يقول بن غوريون، اول رئيس وزراء للكيان الصهيوني (ان أمن "اسرائيل" يمتد من الباكستان شرقا حتى المغرب غربا، ومن تركيا شمالا حتى جمهورية افريقيا الوسطى) ويفهم من هذه العبارة ان أمن الكيان الصهيوني غير مرتكز على الاراضي الفلسطينية فقط، وانما يمتد ليشمل مناطق تفوق مساحة المنطقة العربية كما هو مبين بقوله ليصل هذا الامن الى الباكستان، ومن يتفحص داخل هذه الحدود الامنية المحددة سيجد بان هذه الدول تعيش اضطرابات داخلية وحروبا اهلية، ولا يوجد بها استقرارا سياسيا ولا اقتصاديا.
المشروع الصهيوني قائم اصلا على التوسع من خلال الاستيلاء على الارض والاستيطان وان مصادرة المزيد من الاراضي وبناء المزيد من الوحدات السكنية وحرق الاشجار وقلعها، كلها تصب بجوهر المشروع الصهيوني، حيث يعتبر الكيان الصهيوني ان الارض التي يقيم عليها او يستولي عليها اليهودي هي ارض "اسرائيل" فرئيسة وزراء الكيان غولدامائير قالت في 10-7- 1969 مخاطبة الجيش الاسرائيلي: "ان الآخرين لم يحددوا ولن يحددوا حدودنا، اذ أنه في اي مكان تصلون اليه وتجلسون فيه يكون هو حدودنا".وتقول ايضا عام 1971: "ان الحدود الدولية الاسرائيلية تحدد حيث يتوطن اليهود". كما ان العقيدة الصهيونية تعتبر ان حدود الكيان الصهيوني تمتد من النيل الى الفرات، وهنا يؤكد عليها بن غوريون بكلمته عام 1950 أمام طلاب الجامعة العبرية :"إن هذه الخريطة ليست خريطة دولتنا، بل ان لنا خريطة أخرى عليكم أنتم مسؤولية تصميم خريطة الوطن الاسرائيلي، الممتد من النيل الى الفرات".!
وان عدوان عام 1967 واحتلال المزيد من الاراضي العربية، اكدت منذ اليوم الاول على الاطماع الصهيونية بالاستيلاء على مزيد من الاراضي العربية، ,وأن اطماعهم لم تتوقف عند هذه الحدود وان الموضوع الديني ايضا عاملا من عوامل الاستمرار بالعدوان والتوسع، ولم يخفي الصهياينة اطماعهم بالحجاز والاستيلاء عليها حيث قالت غولدامائير بعد هزيمة عام 1967 وفي زيارة الى أم الرشراش- ايلات- : "انني أشم رائحة أجدادي في الحجاز، وهي وطننا الذي علينا أن نستعيده".! وقال موشيه دايان وزير الدفاع السابق بنفس السياق في هذه المناسبة:"ألآن أصبح الطريق مفتوحا أمامنا الى المدينة ومكة".! ويوم احتلاله ودخوله مدينة القدس في (7/6/1967م) قال دايان : لقد وصلنا أورشليم ومازال أمامنا يثرب وأملاك قومنا فيها.
ان تحقيق المشروع الصهيوني يحتاج الى مزيد من التوسع والاستيطان، وان عمليات الاستيلاء على الاراضي والاستيطان التي ترتفع وتيرتها بالاراضي الفلسطينية خلال الفترة الحالية، وان الادعاءات الدينية التوراتية التي تدعي بحقوق اليهود هي تصب بالاساس بخدمة المشروع الصهيوني الرامي الى مزيد من التوسع والاستطان لاستقطاب يهود العالم للهجرة الى فلسطين ومن اجل الاستيلاء على الاراضي، وان الحروب والصراعات الداخلية والطائفية التي تشهدها بعض الدول العربية كلها تصب بجوهر العقيدة الامنية الصهيونية الرامية الى تفتيت القدرات العربية للتصدي للمشروع الصهيوني ايضا، لان حالة العداء الطائفي وامكانيات التقسيم التي تنذر بها المنطقة العربية مهدت الطريق له لمزيد من التوسع والاىستيطان تمهيدا لمزيد من الحروب القادمة التي يخطط لها هذا الكيان للاستيلاء على مزيد من الاراضي، فيقول رافائيل ايتان رئيس اركان قوات الدقاع "الاسرائيلية" حيث نشرتها نيويرك تايمز 14/04/1983 "عندما نقوم باستيطان الأرض، كل ما يستطيع العرب القيام به وسيكونوا مثل الصراصير المخدرة التي تهرول في زجاجة".
فعقيدة التوسع والاستيطان لدى هذه الكيان والحركة الصهيونية ما زالت عقيدة ثابتة، وان القضية الامنية التي يعني بها قادة هذا الكيان تاتي من وحي تذليل كافة العقبات التي تحول وتقف عقبة امام تنفيذ المشروع الصهيوني، وهذا مما ينذر الى مزيد من الحروب التي ستشهدها المنطقة مستقبلا، وهذا يفرض على كافة القوى بالمنطقة العربية المتواجدة ضمن الحدود الامنة التي حددها بن غوريون اعلاه ان تأخذ بعين الاعتبار وان تعي حقيقة الاهداف الصهيونية للتصدي للمشروع الصهيوني الرامي الى مزيدا من التوسع والاستيلاء على الاراضي، وان تعي كافة القوى العربية بغض النظر عن ايديولوجيتها او توجهاتها السياسية او الدينية جوهر المشروع الصهيوني واهدافه، حيث تتطلب المرحلة الحالية مزيدا من رص الصفوف والتكاتف العربي والاسلامي من اجل الحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني الذي بطبيعته لا يستثني احدا منه سواءا كان قوميا او اسلاميا.
جادالله صفا – البرازيل
18/06/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت