساته0 نتيجة لذلك, انتشرت الكثير من الآراء والمفاهيم والمصطلحات بين أبناء شعبنا مثل: اليمين الرجعي, واليساري, والانتهازي,والشيوعي, والمتاسلم, والبرجوازي, وغيرها من هذه المصطلحات التي أوصلتنا إلى درجة أكثر من التعصب التنظيمي الأعمى الذي أدى إلى ازدياد الكره بين أبناء الشعب الواحد, وتخلف القضية والوطن الذي قدم ألاف الشهداء الأبرار من اجل التخلص من هذه المفاهيم والمصطلحات القديمة, وإرساء قيم التسامح, والمحبة, والوحدة, والتكافل, وغيرها من القيم النبيلة السامية التي كانت تميز مجتمعنا وكانت دائما عنوانه في أحلك الظروف. 0ورغم هذه الظروف القاسية والمشاكل والصراعات التي يمر بها الشعب والوطن, ورغم آلامها ومرارتها إلا أنها تعتبر في بعض جوانبها تجربة ذات بعد انسانى يجب أن نستخلص منها الدروس والعبر, وإن نستفيد منها خلال حياتنا اليومية في علاقاتنا الأخوية حتى يكون لدينا الاستعداد والقدرة على تجاوزها بسهولة, مما سيساعدنا على التطور والتقدم, أما إذا اتبعنا أصحاب العقول والأفكار السوداء المتعصبة التي تفضل أن تعيش على المشاكل والصراعات والخلافات بدون التفكير في تجاوزها والخروج منها, وبدون استخلاص الدروس والعبر والاستفادة منها, فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة ولن نخرج من مشاكلنا ونتطور لان عقولهم قد توقفت عن التفكير وحكموا على أنفسهم بان يظلوا سجناء لخلافاتهم وصراعاتهم وأفكارهم السوداء لعدم رغبتهم في استخدام العلم والأفكار الحديثة في تطور المجتمعات وعدم الانطلاق بها للتقدم والتطور والنمو،لان هذا سيكشف عوراتهم وعيوبهم ومساوئهم وسيبعدهم عن مصالحهم الحزبية والشخصية 0إن مايؤثر في النفس ويؤلم المشاعر الإنسانية, مايحدث اليوم من ظلم مرير وقاسي ومؤثر يجرح مشاعر الإنسان ويدمره داخليا, ويتسبب له في مشاكل اقتصادية, واجتماعية, وضياع لكرامته, وكبت لحرياته, وانعدام للعدل, وعدم الشعور بالمواطنة المتساوية, لذلك فهي فعلاً فترة متخمة بالآلام والجراح وهي صعبة التحمل ولها تداعيات سلبية وكثيرة على نفسية وحياة ومشاعر الكثير من أبناء شعبنا, لذلك كانت هذه العقول المتزمتة سببا قويا لدى البعض الآخر في تحمل مسؤوليتهم في تحقيق الأهداف السامية والنبيلة في للدفاع عن الحق والعدل, والقضاء على الجور, ومحاولة إيقاف الظلم والمعاناة وكذلك لأن الاستسلام يعنى السماح لهذه العقول الظلامية المتخلفة بالاستمرار في نهجها وبث سمومها في المجتمع الفلسطيني 0 إن الشئ الذي لا يقبله العقل والمنطق هو أن تتدخل نوايا وأهداف وايدولوجية أصحاب العقول والأفكار السوداء في سلوك الناس, وان تفرض عليهم أفكارهم ونظرياتهم, ورغباتهم الشخصية, وهذا بسبب عدم رغبتهم في التعاون بينهم وبين الآخرين للخروج في حل يرضي الشعب ويريح الجميع 0إن مايبعث القلق والتردد في النفس هو رفض أصحاب العقول المنغلقة والمتعصبة الأطروحات والأفكار التي تقدم لهم الحل قضايا ومشاكل الوطن والشعب, ولكن هذه الأفكار والأطروحات لا تنسجم مع أهدافهم وأفكارهم ومصالحهم الخاصة من وجهة نظرهم, والتي يمكن أن تضعك أمامهم في موضع اتهام, وهذا هو الزمن السيئ والردئ الذي نعيشه0إن سوء ورداءة هذا الزمن الخرابيشى عكست نفسها على حياتنا, ومبادئنا وأخلاقنا, حيث أصبحنا لا نقدر بعضنا البعض بدلا من التعامل على أساس شركاء لا أجراء في هذا الوطن, ومن اجل أن يكون هناك تتطابق بين المبادئ والقيم والأهداف التي ننادي بها والواقع التي نعيشه, لان هذا سيقود إلى صدق الأهداف والأفكار وتطبيقها على ارض الواقع مما سيوحدنا على الأرض لنقف صفا واحدا في مواجهة عدونا الصهيوني لان مايجرى على الساحة الفلسطينية لايخدم إلا هذا العدو الغادر0
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت